ادعاء «محكمة الحريري» يؤكد وجود أدلة دامغة ضد عناصر من «حزب الله»

انطلاق المرافعات الختامية والقرائن اعتمدت على بيانات الاتصالات الهاتفية

جانب من جلسة المحكمة الخاصة بلبنان أمس
جانب من جلسة المحكمة الخاصة بلبنان أمس
TT

ادعاء «محكمة الحريري» يؤكد وجود أدلة دامغة ضد عناصر من «حزب الله»

جانب من جلسة المحكمة الخاصة بلبنان أمس
جانب من جلسة المحكمة الخاصة بلبنان أمس

انطلقت، أمس، جلسات المرافعات الختامية في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وسيستمع قضاة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اعتباراً من الثلاثاء إلى المرافعات الأخيرة في محاكمة أربعة أشخاص متهمين بالمشاركة في 2005 باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، الحدث الذي وصفه رئيس فريق الادعاء نايجل بوفوس، أمس، بأن «الظلام والفزع» اكتنفا لبنان بعد مقتل زعيمه، مضيفاً، أن الانفجار كان يهدف «لإحداث حالة من الهلع الشديد والذعر والألم».
ومع بدء هذه المرافعات، تدخل محاكمة المشتبه بهم وجميعهم من عناصر «حزب الله»، في مرحلتها الأخيرة بعد 13 عاماً من الاغتيال الذي وقع في وسط بيروت وأودى بحياة الحريري و21 شخصاً آخرين. وقال الادعاء، إن العقل المدبر في العملية هو القيادي في «حزب الله» مصطفى بدر الدين، مشيراً إلى أن «الأدلة التي تدين المتهمين بقتل رفيق الحريري دامغة». ورأى أن «النظام السوري في صلب مؤامرة اغتيال رفيق الحريري».
والمتهم الرئيسي مصطفى بدر الدين، الذي يصفه المحققون بأنه «العقل المدبر» للاغتيال قُتل، وبالتالي لن تتم محاكمته، بالنظر إلى أنه قتل في مايو (أيار) 2016 إثر استهدافه في سوريا.
واستهلت الجلسة بمرافعة الاتهام قبل أن يتحدث ممثلو الضحايا ثم الدفاع. وكانت البداية لفريق الادعاء الذي تمسك بقوة بالأدلة التي تعتمد على بيانات الاتصالات الهاتفية والرابطة التي تجمع المتهمين من خلال صلتهم بـ«حزب الله» اللبناني.
والمرافعات الختامية، هي ملاحظات شفهية يدلي بها كل من الفريقين، أي الادعاء والدفاع والممثلين القانونيين عن المتضررين، أمام غرفة الدرجة الأولى في المحكمة، كما أكدت المتحدثة باسم المحكمة وجد رمضان لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن «كل فريق يقدم تقييمه للأدلة والشهادات التي تقدمت وتم قبولها خلال فترة المحاكمة التي دامت أربع سنوات، وكل فريق يتحدث عن الأسباب التي تبرر النطق بالحكم لصالحه».
وأشارت رمضان إلى أن حضور الحريري في المحكمة، أمس، جاء بصفته متضرراً مشاركاً في إجراءات المحاكمة، لكن حضوره «أعطى زخماً واهتماماً إعلامياً أكبر». وأشارت إلى أن «مرافعات الادعاء بدأت وسوف تستغرق يومين أو ثلاثة ثم تعقبها مرافعات الممثلين القانونيين للمتضررين وبعدها مرافعات الدفاع عن المتهمين».
ويبقى بذلك سليم عياش (50 عاماً)، المتهم بقيادة الفريق الذي تولى قيادة العملية ورجلان آخران، هما حسين العنيسي (44 عاماً) وأسعد صبرا (41 عاماً)، الملاحقان، خصوصاً بتهمة تسجيل شريط فيديو مزيف بثته قناة «الجزيرة» يتبنى الهجوم باسم جماعة وهمية. كما يواجه حسن حبيب مرعي (52 عاماً) تهماً عدة، بما في ذلك التواطؤ في ارتكاب عمل إرهابي والتآمر لارتكاب الجريمة.
وأعلن الادعاء في الجلسة الأولى، أن «مصطفى بدر الدين كان مسؤولاً كبيراً في (حزب الله) وخبرته العسكرية أوصلته لقيادة قوات الحزب في سوريا وتجلت بطريقة تنفيذ اغتيال رفيق الحريري»، لافتاً إلى أن «بدر الدين هو العقل المدبر لاغتيال رفيق الحريري». وأشار الادعاء إلى أن «سليم عياش قاد وحدة اغتيال رفيق الحريري المؤلفة من ستة أشخاص»، لافتاً إلى أن «الأدلة التي تدين المتهمين بقتل رفيق الحريري دامغة». ورأى أن «النظام السوري في صلب مؤامرة اغتيال رفيق الحريري»، مشيراً إلى أن «الشبكة «الخضراء» التي قادت اغتيال رفيق الحريري تابعة تماماً إلى «حزب الله». ورأى أن «الأدلة التي تدين المتهمين باغتيال الحريري دامغة».
وأوضح الادعاء، «أنه بعد ساعة من الانفجار جرى نشر بيان كاذب عن مسؤولية شخص انتحاري عن الحادث، وهو تصرف كان الغرض منه تضليل العدالة». وقال الادعاء، «إن مصطفى بدر الدين هو العقل والمدبر الرئيسي والمشرف على التخطيط للاعتداء»، كما أشار الادعاء إلى أن بدر الدين «أسند أدواراً رئيسية للمتهمين الأربعة الآخرين، وهم سليم عياش، وحسن العنيسي، وأسد صبرا، وحسن مرعي. وكان عياش النقطة المحورية وقاد مجموعة الاغتيال بنفسه، وقام أيضاً بمراقبة تحركات رفيق الحريري على مدى أربعة أشهر قبل الجريمة، ومتورط أيضاً في التحضير من خلال شراء الشاحنة عبر آخرين من طرابلس». أما مرعي، فقد كان مسؤولاً عن إعداد وتسليم الشريط الذي يعلن المسؤولية عن الحادث لتضليل العالم والعدالة، كما قام أيضاً بتنسيق مهمة صبرا وعنيسي.
وقال المحامي العام لدى المحكمة، إن «الأدلة مقنعة وقوية وموضوعية من خلال الاتصالات وحجمها، وهواتف المتهمين توقفت عن التشغيل في وقت واحد، وتعكس التخطيط لتنفيذ المخطط».
وقال الممثل القانوني للمتضررين «إن عملية الاغتيال تمت في أجواء رافضة للوجود السوري في لبنان».
وتحدث المدعي العام نورمان فاريل في الجلسة الأولى، مفنداً مزاعم أوردها الدفاع بأن الأدلة التي قدمها الادعاء غير مدعومة وعبارة عن تكهنات. وقال مايغل بوفواس، ممثل فريق الادعاء، إنه يحتاج إلى يومين أو ثلاثة للرد على ما جاء في مذكرة الدفاع بعدم الاعتماد على بيانات الاتصالات ونسب الهواتف إلى المتهمين في القضية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.