اتفاق للتعاون الشامل بين إثيوبيا والصومال وإريتريا

عقب قمة ثلاثية... وإعادة فتح السفارة الإثيوبية في أسمرة

رئيس حكومة إثيوبيا يوقع مع الرئيسين الصومالي والإريتري في أسمرة أمس على اتفاق للتعاون الثلاثي المشترك
رئيس حكومة إثيوبيا يوقع مع الرئيسين الصومالي والإريتري في أسمرة أمس على اتفاق للتعاون الثلاثي المشترك
TT

اتفاق للتعاون الشامل بين إثيوبيا والصومال وإريتريا

رئيس حكومة إثيوبيا يوقع مع الرئيسين الصومالي والإريتري في أسمرة أمس على اتفاق للتعاون الثلاثي المشترك
رئيس حكومة إثيوبيا يوقع مع الرئيسين الصومالي والإريتري في أسمرة أمس على اتفاق للتعاون الثلاثي المشترك

فيما بدا أنه بمثابة إعادة لرسم خريطة منطقة القرن الأفريقي مجدداً، وقع رؤساء دول وحكومات إثيوبيا وإريتريا والصومال على اتفاق تعاون، هو الأول من نوعه فيما بينهم، وتعهدوا بتشكيل لجنة ثلاثية مشتركة للتنسيق، كما تم أمس إعادة فتح السفارة الإثيوبية في العاصمة الإريترية أسمرة، بينما بدأ وزراء خارجية الدول الثلاث جهود وساطة دبلوماسية لتحسين العلاقات بين جيبوتي وإريتريا.
وعقب قمة ثلاثية عقدت أمس، في أسمرة، هي الأولى من نوعها بين الرئيسين الإريتري آسياس أفورقي والصومالي محمد عبد الله فرماجو، بالإضافة إلى رئيس حكومة إثيوبيا أبيي أحمد، أصدرت الدول الثلاث إعلاناً مشتركاً حول ما وصفته بالتعاون الشامل بينها.
وتضمن الإعلان أربعة بنود رئيسية، تتعهد فيها حكومات إثيوبيا والصومال وإريتريا بتعزيز التعاون الشامل الذي يدعم أهداف شعوبها، وتبني روابط سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وأمنية وثيقة. كما تعهدت الدول الثلاث بالتنسيق لتعزيز السلام والأمن الإقليميين، على أن تقوم حكوماتها بإنشاء لجنة مشتركة رفيعة المستوى لتنسيق جهودها في إطار هذا الإعلان المشترك.
وبالتزامن مع البيان، أعادت إثيوبيا أمس، رسمياً، فتح سفارتها في العاصمة الإريترية أسمرة، بعدما عينت رضوان حسين سفيراً لها هناك، في خطوة جديدة في إعادة العلاقات بين البلدين اللذين أنهيا عقوداً من النزاع.
ووقّع رئيس إريتريا آسياس أفورقي، ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، اتفاق سلام في شهر يوليو (تموز) الماضي، ينهي العداء بين البلدين، الذي بدأ بحرب حدودية استمرت عامين في 1998، وأدت إلى قطع العلاقات لمدة 18 عاماً.
ووصل أبيي إلى إريتريا أول من أمس، في زيارته الثانية منذ توليه منصبه، وتفقد ميناءي البلاد على البحر الأحمر، قبل أن يتوجه إلى العاصمة أسمرة. وذكرت هيئة «فانا» الرسمية أن «رئيس وزراء إثيوبيا أبيي أحمد، والرئيس الإريتري آسياس أفورقي، أعادا فتح السفارة في مراسم مقتضبة».
