افتتاح معرض «ما شاهدته العيون حديثاً» لفنان باكستاني في بيروت

إعادة تركيب لأشياء العالم داخل صور

صورة فوتوغرافية من أعمال الفنان بصير محمود  -  الفنان الباكستاني بصير محمود
صورة فوتوغرافية من أعمال الفنان بصير محمود - الفنان الباكستاني بصير محمود
TT

افتتاح معرض «ما شاهدته العيون حديثاً» لفنان باكستاني في بيروت

صورة فوتوغرافية من أعمال الفنان بصير محمود  -  الفنان الباكستاني بصير محمود
صورة فوتوغرافية من أعمال الفنان بصير محمود - الفنان الباكستاني بصير محمود

افتتح في «ليتيسيا غاليري» في بيروت المعرض الفوتوغرافي «Eyes Recently Seen» للفنان الباكستاني بصير محمود الذي أتى إلى لبنان خصيصاً لهذه المناسبة، كما حضر الافتتاح السفير الباكستاني نجيب دوراني، بالإضافة إلى شخصيات اجتماعية ولفيف من محبي الفن.
يتضمن المعرض، وهو من تنسيق لورين ويتمور، صوراً فوتوغرافية جديدة وقديمة وشريط فيديو، تكشف جميعها الآليات التي من خلالها يعيد الفنان إنتاج تجاربه البصرية.
هذا الفنان مفتون ببنية الحياة اليومية، وبإعادة توزيع الأشياء التي يراها في الحياة بطريقته الخاصة وتصويرها، في رحلة بحث عن هوية إنسانية تجمع المختلفين في صوره. يقدم بصير محمود (مواليد العام 1985 لاهور، باكستان) نظرة جديدة ومختلفة حول البُنى الاجتماعية والتاريخية، مستخدماً التصوير الفوتوغرافي والفيديو من أجل ابتكار تسلسلات تتميّز برصدها عن قرب الأفراد والأشياء والعادات.
في «Eyes Recently Seen»، تُعرض أعمال لمحمود مأخوذة من الأعوام الخمسة الأخيرة، وتشمل «تأملات في الصيادين» (رسالة إلى البحر، 2012) و«المياه المقدسة» (مياه مقدسة من مكة، 2015)، وذلك إلى جانب قطع جديدة تبحث في الاستهلاك البشري الطائفي. تُبرز هذه الأعمال مُجتمعة، موقف الفنان من البُنى الاجتماعية المختلفة التي ترمز إليها.
الأعمال الجديدة في المعرض، منها «حليب» (Milk) 2018 و«كل الأشياء الجيدة» (All good things) 2018. بنى من خلالها محمود نشاط الأفراد في مهنٍ مختلفة، منهم العمال اليوميون وبائعو الحليب، في «استوديو لاهور للأفلام». وقد دُعي المشاركون إلى تأدية مهنهم من أجل اكتشاف الفروق في التفاعل الإنساني.
تواصل اللوحة المزدوجة وعنوانها «الجميع موزعون بالتساوي» All Divided Equally) 2018)، إبراز نظرة محمود المنبهرة بالتقسيم الاجتماعي للموارد وذلك عبر تصوير كميات وافرة من الطعام، كل قطعة منها مقطعة إلى النصف تماماً، من أجل إنشاء مجموعة متعددة من اللوحات المزدوجة. أما النتيجة النهائية فهي لوحات تعكس حصيلة المساواة في عملية التوزيع.
يقول بصير محمود: «أنا مهتم باكتشاف موقفي كفنان من خلال تبني أدوار متعددة، من ضمنها مُبتكر يعمل على صنع صدامات بين الناس ثم يرتجل سيناريوهات بهدف ابتكار قصص أصيلة ومميزة، ومُراقب يعمل على نقل الأحداث التي تحصل ضمن المواقف اليومية أو خارجها، والتي يشاهدها عن قرب من الداخل والخارج».
بدورها تعلق منسقة المعرض لورين ويتمور بأن «الكثير من أعمال بصير محمود ستكون ذات صلة بالسياق في بيروت، بدءاً بتصوير تلك العلاقة المترابطة والمتداخلة بين البشر والبحر وصولاً إلى اكتشاف الوضع الاجتماعي لما يُسمّى العمال الذين لا يتمتعون بأي مهارات. تحتضن أعماله سلسلة واسعة من المضامين والمواضيع، وذلك يتضح عبر الطريقة التي يسمح لنا بها بتجاوز ذاك الفرق بين طريقة رؤية الفنان العالم، ورؤية الناس العاديين».
في الآونة الأخيرة، شارك محمود في «بينالي برلين العاشر: لا نحتاج إلى بطل آخر» (برلين، 2018) كما أنجز برنامج الإقامة لدى «Rijksakademie» (أمستردام، 2016 - 2017). عُرضت أعماله في معارض عالمية، منها «بينالي كونتور الثامن» Contour Biennale 8 (ميخيلين، بلجيكا 2017)، جائزة أبراج للفنون الجماعية Syntax and Society (دبي، 2016)، معرض Time of Others في متحف الفن المعاصر (طوكيو، 2015)، بينالي الشارقة الحادي عشر (الشارجة، 2013)، ومعرض «The Garden of Eden» في قصر طوكيو (باريس، 2012).
درس محمود في Beaconhouse National University في لاهور وفي العام 2011 تابع برنامج زمالة في «Akademie Schloss Solitude» (شتوتغارت، ألمانيا). حاليا، يقيم بين أمستردام ولاهور.
يستمر المعرض لغاية السبت 3 نوفمبر (تشرين الثاني).



