قال أحد أعضاء لجنة الخبراء التي كانت كلفتها بلدية قرطبة البت في ملكية مسجد المدينة الشهير المتنازع عليه بين البلدية والكنيسة الكاثوليكية إن اللجنة قد أنجزت وضع تقريرها النهائي الذي يؤكد «أن ملكية المسجد، الذي أدرجته منظمة اليونيسكو على قائمة التراث العالمي، تعود للبلدية». وأضاف أن اللجنة ستطلب إلى الحكومة الحالية إلغاء صكوك الملكية التي سجلتها الكنيسة منذ عام 1998، عندما أصدرت حكومة خوسيه ماريا آزنار مرسوماً يجيز لها تسجيل ملكية أماكن العبادة التي كانت ضمن الملك العام منذ 12 قرناً. ويُذكر أن نائب رئيس الحكومة الحالية، كارمن كالفو، كانت عضواً في هذه اللجنة بصفتها أخصائية في القانون الدستوري.
ويشير تقرير اللجنة الذي اطلعت «الشرق الأوسط» على ملخص له، إلى عدم وجود أي أثر تاريخي يثبت ملكية الكنيسة للمسجد قبل عام 2006، وأن المبنى كان دائماً خاضعاً للإدارة العامة، كما أن أرشيف الكاتدرائية لا يتضمن أي سند ملكية للمبنى رغم استخدامه للعبادة.
ويقول آليخاندرو غارسيا، أستاذ التاريخ الوسيط في جامعة ويلفا: «إن الكنيسة وضعت يدها على المبنى، لكنها لم تبرز أي قرينة قانونية على ملكيته»، ودعا إلى اعتماد صيغة من أجل إدارة المبنى استناداً إلى معايير مهنية، مثل قصر الحمراء، وليس إلى معايير طائفية.
ومن المنتظر أن تثير الاستنتاجات التي يتضمنها التقرير أزمة بين الكنيسة والحكومة، التي يطالبها التقرير بإلغاء سندات الملكية التي سجلتها الكنيسة باسمها بين عامي 1998 و2015 لآلاف الكاتدرائيات والكنائس والأديرة والعقارات التي كانت خاضعة للإدارة العامة.
ويقول رئيس اللجنة والمدير العام الأسبق لمنظمة اليونيسكو خايمي مايور: «إن تغيير الملكية باطل لأنه يستند إلى أحكام انتقالية وإجراءات غير قانونية»، ويدعو بلدية قرطبة، التي أصبح التقرير في عهدتها، إلى رفعه في أقرب فرصة إلى الحكومة كي تتخذ الإجراءات المرعية.
ويذكر أن الكنيسة كانت قد سجلت ملكية المسجد في السجل العقاري عام 2006 مقابل رسم قدره 40 دولاراً، ويُقدر عدد السياح الذين يزورون المسجد سنوياً 1.8 مليون سائح يدفع كل منهم رسم دخول قدره 12 دولاراً.
على الصعيد القانوني، يقول أحد الأخصائيين إن الحكومة بإمكانها أن تُصدر تعميماً على السجلات العقارية لإلغاء السندات المسجلة، لتعارضها مع حقوق الإنسان استناداً إلى قرارات صادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، التي سبق وأدانت الدولة الإسبانية ووصفت إجراءات التسجيل بأنها اعتباطية.
وكانت منظمات أندلسية غير حكومية قد حاولت في الماضي دفع البرلمانَيْن، الإقليمي والوطني، إلى الطعن في دستورية القوانين الفرنكية التي توازي بين الكنيسة والإدارة العامة وتعتبر الأساقفة بمثابة موظفين في القطاع العام. وقد فشلت تلك المحاولات لعدم تجاوب الحزب الاشتراكي الذي يبدو أنه قد بدل موقفه الآن.
الكنيسة لم تعلق بعد على القرار الذي لم تُكشف تفاصيله وصيغته الكاملة، ولم يصدر عن الحكومة أي تعليق بشأنه. لكن يقول مصدر في الحكومة الإقليمية الأندلسية: «إن المسجد ملكٌ للجميع، وعلينا أن نحترم التقاليد والتاريخ. التسجيلات العقارية التي قامت بها الكنيسة في كل أنحاء إسبانيا بفضل قانون اعتباطي وضعه الحزب الشعبي، لا يمكن القبول بها». وحذر من أن تسجيل ملكية المسجد أو أي مكان آخر للعبادة يجعل منه ملكاً خاصاً يمكن بيعه، مضيفاً: «تصوروا أن تقرر الكنيسة يوماً أن تبيع المسجد!».
خبراء إسبان يطالبون بإلغاء ملكية الكنيسة لمسجد قرطبة
خبراء إسبان يطالبون بإلغاء ملكية الكنيسة لمسجد قرطبة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة