أبحاث العلماء الألمان السلوكية: اتخاذ القرار بشكل جماعي أفضل من الفردي

يسعى العلماء لابتكار مناهج جديدة لبحث سلوك الحيوانات داخل أسراب

أسراب الأسماك تذهب في جماعات
أسراب الأسماك تذهب في جماعات
TT

أبحاث العلماء الألمان السلوكية: اتخاذ القرار بشكل جماعي أفضل من الفردي

أسراب الأسماك تذهب في جماعات
أسراب الأسماك تذهب في جماعات

من أول نظرة، يبدو أن هذه السمكة الصغيرة قد ضلت طريقها تحت الماء، وتسبح مجموعة من الأسماك من فصيلة القشريات التي تعيش في المياه العذبة داخل حوض خاص بها، ومن حين لآخر تترك سمكة منها السرب، ثم تعود للانضمام إليه بعد بضع دقائق.
ويعرب أليكس جوردان عن اعتقاده أن هذه السمكة تقوم بفعل يتجاوز مجرد التحرك بشكل عشوائي داخل منطقة محدودة المساحة. ويجري جوردان، وهو عالم أحياء بجامعة «كونستانز» الألمانية، أبحاثاً حول سلوك الأسماك وهي تسبح في أسراب، أو لنكون أكثر دقة: حول كيف يؤثر سلوك المجموعة على الفرد، والعكس بالعكس.
ويقول جوردان: «بمساعدة التكنولوجيا الحديثة، أصبحنا قادرين على إجراء بحوث حول السلوك الجماعي بشكل جديد».
وكان العلماء قبل ظهور هذه التكنولوجيا يدرسون أساساً سلوك كل فرد على حده، لأنه لم يكن من الممكن، أو كان من الصعب، دراسة مجموعة بأكملها في الوقت ذاته.
ويوضح جوردان قائلاً إنه «كان يتم في السابق إجراء البحث دائماً حول سلوك سمكة بعينها تغوص داخل المياه. والآن، أصبح لدينا التكنولوجيا التي تساعدنا على دراسة حركة الحيوانات داخل سرب، على سبيل المثال، عن طريق استخدام مجموعة من آلات التصوير».
وفي عام 2016، تم تأسيس مركز بارز للأبحاث، مخصص لدراسة السلوك الجماعي، وداخل السرب، وتم الاستعانة فيه بالرسوم البيانية المعدة بالحاسب الآلي، وبخبراء تحليل البيانات، وعلماء الأحياء المتخصصين في دراسة سلوك الكائنات الحية. وباستخدام تحليل البيانات، وتصور بيانات الحركة من المجموعات الكبيرة من الحيوانات، يسعى العلماء لابتكار مناهج جديدة لبحث سلوك الحيوانات التي تتحرك داخل أسراب، وكذلك الحركات والخطوات التي تقوم بها الحيوانات وسط القطيع.
وعلى سبيل المثال، قام جوردان وزملاؤه بتجربة لدراسة كيف تمرر مجموعات الأسماك المعلومات بين أفرادها.
وخلال التجربة، تم تعليم واحدة من أسماك القشريات كيفية التفرقة بين الضوئين الأصفر والأزرق، وعند إضاءة أحد اللونين، تتم إتاحة الطعام، وعندما تتم إضاءة اللون الآخر، يعني ذلك عدم وجود طعام.
وعندما تعود هذه السمكة إلى المجموعة، تتعلم الأسماك الأخرى منها عن طريق تقليد سلوكها بالتدريج، ويتعرف العلماء على السمكة الأولى، لأنها تحمل طبقة صغيرة من الشفرة على رأسها.
ولاحظ العلماء في أثناء مراقبتهم للسمكة شيئاً مثيراً للاهتمام، فعندما تنفصل هذه السمكة عن السرب في بداية التجربة، وتسبح في اتجاه الضوء الأصفر، في اتجاه مخالف للأسماك الأخرى، لأنها تعلم أنها متجهة إلى الطعام، فإن الأسماك الأخرى تلاحظ سلوكها بشكل أكثر مما لو كانت سمكة مهيمنة وسط السرب.
ويقول جوردان إن «السمكة المهيمنة تسبح كثيراً في اتجاهات مختلفة»، وبالتالي فإن الأسماك الأخرى لا تلحظ في البداية أي تغيير في سلوكها، ولكن ما فائدة هذه المعلومات؟
يشير جينز كرواسه، الباحث بمعهد «لايبنيز» لبيئة المياه العذبة ومزارع الأسماك، ومقره برلين، إلى أحد الأمثلة على هذه الفائدة، حسب وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).
فقد أجرى الفريق الذي يعمل معه مقارنة بين نماذج من أساليب سلوك أسراب الأسماك وطرق سلوك البشر في جماعات، ويقول: «إننا بحثنا، على سبيل المثال، كيف تتحرك الحيوانات وسط القطيع»، واكتشف الفريق أن الأمر يحتاج فقط إلى بضعة حيوانات تعرف مقصدها لكي تحرك، وتوجه مجموعة بأكملها. واختبر العلماء النظرية التي توصلوا إليها على مجموعات يصل عدد الواحدة منها إلى 200 شخص.
ويقول كرواسه إن «المجموعات الكبيرة من الأفراد يمكن توجيهها أيضاً، من جانب عدد قليل من الأشخاص الذين يعلمون المقصد الذي سيذهبون إليه». كما يتيح البحث حول سلوك القطيع معلومات ذات قيمة حول عمليات اتخاذ القرار.
ويضيف كرواسه: «إننا نظرنا إلى الطريقة التي يشخص بها الأطباء سرطان الثدي والجلد»، وفي الخطوة التالية، بحث العلماء كيفية تحسين معلوماتهم عن طريق أساليب المعرفة الجماعية.
والنتيجة: إذا قارنت تشخيص 3 أطباء على الأقل، فستكون النتيجة أفضل من تشخيص أفضل طبيب في المجموعة.
ومن هنا، استنتج العلماء أن اتخاذ القرار بشكل جماعي يكون أفضل غالباً من اتخاذه بشكل فردي.


