مهرجان سينمائي يعيد الشاشة الذهبية إلى القرية اللبنانية

تقام في بقعة ريفية من بلدة القبيات الشمالية

«طاحونة موسى» الموقع التاريخي الذي يحتضن مهرجان «ريف أيام سينمائية وبيئية» في بلدة القبيات
«طاحونة موسى» الموقع التاريخي الذي يحتضن مهرجان «ريف أيام سينمائية وبيئية» في بلدة القبيات
TT

مهرجان سينمائي يعيد الشاشة الذهبية إلى القرية اللبنانية

«طاحونة موسى» الموقع التاريخي الذي يحتضن مهرجان «ريف أيام سينمائية وبيئية» في بلدة القبيات
«طاحونة موسى» الموقع التاريخي الذي يحتضن مهرجان «ريف أيام سينمائية وبيئية» في بلدة القبيات

على مسافة قريبة من ساحة بلدة القبيات وبالتحديد عند طاحونة موسى التي تتوسطها، تقام سهرة سينمائية يعرض خلالها 7 أفلام قصيرة في 15 و16 الجاري. وترتبط مواضيع الأفلام ارتباطاً مباشراً بالأرض والريف اللبناني، الذي تعد القبيات جزءاً منه، لا سيما أنها كانت في السبعينات مقصداً لهواة الشاشة الذهبية من خلال صالة سينما «بيكاديلي» التي جرفتها المدنية بعد شق طريق عريض مكانها.
ويهدف المهرجان بالدرجة الأولى إلى إخراج العروض السينمائية من دائرة المدينة، وجمعها تحت سقف واحد بأجواء الريف اللبناني. ففيما يشهد اليوم الأول من هذا النشاط، اليوم 15 سبتمبر (أيلول) سهرة سينمائية يعرض خلالها 7 أفلام قصيرة، فإنه يحتفل غداً ببيئة القرية التي يتميز بها لبنان لينطلق المشاركون في جولة بيئية منذ ساعات الصباح للتعرف على كنوز الطبيعة في عكار. فيسيرون في جبال ووديان ويمرون بغابات أشجار يندر وجودها إلا في هذه المنطقة من لبنان، كالشوح الكيليكي الموجود فقط في عكار والضنية إضافة إلى التعريف بغابة الأرز في عكار وغابة أشجار اللزاب والعزر. ومن ثم يقام غداء قروي في الطبيعة تقدم فيه أطباق تقليدية يشتهر بها أهالي عكار يحضرونها بأنفسهم. وسيتخلل النشاط افتتاح معرض صور لوجوه من الريف العكاري للمصور الفوتوغرافي رودريك زهر.
«سنحاول قدر الإمكان الجمع بين الفن السابع والريف اللبناني المتعطش أهله لهذا النوع من الفنون». يقول أنطوان الضاهر رئيس المجلس البيئي والصالون الثقافي في بلدة القبيات والمسؤول عن تنظيم هذا الحدث بالتعاون مع جمعية «السينما بيروت دي سي» و«مهرجان طرابلس للأفلام». ويضيف في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لقد سمينا هذه الدورة بـ(الصفر)، على أمل أن تنضم إليها دورات أخرى على مدى السنوات المقبلة. كما نحضر لتنظيم مهرجان سينمائي أكبر وأوسع في المستقبل يحاكي تطلعات هواة هذه الفنون بكل معاييرها».
7 أفلام قصيرة صورت في مناطق ريفية مختلفة تعكس ما تختزنه جغرافيا لبنان الريفية، تتناولها هذه الأعمال التي ستواكبها تقاليد تضيء على الأمور التي تتميز بها القرية اللبنانية، كالخبز على الصاج الذي ستتولى تحضيره نساء البلدة أثناء العروض.
وتتضمن لائحة الأفلام «شكرا ناتكس» إخراج إيلي خليفة وألكساندر موني (13 دقيقة) و«كارغو» لكريم الرحباني (20 دقيقة) و«أرض أبي» لموريال أبو الروس (15 دقيقة). كما ستشهد هذه الأمسية عرض أفلام أخرى كـ«خسوف» لبسمة فرحات (18 دقيقة) «وساب مارين لمنيا عقل (20 دقيقة) و«طفر» لزاهر جريديني (20 دقيقة) و«زيارة الرئيس» من إخراج سيريل عريس (19 دقيقة).
ويتم عرض هذه الأفلام في الهواء الطلق على مساحة تتسع لنحو 400 شخص فتكون الطاحونة الأثرية على يمينهم والشاشة الضخمة أمامهم، بحيث يحضرون الأفلام في أجواء القرية الأصيلة وحداثة الصورة السينمائية معا.
«لقد اخترنا موقع طاحونة موسى لإقامة هذه العروض للأهمية الثقافية التي تحملها خصوصا أن تاريخها يعود إلى 150 سنة». يوضح ضاهر الذي أخبرنا بأن هذه الطاحونة تم ترميمها مؤخرا وهي اليوم صالحة للعمل.
ويشير أنطوان ضاهر إلى أن بلدة القبيات لطالما تميزت بنشاطاتها الثقافية فكانت تستقطب شباب منطقة عكار خاصة والشمال عامة، للبرامج الثقافية والفنية التي كانت تنظمها منذ السبعينات. «لقد كنت واحداً من الشباب اللبناني الذي حضر أحدث الأفلام السينمائية في صالة (بيكاديلي) التي كانت تحتضنها البلدة حتى إنها كانت السباقة في تقديم عروض سينمائية عالمية قبل عرضها بأشهر عدة في أوروبا. فكنت أشاهدها لاحقا في باريس خلال متابعتي دروسي الجامعية هناك. فلبنان كان بالفعل منارة الشرق والسباق في تقديم عروض سينمائية لنجوم عالميين قبل أي بلد أجنبي». ويتابع ضاهر: «لم تكن يومها تقنية الفيديو والإنترنت موجودة، فالأمر كان يقتصر على جهازي تلفزيون يقتنيهما بعض أهل القبيات في تلك الفترة. وهذا الواقع كان يعزز ازدهار السينما في البلدة والتي مع الأسف فقدناها منتصف الثمانينات».
وبحسب ضاهر فإن القبيات تخطط لإقامة ورش عمل مع أساتذة سينما ومخرجين معروفين تحفز أبناء البلدة من هواة الفن السابع على تطوير مواهبهم ووضعها في الإطار اللازم لها.


