إيران تعود لتخزين نفطها في البحر وسط تراجع طلبات المشترين

«وكالة الطاقة» تقول إن إنتاج طهران انخفض في أغسطس إلى أدنى مستوى خلال سنتين

إيران تعود لتخزين نفطها في البحر وسط تراجع طلبات المشترين
TT

إيران تعود لتخزين نفطها في البحر وسط تراجع طلبات المشترين

إيران تعود لتخزين نفطها في البحر وسط تراجع طلبات المشترين

يبدو أن إيران ستعاني هذه المرة مجدداً من تضييق الخناق على صادراتها النفطية من قبل الولايات المتحدة. فعلى الرغم من عدم إعلان مشترين كبار للنفط الإيراني عن «امتثالهم الكامل» لرغبة واشنطن في قطع كامل واردات حلفاء الولايات المتحدة من النفط الإيراني؛ فإن الأرقام تشير إلى أن صادراتها وإنتاجها في تراجع، وأن مزيدا من نفطها أصبح مخزنا في ناقلات وسط البحر.
وأظهرت بيانات تتبع الناقلات النفطية، الخاصة بوكالة «بلومبيرغ» أن هناك 8 ناقلات نفطية مملوكة لشركة ناقلات النفط الإيرانية مملوءة بالنفط وراسية في وسط البحر، وهو مما قد يعبر عن أن إيران تواجه صعوبات في إيجاد زبائن لهذه الشحنات وتريد الإبقاء عليها عائمة حتى يتم شحنها بسرعة؛ متى ما تم توفير زبائن لها.
وتحمل هذه الناقلات نحو 14 مليون برميل من النفط الإيراني، 11 مليون برميل منها نفط خام، و3 ملايين برميل مكثفات. والمكثفات نوع من النفط الخفيف جداً الذي يوجد في صورة غازية في مكامن النفط، ولكنه يصبح سائلاً في حالة الضغط العادية على سطح البحر.
وترسو ناقلتا نفط محملتان بالمكثفات قبالة جبل علي في الإمارات العربية المتحدة حيث تعدّ دبي من بين الزبائن للمكثفات والنفط الإيراني. فيما ترسو 5 ناقلات عملاقة من فئة «في إل سي سي»، التي تستطيع حمل حتى مليوني برميل، مقابل جزيرة خرج، المرفأ الأهم لتصدير نفط إيران، وواحدة منها مقابل جزيرة سوروش للتصدير التابعة لحقل سوروش، وهو حقل على مقربة كبيرة جداً من المياه الإقليمية السعودية والكويتية للمنطقة المحايدة. وبحسب بيانات «بلومبيرغ» للناقلات، فإن إيران واجهت بعض الصعوبات في تصدير نفطها إلى الصين التي تعد الزبون الأول لنفطها. ففي العادة تصدر إيران شحنة حجمها مليونا برميل كل 3 أيام إلى الصين، ولكنها هذه المرة لم تتمكن من شحن أي ناقلة إلى الصين لمدة 18 يوماً متواصلة.
وتمكنت إيران يوم الأربعاء الماضي أخيراً من شحن ناقلتين عملاقتين إلى الصين وهما «دينو1» و«ديون» من جزيرة خرج. وكانت آخر شحنة خرجت من إيران إلى الصين قبل ذلك بتاريخ 25 أغسطس (آب) الماضي على متن الناقلة «ستارلا»، التي حملت مليوني برميل.
وفي النصف الأول من العام الحالي، صدرت إيران إلى الصين نحو 660 ألف برميل يومياً في المتوسط، واشترت الصين في العام الماضي ثلث صادرات إيران من النفط.
وكانت إيران لجأت إلى حيلة تخزين النفط في البحر قبل رفع العقوبات الأميركية عنها نتيجة الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وذكرت وكالة «بلومبيرغ» في تقرير أول من أمس، أن حمولة الناقلات الإيرانية حتى الآن لا تستوعب سوى كميات قليلة تكفي لأسابيع وليس لأشهر، كما كان عليه الوضع بين عامي 2012 و2016، عندما كانت إيران ترسل ملايين البراميل من النفط إلى منطقة التخزين العائمة.
ورغم أن عدد الناقلات حتى الآن قليل، فإنه مرشح للازدياد مع اقتراب موعد تطبيق العقوبات الأميركية. ويبرز تخزين إيران النفط في البحر التحديات التي تواجهها لإيجاد مشترين لذهبها الأسود.