وكانت سفينة شحن إثيوبية وصلت إلى ميناء مساوا الإريتري، محملة بالزنك ومتوجهة إلى الصين، في مؤشر على إعادة افتتاح موانئ إريتريا رسمياً أمام السفن الإثيوبية. وتعتبر هذه أول سفينة تجارية إثيوبية ترسو في ميناء إريتري منذ عقدين من الزمان، في إشارة قوية إلى التقارب بين البلدين المتجاورين والخصمين السابقين. وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإثيوبية، إن السفينة «ميكلي» دخلت ميناء مصوع على البحر الأحمر، ومن المقرر أن تحمل 11 ألف طن من الزنك الإريتري إلى الصين.
وعرض رئيس الوزراء الإثيوبي إحلال السلام مع إريتريا، بعد توليه منصبه في أبريل (نيسان) الماضي، في إطار سلسلة من الإصلاحات التي حولت السياسة تماماً في بلاده والمنطقة.
وكان أبيي قد زار إريتريا لأول مرة في يوليو الماضي، مع اتفاق البلدين على إنهاء المواجهة العسكرية المستمرة منذ عشرين عاماً بسبب حدودهما وقضايا أخرى.
وكان أفورقي قد أعاد فتح سفارة بلاده في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا خلال شهر يوليو الماضي.
إلى ذلك، بدأ وزراء خارجية الصومال وإريتريا وإثيوبيا، أمس، زيارة جماعية إلى جيبوتي للوساطة بين إريتريا وجيبوتي. وقالت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، إن هذا التحرك يأتي بعد أن توصل قادة الدول الثلاث إلى توافق في الآراء لإحلال السلام في القرن الأفريقي، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يناقش وزراء الخارجية: الإثيوبي ورقنه غبيهو، والصومالي أحمد عيسى، والإريتري عثمان صالح، مع المسؤولين الجيبوتيين، إعادة العلاقات المتوترة حالياً بين إريتريا وجيبوتي إلى طبيعتها.
وتتنازع إريتريا وجيبوتي بشأن حدودهما المشتركة؛ خاصة منطقة جبل دميرا وجزيرته، الموقع الاستراتيجي الذي يشرف على مدخل البحر الأحمر في شمال عاصمة جيبوتي، حيث قتل عشرات من جنود جيبوتي وأصيب العشرات، في اشتباكات عام 2008 مع إريتريا، كانت ثالث اشتباكات من نوعها بينهما، علماً بأنهما تواجهاً عسكرياً مرتين في 1996 و1999، في إطار الخلاف حول هذه المنطقة. واندلع القتال بعد أن اتهمت جيبوتي إريتريا بإرسال قوات عبر الحدود، قبل أن تتطوع قطر بالوساطة لحل النزاع ونشر مراقبين؛ لكن الوضع عاد للتوتر بعد أن سحبت قطر خلال العام الماضي، قواتها من المنطقة، بينما اتهمت جيبوتي إريتريا باحتلال أراض متنازع عليها على طول الحدود بين البلدين.



بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
TT

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، ناقشا خلالها الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، حيث يتصاعد خطر الجماعات الإرهابية، حسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان صحافي، إن المباحثات جرت، الجمعة، بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي (أ.ب)

الأمن والإرهاب

وتعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المحاذية للسنغال، من تصاعد خطر الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، ما أدخلها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتتالية.

وتوجهت الأنظمة العسكرية الحاكمة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، نحو التحالف مع روسيا التي أصبحت الشريك الأول لدول الساحل في مجال الحرب على الإرهاب، بدلاً من الحلفاء التقليديين؛ فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وبموجب ذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة (فاغنر) في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول، حصلت الأخيرة بموجبها على طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة ومسيرات.

ومع ذلك لا تزالُ الجماعات الإرهابية قادرة على شن هجمات عنيفة ودامية في منطقة الساحل، بل إنها في بعض الأحيان نجحت في إلحاق هزائم مدوية بمقاتلي «فاغنر»، وقتلت العشرات منهم في شمال مالي.

في هذا السياق، جاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، حيث قال الكرملين إن المباحثات كانت فرصة لنقاش «الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، على خلفية عدم الاستقرار المستمر هناك، الناجم عن أعمال الجماعات الإرهابية».

وتخشى السنغال توسع دائرة الأعمال الإرهابية من دولة مالي المجاورة لها لتطول أراضيها، كما سبق أن عبرت في كثير من المرات عن قلقها حيال وجود مقاتلي «فاغنر» بالقرب من حدودها مع دولة مالي.

الرئيس إيمانويل ماكرون مودعاً رئيس السنغال بشير ديوماي فاي على باب قصر الإليزيه (رويترز)

وفي تعليق على المباحثات، قال الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة «إكس» إنها كانت «ثرية وودية للغاية»، مشيراً إلى أنه اتفق مع بوتين على «العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية والسلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على فضاء الإيكواس»، وذلك في إشارة إلى (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، وهي منظمة إقليمية تواجه أزمات داخلية بسبب تزايد النفوذ الروسي في غرب أفريقيا.

وكانت الدول المتحالفة مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في المنظمة الإقليمية، واتهمتها بأنها لعبة في يد الفرنسيين يتحكمون فيها، وبدأت هذه الدول الثلاث، بدعم من موسكو، تشكيل منظمة إقليمية جديدة تحت اسم (تحالف دول الساحل)، هدفها الوقوف في وجه منظمة «إيكواس».

صورة جماعية لقادة دول مجموعة «إكواس» في أبوجا السبت (رويترز)

علاقات ودية

وفيما يزيد النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، لا تتوقف موسكو عن محاولة كسب حلفاء جدد، خاصة من بين الدول المحسوبة تقليدياً على فرنسا، والسنغال تعد واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي التقليدي في غرب أفريقيا، حيث يعود تاريخ الوجود الفرنسي في السنغال إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ولكن السنغال شهدت تغيرات جذرية خلال العام الحالي، حيث وصل إلى الحكم حزب «باستيف» المعارض، والذي يوصف بأنه شديد الراديكالية، ولديه مواقف غير ودية تجاه فرنسا، وعزز هذا الحزب من نفوذه بعد فوزه بأغلبية ساحقة في البرلمان هذا الأسبوع.

وفيما وصف بأنه رسالة ودية، قال الكرملين إن بوتين وديوماي فاي «تحدثا عن ضرورة تعزيز العلاقات الروسية السنغالية، وهي علاقات تقليدية تطبعها الودية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية».

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

وأضاف بيان الكرملين أن الاتفاق تم على أهمية «تنفيذ مشاريع مشتركة واعدة في مجال الطاقة والنقل والزراعة، خاصة من خلال زيادة مشاركة الشركات الروسية في العمل مع الشركاء السنغاليين».

وفي ختام المباحثات، وجّه بوتين دعوة إلى ديوماي فاي لزيارة موسكو، وهو ما تمت الموافقة عليه، على أن تتم الزيارة مطلع العام المقبل، حسب ما أوردت وسائل إعلام محلية في السنغال.

وسبق أن زارت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال، قبل عدة أشهر العاصمة الروسية موسكو، وأجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حول قضايا تتعلق بمجالات بينها الطاقة والتكنولوجيا والتدريب والزراعة.

آثار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بدكار في 9 فبراير (رويترز)

حياد سنغالي

رغم العلاقة التقليدية القوية التي تربط السنغال بالغرب عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص، فإن السنغال أعلنت اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وطلبت قبل أشهر من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش المالي وقوات «فاغنر».

من جانب آخر، لا تزالُ فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لفرنسا في الشارع السنغالي، ورفع العلم الروسي أكثر من مرة خلال المظاهرات السياسية الغاضبة في السنغال.

ومع ذلك، لا يزالُ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسنغال ضعيفاً، حيث بلغت صادرات روسيا نحو السنغال 1.2 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 8 في المائة من إجمالي صادرات روسيا نحو القارة الأفريقية، في المرتبة الثالثة بعد مصر (28 في المائة) والجزائر (20 في المائة). ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في تعزيز التبادل التجاري مع السنغال، بوصفه بوابة مهمة لدخول أسواق غرب أفريقيا.