أفلام يوسف شاهين المرممة تجتذب المصريين مرة أخرى

سينما «زاوية» تحتفي بذكرى رحيل المخرج بعد افتتاح مقرها الجديد

لقطة من فيلم «المصير» للمخرج الراحل يوسف شاهين  -  سينما «زاوية» بدأت منذ أربع سنوات وأطلقتها شركة مصر العالمية التي أسسها المخرج الراحل يوسف شاهين
لقطة من فيلم «المصير» للمخرج الراحل يوسف شاهين - سينما «زاوية» بدأت منذ أربع سنوات وأطلقتها شركة مصر العالمية التي أسسها المخرج الراحل يوسف شاهين
TT

أفلام يوسف شاهين المرممة تجتذب المصريين مرة أخرى

لقطة من فيلم «المصير» للمخرج الراحل يوسف شاهين  -  سينما «زاوية» بدأت منذ أربع سنوات وأطلقتها شركة مصر العالمية التي أسسها المخرج الراحل يوسف شاهين
لقطة من فيلم «المصير» للمخرج الراحل يوسف شاهين - سينما «زاوية» بدأت منذ أربع سنوات وأطلقتها شركة مصر العالمية التي أسسها المخرج الراحل يوسف شاهين

تشهد سينما «زاوية» في مقرها الجديد، بدار «سينما كريم»، بشارع عماد الدين، وسط القاهرة، إقبالاً كثيفاً من محبي السينما، ممن حرصوا على مشاهدة النسخ المرممة لأفلام المخرج المصري الكبير الراحل، يوسف شاهين. بعدما تم افتتاح السينما الجديدة مساء الثلاثاء الماضي، في خطوة انتظرها عُشاق السينما في مصر، وبخاصة محبو المخرج العالمي الراحل يوسف شاهين. وشهد حفل الافتتاح عرض النسخة المرممة من فيلم «باب الحديد»، بحضور عدد من النقاد، والصحافيين، ونجوم الفن المصري، بينهم الفنانة يسرا اللوزي، والمنتج محمد حفظي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، والمنتج محمد العدل، والفنان أشرف مصيلحي، وغيرهم، إضافة إلى السفير البرازيلي بالقاهرة.
ونال إقبال الجماهير الكثيف على عروض أفلام شاهين إعجاب النقاد السينمائيين، والمتابعين، ولا سيما أن عدداً كبيراً منهم شاهد هذه الأفلام في السينما عند عرضها لأول مرة، إضافة إلى حرصهم على مشاهدتها مرة أخرى بتذاكر جديدة، رغم إتاحة بعضها على شبكة الإنترنت، واحتفاظ الكثيرين من الجمهور بنسخها على أجهزة الحاسوب.
من جانبه، قال يوسف الشاذلي، مدير عام سينما «زاوية»، إنه تم تخصيص 10 أيام لعرض 20 فيلماً من أفلام المخرج الراحل بعد ترميمها، تزامناً مع مرور الذكرى العاشرة لرحيله، وكانت البداية بفيلم «المصير» الذي، وستكون نهاية هذه الفعالية يوم 22 سبتمبر (أيلول) الحالي بعرض 3 أفلام، هي «صراع في الوادي»، و«اليوم السادس»، و«الوداع يا بونابرت»، وأضاف بكلمته في حفل الافتتاح أنه سيتم عقد مناقشة مفتوحة مع بعض المشاركين في تلك الأفلام، للحديث عن ذكرياتهم مع يوسف شاهين، منهم الفنان محسن محيي الدين، الذي شارك في الكثير من أفلام يوسف شاهين، حيث سيحضر عرض فيلم «إسكندرية ليه»، ثم يتحدث في ندوة مفتوحة عن الفيلم.
في السياق نفسه، لفتت المخرجة والمنتجة ماريان خوري، ابنة شقيقة المخرج الراحل، إلى صدفة طريفة خاصة بـ«سينما كريم» ويوسف شاهين، حيث شهدت السينما قبل 60 عاماً العرض الأول لفيلم «باب الحديد»، الذي لاقى حينها هجوماً واسعاً ضد شاهين، حتى من أفراد أسرته، لتعود السينما بعد كل هذه السنوات، وتعرض الفيلم بعد ترميمه، وينال إعجاب الجمهور.