مقالات ذات صلة

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

يوميات الشرق طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

كشف بحث جديد أنه يمكن لفيروس إنفلونزا الطيور أن يصيب الخيول دون أن يسبب أي أعراض، مما يثير المخاوف من أن الفيروس قد ينتشر دون أن يتم اكتشافه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تشعر فعلاً بالألم (غيتي)

الكركند والسرطانات «تتألم»... ودعوة إلى «طهوها إنسانياً»

دعا علماء إلى اتّباع طرق إنسانية للتعامل مع السرطانات والكركند والمحاريات الأخرى داخل المطبخ، بعدما كشفوا للمرّة الأولى عن أنّ القشريات تشعر فعلاً بالألم.

«الشرق الأوسط» (غوتنبرغ)
يوميات الشرق العلماء الدوليون ألكسندر ويرث (من اليسار) وجوي ريدنبرغ ومايكل دينك يدرسون حوتاً ذكراً ذا أسنان مجرفية قبل تشريحه في مركز إنفيرماي الزراعي «موسغيل» بالقرب من دنيدن بنيوزيلندا 2 ديسمبر 2024 (أ.ب)

علماء يحاولون كشف لغز الحوت الأندر في العالم

يجري علماء دراسة عن أندر حوت في العالم لم يتم رصد سوى سبعة من نوعه على الإطلاق، وتتمحور حول حوت مجرفي وصل نافقاً مؤخراً إلى أحد شواطئ نيوزيلندا.

«الشرق الأوسط» (ويلنغتون (نيوزيلندا))
يوميات الشرق صورة تعبيرية لديناصورين في  بداية العصر الجوراسي (أ.ب)

أمعاء الديناصورات تكشف كيفية هيمنتها على عالم الحيوانات

أظهرت دراسة حديثة أن عيَّنات من البراز والقيء وبقايا أطعمة متحجرة في أمعاء الديناصورات توفّر مؤشرات إلى كيفية هيمنة الديناصورات على عالم الحيوانات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق يشكو وحدة الحال (أدوب ستوك)

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

قال العلماء إنّ الأصوات التي يصدرها الدلفين «ديل» قد تكون «إشارات عاطفية» أو أصوات تؤدّي وظائف لا علاقة لها بالتواصل.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.