وقالت «بلومبيرغ» إن مشترين، مثل فرنسا وكوريا الجنوبية وغيرهما، بدأوا عمليا تقليص اعتمادهم على النفط الإيراني بصورة حادة، خصوصا كوريا التي لم تستورد برميلا واحدا من إيران الشهر الماضي.
وحسب البيانات، فإن معظم العملاء الرئيسيين لإيران اشتروا كميات أقل من براميل النفط الإيرانية في أغسطس الماضي، مقارنة بما اشتروه في أبريل (نيسان) الماضي، أي قبل شهر من إعلان واشنطن إعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران.
ونقلت «بلومبيرغ» في التقرير عن كبيرة محللي النفط في شركة «إنيرجي اسبكتس»، أمريتا سين، أن الصادرات الإيرانية تتراجع بسرعة، مشيرة إلى أن معدل شحنات النفط الإيرانية في سبتمبر (أيلول) الحالي يبلغ 1.5 مليون برميل يوميا، وفقا لبرنامج التحميل الأولي، مقارنة بنحو 2.8 مليون برميل يوميا من صادرات النفط قبل مايو (أيار) الماضي.
وأكدت وكالة «رويترز» للأنباء أمس ما ذكرته بأن ناقلتين تحملان مكثفات إيرانية تقفان قبالة الإمارات منذ نحو شهر مع انخفاض الطلب على النفط قبل العقوبات الأميركية.
وأفادت عدة مصادر بالقطاع وبيانات ملاحية بأن الناقلتين، اللتين تحملان معا نحو 2.4 مليون برميل من مكثفات «بارس» الجنوبي، تقفان قبالة السواحل الإماراتية منذ أغسطس الماضي، بعدما أوقفت كوريا الجنوبية وارداتها من إيران بينما انخفض الطلب الصيني خلال الصيف.
وأمس قالت وكالة الطاقة الدولية إن إيران تشعر بتأثير العقوبات. وقالت الوكالة إن إنتاج الخام الإيراني انخفض في أغسطس الماضي بمقدار 150 ألف برميل يوميا مقارنة مع يوليو (تموز) الماضي، إلى أدنى مستوى في 25 شهرا عند 3.63 مليون برميل يوميا، بينما تراجعت الصادرات 280 ألف برميل يوميا إلى 1.9 مليون برميل يوميا من ذروة بلغت نحو 2.5 مليون برميل يوميا في مايو الماضي.
وأظهر تقرير منظمة «أوبك» الشهري الصادر أول من أمس، تراجع إنتاج النفط الإيراني بواقع 150 ألف برميل يوميا خلال شهر أغسطس، رغم ارتفاع إنتاج النفط الشهري لدول «أوبك» بواقع 278 مليون برميل، ليسجل 32.6 مليون برميل يومياً.
وبذلك يكون إنتاج إيران النفطي قد تراجع للشهر الرابع على التوالي، حسب بيانات «أوبك»، ليبلغ 3.584 مليون برميل، مقابل 3.734 مليون برميل في يوليو الماضي.
وستواجه إيران عقوبات أميركية على قطاعها النفطي في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وتهدف إدارة ترمب لوقف الصادرات الإيرانية نهائياً، بينما قالت الصين، أكبر مستوردي النفط الإيراني، إنها ستواصل استيراد النفط من طهران، حيث تستحوذ السوق الصينية على نحو 26 في المائة من إنتاج إيران.
كما تسعى الهند، ثاني أكبر مستوردي النفط الإيراني، للحصول على استثناء من العقوبات الأميركية؛ إذ تمثل وارداتها 23 في المائة من صادرات طهران النفطية.
وقال البنك المركزي الإيراني يوم الثلاثاء الماضي، إن صادرات النفط الإيرانية نمت خلال 4 أشهر انتهت في 22 يوليو الماضي إلى نحو 10 مليارات دولار، وأرجع خبراء اقتصاديون، ارتفاع عائدات إيران النفطية خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الإيراني الحالي، إلى زيادة أسعار النفط في الأسواق العالمية، حيث ارتفع متوسط سعر برميل النفط من 50 دولارا للبرميل عام 2017، إلى 60 دولارا في بداية العام الحالي.



هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».