أوروبا تهدد بمعاقبة مخترقي هدنة طرابلس... وأميركا تجدد دعمها للسراج

ترحيب بفرض عقوبات دولية على القائد السابق لجهاز حرس المنشآت النفطية

السراج والقائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا خلال لقائهما في تونس أمس (المجلس الرئاسي)
السراج والقائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا خلال لقائهما في تونس أمس (المجلس الرئاسي)
TT

أوروبا تهدد بمعاقبة مخترقي هدنة طرابلس... وأميركا تجدد دعمها للسراج

السراج والقائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا خلال لقائهما في تونس أمس (المجلس الرئاسي)
السراج والقائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا خلال لقائهما في تونس أمس (المجلس الرئاسي)

ألقت الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي بثقلهما السياسي والعسكري خلف حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج في العاصمة الليبية طرابلس، في مواجهة الشروط الصعبة التي وضعها اللواء السابع، إحدى الميلشيات المتناحرة هناك لقبول هدنة وقف إطلاق النار، على الرغم من تهديدات أوروبية بالمحاسبة في حال خرقها مجدداً.
وفي غضون ذلك استمر الجدل بين فرنسا وإيطاليا حول إمكانية إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قبل نهاية العام الحالي، بالتزامن مع فرض مجلس الأمن الدولي والإدارة الأميركية عقوبات ضد إبراهيم الجضران، القائد السابق لجهاز حرس المنشآت النفطية.
وعقد السراج، أمس، اجتماعاً مفاجئاً في تونس مع الجنرال توماس والدهاوسير، قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم»، وذلك بحضور دونالد بلوم، القائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا. وخلال اللقاء رحب بلوم بإعلان وقف إطلاق النار، ودعوة جميع الأطراف الالتزام بها، مؤكداً التزام بلاده بدعم حكومة السراج في مواجهة خطر الإرهاب، الذي استهدف أخيراً مقر المؤسسة الوطنية للنفط بالعاصمة.
وبحسب بيان لمكتب السراج فقد تناول الاجتماع الجهود المشتركة في مواجهة تنظيمي «داعش» و«القاعدة»، حيث أشار والدهاوسير إلى متابعة قوات «أفريكوم» لفلول هذه التنظيمات، واستهدافها عسكرياً بالتنسيق مع حكومة الوفاق. ومن جهته، عبَّر السراج عن ترحيبه بالتزام الولايات المتحدة بدعم حكومته، ومساعدتها الفعالة في دحر تنظيمات الإرهاب والتطرُّف في إطار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
بدوره، هدد الاتحاد الأوروبي في بيان أمس بأنه مستعد للنظر في خيارات محاسبة كل من يعيق تنفيذ الاتفاقيات الأخيرة، أو يهدد العمل الحر للمؤسسات السيادية التي تعمل لصالح جميع الليبيين، بالتنسيق مع الأمم المتحدة وشركاء آخرين، وقال: «نحن مستعدون لمساعدة جميع الليبيين، الذين يريدون بناء مؤسسات دولة متينة موحدة، خاضعة للمساءلة». معتبرا أنه «حان الأوان للتغيير الحقيقي، ولإنهاء افتراس الموارد الليبية ومناخ الخوف، وضمان الخدمات الأساسية والحريات الفردية التي يطمح إليها الشعب الليبي». كما أوضح أن الهجوم الإرهابي الذي وقع على مقر المؤسسة الوطنية للنفط «أبرز الحاجة الملحة لجميع الأطراف الليبية للالتقاء والتغلب على دوامة العنف والمعاناة اليومية».
