عون يلوّح برسالة إلى مجلس النواب لمعالجة تكليف الحريري

«المستقبل» يعتبرها مضيعة للوقت ويدعو الرئيس إلى مخاطبة صهره

TT

عون يلوّح برسالة إلى مجلس النواب لمعالجة تكليف الحريري

عاد رئيس الجمهورية ميشال عون إلى التلويح مجدداً بخطوات تشكّل برأيه خرقاً في جدار أزمة تأليف الحكومة الجديدة، بينها توجيه رسالة إلى البرلمان اللبناني، تطالبه بمعالجة تكليف الرئيس سعد الحريري، ووضع حدّ لمهلة التكليف المفتوحة، في ظلّ العجز عن تأليف الحكومة، لكن رغم اعتراف القوى السياسية بالحقّ الدستوري لرئيس البلاد بمخاطبة المجلس النيابي ومطالبته بما يراه مناسباً، يجزم خبراء الدستور بأن المجلس النيابي ليس مخوّلاً إسقاط التكليف عن الحريري، ولا أحد بوارد إدخال البلاد في صراع دستوري.
وفيما يترقّب اللبنانيون ما قد تحمله رسالة عون إلى النواب، يضعها الخبراء في خانة الضغط السياسي على الحريري للإسراع بتشكيل حكومته، ولكن بشروط رئيس الجمهورية وفريقه، ورأى قيادي في تيّار «المستقبل» أن «رئيس الجمهورية له الحقّ بتوجيه الرسائل في أي اتجاه، طالما يندرج ذلك ضمن صلاحياته الدستورية»، لكنّه قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الرسالة ليست إلا مضيعة للوقت، ولن تقدّم أو تؤخر، أو تغيّر شيئا بمسألة تكليف رئيس الحكومة، ولا نعتقد أن الرئيس عون بوارد تضييع وقته في رسالة مثل هذه»، مؤكداً أن «أقصر الطرق لمعالجة أزمة تشكيل الحكومة، أن يوجّه الرئيس عون رسالة إلى صهره جبران باسيل (رئيس التيار الوطني الحر - ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال)، ينصحه فيها بتقديم تنازلات بموضوع الحكومة، والكفّ عن وضع العراقيل أمامها».
ويتوقّع أن تؤدي الرسالة في حال كانت تمسّ دور الرئيس الحريري، إلى تصدّع التسوية الرئاسية، والدخول في أزمة سياسية مفتوحة، لكنّ القيادي في تيار «المستقبل» لفت إلى أن «التسوية وجدت لحماية البلد، وكلّ الخطوات الدستورية لن تؤدي إلى إسقاطها، لكنّ ما يهدد بنسفها، تصريحات ومواقف بعض النواب والوزراء في التيار الوطني الحرّ، التي تتضمن كلامياً نابياً يطال الرئيس الحريري وموقعه ودوره الوطني وما يمثّل». وقال «هؤلاء يمثّلون الوجه السيئ للتيار الوطني الحر، وعلى الوزير جبران باسيل أن يردع قليلي الأدب والأخلاق، وفي حال تماديهم في هكذا كلام يعني أن باسيل يتبنّى انحطاطهم»، داعياً إلى «وضع حدّ للتلاعب بمصير البلد، عبر أداء سياسي يشبه أداء قطّاع الطرق».
وثمّة من يراهن على موقف للبرلمان يدفع بالحريري إلى الاعتذار عن تأليف الحكومة، من زاوية أن النواب الذين سمّوا الرئيس المكلّف قادرين على منع التكليف منه، حيث أوضح نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي (عضو في تكتل «لبنان القوي» الذي يرأسه باسيل)، أن «إرسال رسالة من رئيس الجهورية إلى مجلس النواب، هو جزء من صلاحيات الرئيس الدستورية، وعلى رئيس المجلس (نبيه برّي) أن يخضع هذه الرسالة للمناقشة في جلسة يدعو إليها رئيس المجلس».
من جهته، رأى الخبير الدستوري النائب السابق صلاح حنين، أن «لا أحد يملك سلطة سحب التكليف من الرئيس المكلّف»، داعياً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى «الكفّ عن ابتداع تعابير ومحاولة إدخال آليات وأعراف جديدة على الدستور». وقال حنين: «صحيح أن رئيس الجمهورية ليس شريكاً في التكليف، لكنه شريك في التأليف، وهو من يصدر مرسوم تأليف الحكومة بالاتفاق مع الرئيس المكلّف، وبالتالي لا يستطيع الرئيس (عون) تغيير شيء إلا بالتفاهم من رئيس الحكومة»، معتبراً أن «التلويح بتوجيه رسالة للبرلمان، تصبّ في خانة الضغط على الحريري ودفعه لتشكيل الحكومة، في حين أن رئيس الجمهورية يتحمّل أيضا نصف المسؤولية في هذا المجال».
وأضاف حنين «للأسف هكذا رسالة من رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب، ستفسّر على أن رئيس الحكومة خصمه، لكنه في الحقيقة هو شريكه في قيادة دفّة الحكم، فإما يصلان معاً إلى شاطئ الأمان، وإما يغرقان معاً»، معتبراً أن «فشل تأليف الحكومة يعني أيضاً فشل العهد، وهذا ما لا يريده أحد من اللبنانيين».
وحمل وزير شؤون المهجرين معين المرعبي بعنف على هذا التلويح، ووضعه في خانة التسلية لدى البعض. ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «يحقّ لفخامة رئيس الجمهورية أن يتسلّى بهذا الموضوع من الآن حتى 100 عام، ولن يبدّل الواقع قيد أنملة». وقال «طالما يتحدثون عن الأحجام، فلنطبّق اتفاق الطائف، ونلغي الطائفية السياسية، وعندها كلّ فريق يأخذ حجمه على قاعدة الديمقراطية العددية»، مبدياً أسفه لأن «ربع اللبنانيين (في إشارة ضمنية إلى المسيحيين) يأخذون نصف وظائف الدولة، بخلاف المناصفة انحسرت بالنواب والوزراء وموظفي الفئة الأولى، بينما يريد جبران باسيل أن يطبق هذا المعيار على موظفي الفئة العاشرة للهيمنة على كلّ البلد».
وفي المواقف السياسية، نوّه وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال والنائب في كتلة «الجمهورية القوية» بيار بو عاصي، إلى أنّ «الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري هو الّذي يشكّل الحكومة ويعرضها على رئيس الجمهورية ميشال عون، وليس الوزير جبران باسيل»، مؤكّداً أنّ «لا أحد يستطيع أن يلغي دستور لبنان، وأي مسّ بالدستور يعرّض الاستقرار اللبناني لخطر كبير».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».