هجوم للمعارضة جنوب السودان يهدد بإفشال الهدنة

بعد يومين من اتفاق أطراف النزاع على بنود تنفيذ الترتيبات الأمنية في الخرطوم

TT

هجوم للمعارضة جنوب السودان يهدد بإفشال الهدنة

قالت المعارضة المسلحة الرئيسية في جنوب السودان بزعامة ريك مشار إنها استولت على منطقتين في ولاية «نهر ياي» من القوات الحكومية التي كانت قد استعادتها قبل أيام، في مؤشر قد يهدد الهدنة ومسار عملية السلام، خصوصاً أن الفرقاء في جنوب السودان «الحكومة والجماعات المعارضة» اتفقوا مساء أول من أمس على تنفيذ الاتفاقية الخاصة ببند الترتيبات الأمنية في العاصمة السودانية الخرطوم.
وذكر بيان للمعارضة المسلحة اطلعت عليه «الشرق الأوسط» أن قواتها شنت هجوماً مضاداً على الجيش الحكومي في منطقتي (جمرا وكوبيرا) في ولاية «نهر ياي» في غرب الاستوائية، وقال البيان إنه تمت السيطرة على «أراضينا». وذكر البيان أن 13 جندياً من القوات الحكومية في عداد المفقودين، إضافة إلى إصابة العشرات بجروح. وأكدت المعارضة أنها ملتزمة بعملية السلام على الرغم ما أسمته بـ«العدوان» من قبل القوات الحكومية.
وكانت المعارضة بزعامة ريك مشار اتهمت الجيش الحكومي بشن هجوم واسع في ولاية «نهر ياي» في غرب الاستوائية، وطالبت هيئة مراقبة وقف إطلاق النار وبعثة الأمم المتحدة لقوة حفظ السلام في جنوب السودان بإجراء تحقيق حول الهجوم. ويعد هذا الاتهام هو الأول منذ هدنة طويلة شهدتها البلاد بعد توقيع اتفاقيات بشأن تقاسم السلطة ونظام الحكم والترتيبات الأمنية، آخرها توقيع بالأحرف الأولى على اتفاق السلام النهائي بين جوبا وفصائل المعارضة، بما فيها التي يتزعمها مشار.
من جهة أخرى، قال وزير الإعلام في جنوب السودان المتحدث باسم الحكومة مايكل مكواي للصحافيين، إن أطراف النزاع في بلاده اتفقوا مساء أول من أمس في الخرطوم على تنفيذ الاتفاقية الخاصة ببند الترتيبات الأمنية، وأضاف أن لجنة الترتيبات الأمنية توصلت إلى اتفاق بشأن الترتيبات الأمنية بسرعة نتيجة خبراتهم في المسائل الأمنية، مشيراً إلى أن الأطراف ستواصل المحادثات بشأن بقية الموضوعات، معرباً عن تفاؤله باكتمال المناقشات حول هذه الوثائق بسرعة، وقال: «نحن متفائلون بأننا سنكون في وضع يسمح لنا بإنهاء هذه المناقشات بيوم الغد حتى نتمكن من التوقيع على هذه الوثائق». وأوضح أن وزراء خارجية الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (الإيقاد) سيعقدون اجتماعاً في الخرطوم بعد انتهاء قمة الصين وأفريقيا التي ستنتهي اليوم.
من جانبه، قال المدير التنفيذي لمنظمة «تمكين المجتمع» إدموند ياكاني إن الوساطة السودانية قامت بتقسيم الأطراف إلى لجنتين صباح أمس لمناقشة البنود الخاصة بالحكم والسلطة والمساعدات الإنسانية بعد تجاوز ملف الترتيبات الأمنية مساء أول من أمس، مشيراً إلى أن اللجنة الأولى سوف تناقش الفصل الأول المتعلق بالحكومة الانتقالية والفصل الثالث الخاص بالمساعدات الإنسانية والرابع عن العدالة الانتقالية والمحاسبة، وأضاف: «المحادثات بشأن وضع الجدول الزمني لتنفيذ هذه البنود تسير بطريقة جيدة».
وكانت الأطراف المتنازعة في جنوب السودان قد استأنفت أول من أمس مناقشات حول البنود النهائية لتنفيذ تنشيط السلام، وقامت الوساطة بتقسيم الأطراف إلى ثلاث لجان لمناقشة تلك البنود، وسيعتمد مجلس وزراء (الإيقاد) الاتفاق وبنود التنفيذ وبعدها ستعرض الوثائق على قمة المنظمة الإقليمية للموافقة عليها، ومن المتوقع أن تناقش القمة الاستثنائية شواغل قوى المعارضة، وستسعى إلى عقد لقاء مباشر بينها مع الرئيس سلفا كير لحل القضايا الخلافية، خاصة في حدود الولايات وعددها وسلطات نواب الرئيس.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.