قناة «إن بي سي» الأميركية تمول اثنتي عشرة حلقة من مسلسل «إيه دي»

روما داوني كما ظهرت في «الإنجيل»
روما داوني كما ظهرت في «الإنجيل»
TT

قناة «إن بي سي» الأميركية تمول اثنتي عشرة حلقة من مسلسل «إيه دي»

روما داوني كما ظهرت في «الإنجيل»
روما داوني كما ظهرت في «الإنجيل»

في الثالث من شهر مارس (آذار) من هذا العام، قامت محطة «هيستوري تشانل» الأميركية ببث عشر حلقات درامية بعنوان «الإنجيل». تلقـف المشاهدون الأميركيون الحلقات باهتمام. في الواقع، انطلقت الحلقة الأولى جامعة حولها 13 مليونا و100 مشاهد، وحين انتهت بعد عشرة أسابيع كان معدل الإقبال ما زال مرتفعا: 11 مليونا و700 ألف مشاهد.
حينها، التقى رئيس قسم المنوعات في محطة «NBC» منتج المسلسل مارك بيرنت وقال له: «إذا كنت تنوي استكمال الحلقات في مسلسل آخر، فنحن على استعداد لشرائه». وهكذا كان، أولا لأن «NBC» تدفع أكثر، وثانيا لأنها تـشاهد أكثر، وثالثا لأن بيرنت، وشريكته في الإنتاج روما داوني (التي مثلت أحد الأدوار الرئيسة في «الإنجيل»)، كانا ينويان بالفعل استتباع المسلسل الأول بآخر؛ وهما سمـاه «بعد الميلاد» (A.D)، ويجري حاليا العمل على تصويره على أن يبث في عام 2015.
قيام المحطات التلفزيونية الأميركية بإنتاج دراميات دينية مسلسلة ليس جديدا. لكن الجديد، هو عودة هذه المسلسلات كظاهرة. ففي الوقت ذاته، أعلنت محطة «CBS» أنها في سبيل إنتاج «ماسادا» الذي يروي حصار روما لمدينة ماسادا وجاليتها اليهودية في عام 72 بعد الميلاد. وهو الحصار الذي جاء في عداد بضع حروب بين الرومان واليهود وانتهت معظمها بانتصار الرومان في المواقع التي دارت فوق فلسطين.
والجمهور موجود حسب ما تصدره المؤسسات المستقلة من أرقام وإحصاءات. ما هو غير مؤكد حتى الآن هو ما إذا كان هذا الاهتمام تعبيرا عن ردة نحو الإيمان أو مجرد اهتمام تاريخي، خصوصا أن هذه المسلسلات لا علاقة لها بالبرامج الدينية التي تبثـها محطات إنجليكية. المختلف عن مسلسلات دينية سابقة، هو أن الميزانيات ارتفعت لتواكب التحول من مجرد إعادة تمثيل أعمال هي في جوهرها نوع من التحقيقات التسجيلية، إلى أعمال كبيرة الحجم ممثـلة بالكامل وتبتعد عن الخط التسجيلي التقليدي قدر المستطاع.
بذلك، هي أشبه بالأفلام السينمائية الدينية التي بزغت في عصور ماضية وتكاد تختفي هذه الأيام. فمنها ما ورد في عهد السينما الصامتة (النسخة الأولى من «بن حور»)، ومنها ما عرضته الشاشات الكبيرة في عقود القرن الماضي، خصوصا في الستينات («الإنجيل في البداية»)، وصولا إلى عهد ليس بالبعيد (عندما قام المخرج مارتن سكورسيزي بتحقيق «العشاء الأخير للمسيح» سنة 1988).
* مشاركة سينمائية
* توجـه استديوهات السينما إلى الأفلام المستقبلية والخدع البصرية وكل ما يهم الجيل الناشئ من أسباب التشويق والإثارة، حد كثيرا من بقاء الأفلام الدينية والأعمال التاريخية الملحمية متداولة. بعض الأفلام التي جرى إنتاجها في الستينات، مثل «مملكة السماء» (2004) لريدلي سكوت، تخلـت عن الوعظ الديني واكتفت بتصوير الصدام الذي جرى بين المسيحية والإسلام في عهد الحروب الصليبية. قبله بعام، وجدنا المخرج الألماني العامل في هوليوود وولفغانغ بيترسون يقدم حكاية «طروادة» التي يغيب فيها الجانب الديني، وفي 2004 أيضا قام أوليفر ستون بإخراج «ألكسندر» الذي تناول فيه رحلة المحارب الماسيدوني من وجهة نظر عسكرية لم يتوقـف خلالها على أي من المعاني الثقافية أو الدينية التي ألمـت بها بعض النسخ السابقة من حكاية ذلك الملك المحارب.
هذه الأفلام تكلـفت كثيرا وأنتجت قليلا، مما أقنع شركات هوليوود بأنها مغامرات غير محمودة العواقب.
لكن الأمر يختلف على الشاشة الصغيرة التي يتابعها جيل غير شاب مكون من أرباب عائلات ومتوسطي العمر ومن أبناء أجيال ما قبل الثمانينات. وإلى هذه المجموعة الكبيرة، تستدير المحطـات التلفزيونية بأعمالها الجديدة هذه.
هذا لا يعني أن الشاشات الكبيرة هجرت الأعمال القائمة على نصوص الكتب السماوية تماما. المخرج دارن أرونوفسكي، الذي كان من بين أشهر أعماله الحديثة «البجعة السوداء»، انتهى من تصوير «نوح» لحساب باراماونت مع راسل كراو، أنطوني هوبكنز، جنيفر كونللي من بين آخرين كثيرين في هذه الملحمة التي تتحدث عن النبي نوح وبنائه السفينة ودعوته الناس للإيمان والالتحاق به. لكن هذا العمل المرشـح للعرض في العام المقبل، ووجه بمشاكل ناتجة عن رغبة باراماونت في استحواذ حق النسخة الأخيرة ورفض المخرج لذلك لأن هذا الفعل سيتعارض ورؤيته الخاصـة. والمخرج ريدلي سكوت سيعود إلى السينما ذاتها في «هجرة» مع كريستيان بايل في دور النبي موسى مع بن كينغسلي وسيغورني ويفر وجون تورتورو وهيام عباس في أدوار مختلفة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».