الحوثي يحض على التضحية بمليون قتيل لإنجاح مشروع الجماعة

أقر بعجز ميليشياته اقتصادياً وتنصل من إفشال مشاورات جنيف

TT

الحوثي يحض على التضحية بمليون قتيل لإنجاح مشروع الجماعة

ظهر زعيم الميليشيات الحوثية في خطاب جديد متنصلاً من إفشال جماعته مشاورات جنيف الأخيرة، لجهة تعنت وفد الجماعة وعدم حضوره تحت ذرائع وصفتها الحكومة الشرعية بالواهية، خصوصاً بعد أن أصدرت تصريحاً للطائرة الأممية التي كان من المقرر أن تقل الوفد.
وفيما حض أتباعه على حشد مزيد من المقاتلين، قال إن عليهم التضحية بأكبر عدد ممكن الأرواح لإنجاح مشروع الجماعة، حتى لو بلغ العدد مليون قتيل، في إشارة واضحة إلى استهتاره بدماء اليمنيين وعدم جديته في إنهاء الانقلاب وإحلال السلام.
وألقى زعيم الجماعة الموالية لإيران اللائمة على التحالف الداعم للشرعية، زاعماً في خطابه الذي بثته قناة «المسيرة» التابعة للجماعة أول من أمس، أن وفده المفاوض كان يبحث ضمانات بسلامته وعودته إلى صنعاء دون عوائق، إضافة إلى زعمه بأن جماعته كانت موافقة على تخصيص طائرة عمانية أو كويتية أو صينية أو روسية.
وكانت الجماعة الحوثية رفضت حضور وفدها إلى جنيف مشترطة تخصيص طائرة عمانية ونقل عدد من جرحاها وقياداتها وإعادة من تم علاجهم في عمان إلى صنعاء، وسط اتهامات من جانب الشرعية بأنها تحاول تهريب قيادات من حزب الله اللبناني أصيبوا خلال المعارك.
ورفض المبعوث الأممي مارتن غريفيث تحميل الجماعة المسؤولية عن تعطيل المشاورات، وهو الأمر الذي نال استغراب وفد الحكومة التفاوضي، لجهة محاولة غريفيث إيجاد المبررات للجماعة الحوثية وعدم إدانتها.
وكشف الحوثي في خطابه عن نية الجماعة الحقيقية إطالة أمد الحرب عبر دعوته أتباعه إلى حشد مزيد من المقاتلين مدفوعاً - كما يبدو - بسلسلة الهزائم الميدانية التي تتكبدها الجماعة في الساحل الغربي وقريباً من معقله في منطقة مران غرب محافظة صعدة.
وزعم أن طائرات الأمم المتحدة غير آمنة وأنها تتعرض للاختطاف، على حد قوله، بطريقة مذلة، في سياق إيراده للمبررات الواهية التي تذرع بها لعدم حضور وفد الجماعة إلى جنيف.
واعترف زعيم الميليشيات بأن جماعته فشلت في إدارة المناطق التي تسيطر عليها، ملقياً اللائمة في ذلك على الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها، زاعماً أن اللجنة الاقتصادية التابعة لجماعته «حاولت إيجاد حلول للأزمة، لكن بعض التجار لم يبدوا التعاون المطلوب معها».
ولمح الحوثي إلى أن جماعته باتت موافقة للانصياع للحكومة الشرعية في الجانب الاقتصادي، مقابل تحييد ملف العملة وأداء البنك المركزي، غير أن مراقبين يمنيين شككوا في العرض الحوثي وعدوه نوعاً من المناورة الحوثية للتنصل من سلوكها الانقلابي الذي قاد إلى تدمير الاقتصاد ونهب احتياطيات البنك المركزي قبل نقله من جانب الشرعية إلى عدن.
وفيما هدد زعيم الجماعة الحوثية التجار، قال إن عليهم أن يتعاونوا مع جماعته، لتحقيق الاستقرار التجاري، غير أن أغلب التجار باتوا مهددين بالإفلاس نتيجة الإتاوات التي تفرضها الجماعة لدعم المجهود الحربي.
ودعا الحوثي أتباعه إلى تقديم مزيد من القتلى والجرحى في الجبهات، حاضّاً لها على الاقتداء بفيتنام وكوبا، بل إنه في معرض استهانته بالدم اليمني قال إنه ليست هناك مشكلة بالنسبة له إذا قتل مليون شخص مقابل أن ينجح مشروح جماعته الطائفي لحكم اليمن.
ويرى المراقبون اليمنيون أن خطاب الحوثي، لم يأتِ بجديد سوى محاولة تبرير تغيب جماعته عن مشاورات جنيف، ومحاولة إلقاء اللائمة على الحكومة الشرعية لجهة تدهور الجانب الاقتصادي وانخفاض سعر العملة المحلية.
ولم يكشف المبعوث الأممي في تصريحاته عن موعد جديد لانعقاد جولة جديدة من المشاورات بين الوفد الحكومي الذي غادر جنيف والانقلابيين، إلا أنه أكد أنه سيزور خلال أيام العاصمة العمانية مسقط، للقاء المتحدث باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام، قبل أن يذهب إلى صنعاء للقاء قادة الجماعة.
وكانت المشاورات التي تغيب عنها الوفد الحوثي مخصصة لنقاش إجراءات بناء الثقة بين الطرفين، المتمثلة في ملفات الأسرى والمعتقلين والوصول الإنساني للمساعدات ورواتب الموظفين الحكوميين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.