وعن أسباب اختيار تلك الأفلام تحديداً لترميمها وعرضها في الذكرى العاشرة لرحيله، قالت خوري لـ«الشرق الأوسط»، «هناك عوامل كثيرة ساهمت في هذا الاختيار، أولها أننا شعرنا بأن هذه الأفلام تعد الأكثر أهمية في مشوار شاهين، كما كان هناك اهتمام خاص بالأفلام ذات الإنتاج المشترك بين يوسف شاهين وشركات إنتاج أخرى، كما أن الأولوية في الترميم كانت للأفلام التي أُنتجت قبل عام 2000، مثل (اليوم السادس)، (المهاجر)، (الآخر)، (المصير)، و(إسكندرية كمان وكمان)»، ولفتت خوري إلى أن تلك الأفلام ليست الوحيدة التي ستخضع للترميم، فهذه مجرد بداية لمشروع ضخم سيتم استكماله بأفلام المخرج الراحل التي لا تمتلكها شركة مصر العالمية، ثم سيتم ترميم الأفلام التي تمتلكها الشركة، لكنها ليست ليوسف شاهين.
وبعيداً عن مشروم ترميم الأفلام، نوهت ابنة شقيقة المخرج الراحل إلى أن فعاليات تكريم شاهين مستمرة داخل مصر وخارجها، حيث يتم تكريمه في مهرجاني الجونة والإسكندرية السينمائي، كما تقام فعاليات خاصة في فرنسا وألمانيا، حيث سيتم عرض جميع أفلامه وليست المرممة فقط، وذلك ضمن برنامجين لمدة 3 أشهر، إضافة لمعرض صور سيظل لمدة 6 أشهر.
يذكر أن سينما «زاوية» بدأت منذ أربع سنوات، وأطلقتها شركة مصر العالمية التي أسسها المخرج الراحل يوسف شاهين، بهدف نشر الثقافة السينمائية في مصر من خلال عرض مجموعة من الأفلام البديلة، منها عربية ومنها إنتاج جنسيات أخرى متنوعة، كما تسلط «زاوية» الضوء على لأفلام المحلية المستقلة، وذلك من أجل تشجيع شباب المخرجين المصريين والعرب وتسويق أعمالهم وإتاحتها لجمهور السينما، مع تقديم فعاليات خاصة بالتزامن مع عروض الأفلام تتمثل في ورش عمل وندوات حول الأفلام المعروضة، وتشكل سينما «زاوية» استمراراً لنجاح بانوراما الفيلم الأوروبي، التي أصبحت من أهم الفعاليات السينمائية منذ افتتاحها عام 2004.
وعلق سيد أمجد، الذي حرص على حضور عروض أفلام شاهين المرممة على الحدث بقوله «لحسن حظي، حضرت فيلم (المصير) بـ(سينما زاوية) إحياءً لتراث يوسف شاهين، وكانت تجربة لطيفة جداً، وأكثر شيء أسعدني هو اكتمال صالة العرض بالحضور».
وأضاف على صفحته الشخصية على موقع «فيسبوك»، أنه سيحرص على حضور كل العروض حتى الأسبوع المقبل بقوله «للأسف، لم يتح لي مشاهدة أي فيلم لشاهين»، مشيراً إلى أن «عرض أفلامه بسينما (زاوية) سيتيح له فرصة الدخول إلى عقل وفكر يوسف شاهين، وبخاصة بعد نصيحة أحد محبيه له (إن أردت تعلم السينما جيدا... فعليك بمشاهدة أفلام يوسف شاهين)».
«الأفكار لها أجنحة محدش يقدر يمنعها توصل للناس»، إحدى أشهر الجمل السينمائية، التي صاغها المخرج يوسف شاهين في تتر فيلمه «المصير»، تتردد حالياً بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي بالتزامن مع عرض الفيلم بسينما زاوية مرة أخرى. وتكمن أهمية الفيلم في سرده شخصية ابن رُشد، الذي عُرف عنه ميله الواضح إلى الفلسفة، التي لا تقل أهمية عن العلوم الفقهية والطبية، اللتين أجادهما ابن رُشد، لكن شاهين سلّط الضوء أكثر على الجانب الفسلفي والفكري وعلاقته بالسلطة، التي لم تكن على وفاق.


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».