جيبوتي... بوابة التغلغل العسكري الصيني في أفريقيا

رفضت طلباً روسياً لإقامة قاعدة عسكرية كي لا تُستخدم في الصراع الدائر في سوريا

رئيس جيبوتي يصافح نظيره الصيني خلال مؤتمر «الصين - أفريقيا» في بكين الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
رئيس جيبوتي يصافح نظيره الصيني خلال مؤتمر «الصين - أفريقيا» في بكين الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

جيبوتي... بوابة التغلغل العسكري الصيني في أفريقيا

رئيس جيبوتي يصافح نظيره الصيني خلال مؤتمر «الصين - أفريقيا» في بكين الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
رئيس جيبوتي يصافح نظيره الصيني خلال مؤتمر «الصين - أفريقيا» في بكين الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

رغم أن العربية هي إحدى اللغات الرسمية الثلاث في جيبوتي، إلى جانب الفرنسية والصومالية، سرعان ما يدرك الزائر لهذا البلد المنتمي للجامعة العربية، أن لغة الضاد ليست هي الوسيلة الأفضل لمحادثة المسؤولين في شؤون البلاد السياسية والأمنية، فيلجأ إلى لغة المستعمرين الفرنسيين الذين غادروا هذه الأراضي عند أقصى القرن الأفريقي، محشورة بين ثلاثة من أفقر البلدان في العالم وأكثرها اضطراباً: إثيوبيا والصومال وإريتريا، وشبه منسيّة حول خليج عدن على أبواب البحر الأحمر.
استفاق العالم على جيبوتي منذ عشر سنوات فقط عندما احتاج إلى منصّة تنطلق منها بوارجه وطائراته لمطاردة القراصنة الصوماليين على شواطئ القرن الأفريقي، فتكاثرت القواعد العسكرية الغربية على أراضيها وفي موانئها، ثم أصبحت مركزاً لتنسيق أنشطة مكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية، وتدريب القوات الخاصة في البلدان المجاورة.
لكن الأهمية الاستراتيجية لجيبوتي تكرّست في مثل هذه الأيام من العام الماضي، عندما دشّنت فيها الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج، متوّجة تغلغلها المطرد في القارة السمراء ومعلنة بداية مرحلة جديدة في ميزان القوى الدولية.
منذ تدشين القاعدة الصينية في جيبوتي لم تتوقّف بكّين عن إظهار نواياها وطموحاتها العسكرية في القارة الأفريقية. فقد استضافت أواخر يونيو (حزيران) الماضي، وعلى مدى ثلاثة أسابيع، المنتدى الأول للتعاون في مجالات الأمن والدفاع بين الصين والدول الأفريقية، مسلطّة الضوء على حضورها المتزايد في أفريقيا، وعلى دورها العسكري المتنامي على الساحة الدولية. وجاء في التصريحات التي أدلى بها ناطق بلسان وزارة الدفاع الصينية، أن هذا المنتدى الذي سيتكرر مرة كل ثلاث سنوات «يهدف إلى تعميق الشراكة الاستراتيجية مع أفريقيا، وتلبية احتياجاتها الأمنية والدفاعية، وتعزيز جهوزية قواتها المسلحة». وقد فتحت الصين أبواب منشآتها العسكرية وقواعدها البحريّة والجويّة والبريّة أمام الزوّار الأفارقة، في برنامج استعراضي للتطورات التكنولوجية لقدرات جيشها وصناعاتها الحربية.
ويفيد معهد ستوكهولم لبحوث السلام أن صادرات الأسلحة الصينية إلى القارة الأفريقية قد ازدادت بنسبة 55 في المائة منذ العام 2013. إلى أن أصبحت المصدِّر الثاني في العام 2015 بعد الاتحاد الروسي.
ويتبدّى اهتمام الصين بتعزيز وجودها العسكري في القارة الأفريقية منذ أواسط العقد الماضي عندما أرسلت أوّل بعثة من جنودها خارج منطقة آسيا والمحيط الهادي إلى خليج عدن للمشاركة في القوة الدولية لمكافحة القرصنة، كما تشارك بقواتها المسلحة في عمليات حفظ السلام في القارة الأفريقية أكثر من أي دولة أخرى بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، وتساهم في تمويل قوات حفظ السلام الأفريقية وتجهيزها وتدريبها.
وقد جاء في تقرير صدر مؤخراً عن المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية «أن الجيش الصيني أصبح شريكاً فاعلاً لأفريقيا في مجال الأمن، من خلال علاقاته العسكرية وبرامج التأهيل والتدريب والمشورة الحربية وبيع الأسلحة وبناء المنشآت العسكرية ومقار وزارات الدفاع في عدد من الدول الأفريقية». ويفيد المركز الأوروبي للدراسات الدفاعية «أن اهتمام الصين بتعزيز وجودها العسكري في أفريقيا لا ينبع فحسب من حاجتها للدفاع عن مصالحها الاقتصادية المتزايدة في القارة، وضمان وصولها الآمن إلى الموارد الطبيعية والطرق التجارية وحماية شركاتها ومواطنيها العاملين في أفريقيا، بل يتعدّى ذلك إلى ترسيخ الأسس لدورها المتنامي في النظام العالمي الجديد». ويُقدَّر عدد الشركات الصينية العاملة حاليا في أفريقيا بما يزيد عن 10 آلاف، توفّر 12 في المائة من إجمالي الإنتاج الصناعي الأفريقي. ويقارب عدد الصينيين الذين يعملون في أفريقيا المليون، فيما يبلغ حجم المبادلات التجارية بين الصين وأفريقيا 150 مليار دولار سنويا.
ويساعد تنامي دور بكّين في مجالات الأمن والدفاع إلى جانب التغلغل الاقتصادي الواسع، على إظهار الصين على المسرح الدولي كقوة مسؤولة تساهم بشكل فعّال في المبادرات المتعددة الأطراف لحفظ السلم والأمن الدوليين. ويتوقع المراقبون أن تفترص الصين انكفاء الإدارة الأميركية الحالية عن كثير من التزاماتها الدولية، وانهماك أوروبا بأزماتها الداخلية، لتعزيز نفوذها في أفريقيا وخارجها.
القاعدة العسكرية الصينية في جيبوتي لا تبعد سوى عشرة كيلومترات عن القاعدة الأميركية الضخمة التي تضمّ ستة آلاف من عناصر المارينز إلى جانب محطة للطائرات المسيّرة بلا طّيار، وبينهما القواعد الفرنسية واليابانية والإيطالية، تشرف جميعها على المياه التي تعبرها 25 في المائة من الصادرات العالمية بين الأسواق الآسيوية والمتوسط.
وتوشك المملكة العربية السعودية على إنجاز بناء قاعدتها العسكرية الأولى خارج الأراضي السعودية في جيبوتي، والتي ستتيح خفض مجهود الطيران الحربي للتحالف في حرب اليمن، واعتراض الإمدادات الإيرانية للحوثيين عن طريق السواحل الصومالية، إضافة إلى تعزيز حماية السفن التجارية السعودية والإماراتية التي تعبر أمام خليج عدن.
وفي حديث مع «الشرق الأوسط» أكّد مسؤول في وزارة الدفاع الجيبوتية أن بلاده رفضت طلباً من الاتحاد الروسي لإقامة قاعدة عسكرية روسية في جيبوتي «كي لا تُستخدم في الصراع الدائر في سوريا». ورحّب المسؤول الجيبوتي بالوجود العسكري السعودي في بلاده، منوّهاً «بالعلاقات الأخوية التي تربط البلدين واتفاق التعاون العسكري الذي تشرف على تنفيذه ومتابعته اللجنة المشتركة».



الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن

الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن
TT

الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن

الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن

حذّرت الأمم المتحدة من أن الجفاف القياسي الذي أتلف المحاصيل في الجنوب الأفريقي وتسبب بتجويع ملايين الأشخاص ودفع 5 دول لإعلان كارثة وطنية، دخل الآن أسوأ مراحله.

وذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنه يتوقع زيادة عدد الأشخاص الذين يكافحون لتأمين الطعام.

وصرحت المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي بالوكالة في أفريقيا الجنوبية لولا كاسترو لوكالة الصحافة الفرنسية في جوهانسبرغ، الجمعة، أن «الفترة الأسوأ مقبلة الآن. لم يتمكن المزارعون من حصاد أي شيء والمشكلة هي أن الحصاد المقبل في أبريل (نيسان) 2025».

بعد مالاوي وناميبيا وزامبيا وزيمبابوي أصبحت ليسوتو قبل أسبوعين آخر دولة تعلن حال الكارثة الوطنية في أعقاب الجفاف المرتبط بظاهرة النينيو.

وأضافت كاسترو أن دولاً أخرى مثل أنغولا وموزمبيق قد تحذو قريباً حذوها أو تبلغ عن وجود فجوة بين الغذاء المتوفر وما يحتاجون إليه.

وأشارت إلى أن بعض التقديرات تفيد بأن الجفاف هو الأسوأ في المنطقة منذ قرن.

وقالت كاسترو، الجمعة، من مكتب برنامج الأغذية العالمي في جوهانسبرغ، إن ما لا يقل عن 27 مليون شخص تضرروا في منطقة يعتمد الكثيرون فيها على الزراعة.

وأضافت أن الجفاف أتلف 70 في المائة من المحاصيل في زامبيا و80 في المائة في زيمبابوي، ما أدى إلى تراجع كبير في الطلب وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وقالت كاسترو: «الذرة جافة تماماً ورقيقة ونموها ضعيف ويسأل المزارعون عما عليهم فعله ليتمكنوا من إطعام أسرهم».

حتى لو تراجعت ظاهرة النينيو، فإن آثارها لا تزال قائمة.

أطفال من قبيلة الماساي يركضون أمام حمار وحشي قال السكان المحليون إنه نفق بسبب الجفاف (أ.ب)

وأضافت: «لا يمكننا التحدث عن مجاعة لكنّ الأشخاص عاجزون عن شراء وجبات كافية أو استهلاك عدد كافٍ من السعرات الحرارية يومياً. بدأ الأطفال يخسرون الوزن والسكان يعانون».

يشجع برنامج الأغذية العالمي المزارعين على زراعة محاصيل أكثر مقاومة للجفاف مثل الذرة الرفيعة والدخن والكسافا لمواجهة فترات الجفاف مستقبلاً.

وقالت كاسترو إن برنامج الأغذية العالمي، الذي وجه نداء للحصول على 409 ملايين دولار لتوفير الغذاء وغير ذلك من مساعدات لنحو ستة ملايين شخص في المنطقة، لم يتلقَّ حتى الآن سوى 200 مليون دولار.