وشدَّد البيان على دعم الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بالكامل لجهود الوساطة، التي تبذلها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، بهدف تحقيق الاستقرار في طرابلس، معلناً ترحيبه بوقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه أخيراً في مدينة الزاوية، واتفاق تعزيز وقف إطلاق النار الصادر يوم الأحد الماضي. وكانت بعثة الأمم المتحدة قد استضافت أمس اجتماعاً خُصِّص لبحث الترتيبات الأمنية في طرابلس، وذلك بحضور نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز، ووزير الداخلية عبد السلام عاشور، وعدد من كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين في حكومة السراج.
وجاء ذلك بعد أن جدد اللواء السابع، أحد الأطراف الرئيسية في المعارك المسلحة في العاصمة طرابلس، شروطه لوقف زحفه على العاصمة وإنهاء القتال، الذي تجدد أخيراً بعد هدنة وقف إطلاق النار التي أعلنتها الأمم المتحدة.
وطالب اللواء السابع، في بيان سابق بتشكيل لجنة عليا محايدة «للتشاور مع الأطراف على الأرض قصد الإشراف على حل جميع التشكيلات العسكرية والأمنية غير الرسمية، بصرف النظر عن إجراءات الشرعنة التي تمنحها الحكومة».
وتنفى حكومة السراج أي علاقة لها باللواء السابع، القادم من مدينة ترهونة، وتعتبره مجرد «مجموعة مسلحة خارجة عن القانون»، بعدما تم حلُّه بقرار رسمي منذ فترة.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الإيطالي إنزو موافيرو ميلانيزي إن بلاده تعارض إجراء انتخابات في ليبيا في العاشر من شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، كما تطالب بذلك فرنسا.
وبحسب وسائل إعلام إيطالية فقد قال انزو للجنتي الشؤون الخارجية في مجلسي الشيوخ والنواب: «نحن نعارض الموقف الفرنسي القائل بأن إجراء انتخابات في ليبيا يجب أن يتم في هذا التاريخ»، الذي رأى أنه يجب أن «يُعاد فيه النظر»، ريثما تتوفر فعلياً الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات.
وأضاف الوزير الإيطالي موضحاً: «نحن حتماً لا نسعى خلف نزاع مع فرنسا» حول هذا الملف، لافتاً إلى وجود «بعض وجهات النظر المشتركة» بينه وبين نظيره الفرنسي جان - إيف لودريان فيما خص الأزمة الليبية.
في سياق ذلك، أعربت إيطاليا عن رغبتها في تنظيم مؤتمر حول ليبيا في صقلية خلال النصف الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حسبما صرح وزير الخارجية الإيطالي إنزو مورافو ميلانزي، أول من أمس.
ففي إحاطة للجان الشؤون الخارجية البرلمانية بشأن ليبيا، قال إنزو إن روما تريد عقد المؤتمر هناك «بشكل رمزي»، وفي «أرض تعني رمزيا اليد الممدودة فوق المتوسط»، بحسب وكالة الأنباء الإيطالية (إنسا).
وكانت صقلية واحدة من مكانين مقترحين لعقد المؤتمر، إلى جانب روما. وأضاف مورافو أن المؤتمر سينظم وفقاً لـ«صيغة روما»، بما في ذلك ليس فقط الجهات الفاعلة المختلفة على الساحة الليبية، ولكن أيضاً الدول الأوروبية والدول المجاورة والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة.
وتابع مورافو قائلاً: «إن موعد نوفمبر قد تم تحديده قبل شهر ديسمبر، الذي من المقرر إجراء انتخابات فيه»، مؤكداً أن الانتخابات يجب أن تتم بطرق وأطر زمنية يقررها الليبيون.
من جهة أخرى، رحَّبت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا بقرار مجلس الأمن الدولي إدراج إبراهيم الجضران، آمر حرس المنشآت النفطية السابق، بقائمة العقوبات الدولية.
وأكدت المؤسسة في بيان أن القرار يُعدّ استجابة لدعواتها المتكررة لمعاقبة الجضران، والجهود الحثيثة المشتركة مع مكتب النائب العام وبقية الجهات ذات العلاقة بهذا الخصوص.
وفي غضون ذلك، ناقش مجلس النواب أمس، في جلسة طارئة عقدها في مقره بمدينة طبرق شرقي البلاد، إصدار قانون الاستفتاء على مشروع الدستور الدائم للبلاد.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.