مقالات ذات صلة

جوي فرام لـ«الشرق الأوسط»: أتطلّع لمستقبل سينمائي يرضي طموحي

يوميات الشرق جوي تتسلّم جائزة «أفضل ممثلة» في مهرجان «بيروت للأفلام القصيرة» (جوي فرام)

جوي فرام لـ«الشرق الأوسط»: أتطلّع لمستقبل سينمائي يرضي طموحي

تؤكد جوي فرام أن مُشاهِد الفيلم القصير يخرج منه وقد حفظ أحداثه وفكرته، كما أنه يتعلّق بسرعة بأبطاله، فيشعر في هذا اللقاء القصير معهم بأنه يعرفهم من قبل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق طاقم فيلم «سكر» على السجادة الحمراء (البحر الأحمر السينمائي)

«سكر»... فيلم للأطفال ينثر البهجة في «البحر الأحمر السينمائي»

استعراضات مبهجة وأغنيات وموسيقى حالمة، وديكورات تُعيد مشاهديها إلى أزمان متباينة، حملها الجزء الثاني من الفيلم الغنائي «سكر».

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق «سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

«سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

المفاجأة جاءت مع نهاية الفيلم، ليكتشف الجمهور أن «سلمى وقمر» مستلهمٌ من قصة حقيقية. وأهدت المخرجة عهد كامل الفيلم إلى سائقها السوداني محيي الدين.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق فيلم «الذراري الحمر» للمخرج لطفي عاشور (فيسبوك المخرج)

«الذراري الحمر» رحلة في أعماق العنف والبراءة

يحمل اسم «الذراري الحمر» رمزيةً مزدوجةً تُضيف عمقاً لمعاني الفيلم، فيتجاوز كونه مجرد وصفٍ للأطفال ليعكس روح القصة والرسائل الكامنة وراءها.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق «إلى عالم مجهول» يسلّط الضوء على معاناة اللاجئين الفلسطينيين بأوروبا

«إلى عالم مجهول» يسلّط الضوء على معاناة اللاجئين الفلسطينيين بأوروبا

يجدد الفيلم الفلسطيني «إلى عالم مجهول» للمخرج مهدي فليفل، تسليط الضوء على معاناة اللاجئين الفلسطينيين في أوروبا.

انتصار دردير (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».