«الزامبو» أحد أغرب المهرجانات في المنطقة العربية

الأطفال يحبون الزامبو (إنستغرام)
الأطفال يحبون الزامبو (إنستغرام)
TT

«الزامبو» أحد أغرب المهرجانات في المنطقة العربية

الأطفال يحبون الزامبو (إنستغرام)
الأطفال يحبون الزامبو (إنستغرام)

كما كل سنة، احتفلت مدينة الميناء في طرابلس، شمال لبنان، بواحد من أغرب المهرجانات التي يمكن أن تراها على الإطلاق. مهرجان «الزامبو» السنوي الذي يخرج له الأهالي في صباح الأحد الذي يسبق صيام الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي.

الزامبو واحد من أغرب المهرجانات في المنطقة العربية (إنستغرام)

تجمّع صباح الأحد، عشرات المشاركين في شوارع الميناء، وقد ارتدوا الأقنعة أو رسموا وجوههم بالأسود والذهبي والفضي والأصفر، وما بدا لهم من الألوان. بعض المشاركين قرروا أن يطلوا أجسادهم أيضاً، ويزينوها كأنها لوحات، رغم البرد والحرارة المتدنية، وساروا في الأزقة، يتبعهم الأولاد، ويلحق بهم السياح الذين جاءوا خصيصاً لحضور هذا العرض العفوي الشعبي، الذي توارثه أهالي هذه المدينة الساحلية، منذ أكثر من مائة سنة.

وبصحبة الموسيقى، وصيحات زامبو... زامبو... سار الموكب، وهو يكبر، وتنضم إليه مجموعات جديدة، كلما مرّ في حيّ يتبعه الأهالي، بينما المتنكرون يضعون على رؤوسهم الريش كالهنود الحمر، أو القبعات الغريبة. وقد تظن أن المحتفلين آتون من إحدى دول أميركا اللاتينية، وهم يرقصون على قرع الطبل الذي يرافقهم، ويحملون بأيديهم السيوف والرماح، ويرددون كلمات أفريقية.

الريش جزء مهم من أدوات الاحتفال (إنستغرام)

وهو بحق مشهد للفرجة، ويستحق هذا التوافد من أماكن مختلفة لحضور طقس، من الصعب رؤيته في أي مكان آخر، في المنطقة العربية، علماً بأنه محلي، من صلب بيئة المدينة، وإرث جميل تتناقله الأجيال وتحرص عليه.

وبعد انتهاء الجولة الاحتفالية السنوية التي تنتظرها طرابلس من سنة إلى أخرى، وصل ركب المتنكرين إلى شاطئ البحر كما تجري العادة، وقفزوا في الماء، وسط ذهول السياح الذين يرون أن الحرارة أبرد من أن تحتمل الأجساد السباحة. لكن لحسن الحظ كان الجو مشمساً، ولا بد مهما كانت الحرارة، أن يرمي هؤلاء المحتفلون أنفسهم في البحر، ويغسلوا وجوههم وأجسادهم من رسومات الفحم والألوان التي تزينوا بها، ليعودوا وكأنما تطهروا، ليبدأوا موسم الصوم.

وإن أحببت معرفة أصول هذا المهرجان ومتى ولد، فستجد صعوبة في ذلك. إذ تتعدد الروايات حول تاريخ ولادته، أو سبب وجوده أصلاً. وثمة إجماع على أن هذا الطقس السنوي يعود لأكثر من مائة سنة، وكان يقوم به عدد محدود من الناس، لا يتجاوز العشر في بعض السنوات، يجوبون الأزقة والأحياء، وهم متنكرون. وكان يحدث هذا يوم الاثنين، وربما بسبب وقوع العطلة يوم الأحد تم تغيير يوم الاحتفال.

الأجساد تتحول إلى لوحات (إنستغرام)

وما يرويه الأهالي هنا أن المهرجان ولطرافته، خصوصاً بعد انتهاء الحرب الأهلية في بداية التسعينات، أخذ شكلاً مرحاً واحتفالياً، وأحبه الناس، وباتوا يتجمعون بشكل أكبر من أجله، إلى أن ذاع صيته، وبات السياح يتقصّدون وجودهم مع موعده ليستمتعوا برؤيته.

ويقول البعض إنه يرمز إلى الانتقال من الوثنية إلى المسيحية. ويتحدث آخرون عن أنه مهرجان حمله معهم المغتربون اللبنانيون الذين هاجروا إلى البرازيل وعادوا، وأحبوا أن يعيشوا تلك الأجواء التي عرفوها هناك. وثمة رواية أخرى تقول إن الجالية اليونانية التي جاءت لتعيش في الميناء هي التي جلبت «الزامبو» وعاداته معه. أما الرواية الأخيرة فهي أن القوة السنغالية التي كانت مع جيش الانتداب الفرنسي تركت عاداتها واحتفالها في هذه المنطقة الحميمة من طرابلس على شاطئ البحر. ومن بين الحكايا أيضاً أن أهالي الميناء كانوا مولعين بالأفلام السينمائية، وكانت لهم صالات بالعشرات تعرض الأفلام، وأنهم ربما تحت تأثير شرائط الكاوبوي بدأوا يقيمون هذا الطقس، الذي كبر بمرور الوقت، واكتسب أهمية.

وأياً تكن الجذور، فإن أهالي الميناء احتفلوا الأحد بمهرجانهم الأثير، ورقصوا وابتهجوا وسبحوا، وبدأوا صومهم الذي يتزامن هذه السنة مع شهر رمضان المبارك للمسلمين. ولم تعد الكنيسة تتحسس من هذا الاحتفال الذي لا علاقة له بالدين، ولا بالعبادات، وإنما هو مرح وفرح وضحك ورقص وموسيقى، وإن كان تم توقيته قبيل الصوم الكبير الذي يبدأ يوم الاثنين لدى الطوائف المسيحية.