بين النهار والمساء.. خطوط رفيعة ومربعات صغيرة

الموضة تقول للرجل: كل التوجهات جائزة ما دامت الأناقة هي العنوان

بين النهار والمساء.. خطوط رفيعة ومربعات صغيرة
TT

بين النهار والمساء.. خطوط رفيعة ومربعات صغيرة

بين النهار والمساء.. خطوط رفيعة ومربعات صغيرة

في بداية هذا العام، أثار الممثل البريطاني إيدي ريدمان الكثير من الانتباه عندما تسلم جائزة رجل العام من مجلة «جي كيو»، بمظهر مختلف ولافت. فهو لم يحضر المناسبة ببدلة «توكسيدو» وربطة بابيون مثل المغني جاستن تامبرلايك أو النجم مايكل دوغلاس أو المصمم توم فورد ممن حضروا الحفل، بل اختار بدلة مطبوعة بنقوش مربعة وخطوط متداخلة بالرمادي والأسود والأزرق، وهو الأمر غير المسبوق في هذه المناسبات.
لم يكن هناك شيء ضد البدلة أو ينتقص منها، فهي من دار «غوتشي» الإيطالية، تميزت بسترة بصف واحد من الأزرار نسقها الممثل مع قميص أبيض وربطة عنق أيضا بمربعات صغيرة جدا.
ما أثار الانتباه أن حضور حفل مسائي ببدلة من التويد وبنقوش مربعة أو غير مربعة، أمر جريء لم يكن متعاملا به من قبل. ومع ذلك لم يثر هذا المظهر الاستنكار بقدر ما أثار الإعجاب، خصوصا بعد أن أضاف إليه لمسة بسيطة تتمثل في منديل جيب من الحرير بلون أبيض، كمن يقول إنه لم ينس أن الحفل كبير ويتطلب اهتماما خاصا. ما أكده الممثل أن الموضة لم تعد تخضع لنص صارم لا يمكن الخروج عنه، بل العكس تشجع على إضافة لمسة شخصية، عدا أن البدلة بأناقتها أكدت أن التويد خضع لعمليات تجميل جذرية على يد مصممين من أمثال تومي هيلفيغر، توم فورد، هاردي إيميز، إي توتز، وطبعا دار غوتشي، مما جعله يدخل كل المناسبات.
لكن رغم أن هذه المربعات أنيقة وأكدت أنها لكل المناسبات، يبقى السؤال الملح على البعض وهو مدى ملاءمتها لكل الرجال. باتريك غرانت، مصمم دار إي توتز يرد على هذا السؤال قائلا: «هذا يتعلق بحجم المربعات وشكلها إلى جانب ألوانها. فكلما كانت هادئة على أرضية رمادية أو زرقاء داكنة، وبمربعات صغيرة أو متوسطة الحجم، أصبحت البدلة مضمونة للأغلبية».
لكن ليس كل واحد له جرأة وأسلوب إيدي ريدمان، ولا قدرته على أن يبدو أنيقا في أي بدلة يختارها. فالرجل العادي يواجه الكثير من المطبات والحيرة منذ أن أصبحت من أساسياته بعد 2008؛ فهي الآن مطروحة بتصاميم متنوعة وألوان لم تكن تخطر على بال الرجل من قبل. من ناحية قماش التويد، مثلا، فهو قد يبدو رائعا على نجم أو على صفحات المجلات، لكن عندما يجربه رجل عادي لم يتعود عليه، فقد يشعر بأنه تحول إلى ناظر مدرسة، أو إلى مدير مبيعات متجول من السبعينات في حالة كانت بنقوش كبيرة وألوان جريئة. بيد أن هذا لا ينطبق على التويد وحده، فاختيار البدلة ككل يحتاج إلى بعض التفكير وأن تطرح، سيدي الرجل، على نفسك بعض الأسئلة قبل أن تنصاع وراء أي إغراء تقدمه لك المجلات أو المحلات:
- هل تختارها بزرين أو بثلاثة أزرار؟
- الاثنان أنيقان وعصريان، والعدد مسألة ذوق شخصي لأنهما لا يؤثران على المظهر أو يغيرانه بشكل جذري، لا سيما أن الزر الثالث لا يستعمل في العادة، ويبقى دائما مفتوحا إلا إذا كنت تلبس البدلة في حفل رسمي «بلاك تاي». ورغم أن موضة الأزرار الثلاثة عرفت أوجها في التسعينات فإنها لا تزال تروق للشباب والخيار المفضل لغالبيتهم. وهي بالفعل تبدو أنيقة وتزيد من الإحساس بالطول، على شرط أن يكون الزر الثاني موازيا لمنطقة الخصر تماما. أما في حال كانت السترة بزرين، فالزر الأعلى يكون هو الأساس وهو الموازي للخصر، لأن هذا الجزء هو مركز الجذب وهو الذي يخلق التوازن المطلوب.
- إذا كان لا بد من البحث عن أي فرق بينهما، فإنها عندما تكون بزرين تفسح المجال أكثر لبروز القميص والبدلة، وربما تخلق إحساسا أكبر بالطول بالنسبة للرجل القصير.
- ماذا عن البدلة المزدوجة؟
- إنها جد أنيقة لكن تجنبها إذا كنت قصيرا. الجميل فيها أنها رسمية وتصبغ على لابسها مظهر القوة، كما تخفي الكثير من العيوب بشكل رائع إذا كانت مفصلة على الجسم.
- ما الذي يناسب مقاييس الجسم؟
دائما يكرر الخبراء أن أهم عنصر في البدلة أن تكون على المقاس، وهذا لا يعني بالضرورة الاعتماد على خياط خاص، فهناك بدلات جاهزة تفي بالمطلوب على شرط أن تكون صادقا مع نفسك فيما يتعلق بما يناسبك، والأهم أن تعرف مقاسك جيدا. قد يبدو الأمر بديهيا، لكن بعض الرجال مخلصون لتصميم واحد لا يحيدون عنه، مما يحرمهم نعمة الاستكشاف والتعرف على تصميم جديد قد يناسب مقاسهم أكثر. من الأبجديات المتعارف عليها أن تعانق أكتاف البدلة الكتفين، ولا تخرج عنهما ولو بسنتمتر. للتأكد من هذا، قف على جانبك وحاول أن تلامس الحائط، إذا لامسته أكتاف البدلة قبل أكتافك فهذا يعني أنها كبيرة عليك. بالنسبة لمنطقة الصدر يجب أن تقفل أزرارها بسهولة من دون شفط بطنك.
البعض يعتقدون أن السترات القصيرة تعطيهم الانطباع بأنهم أطول، وهو اعتقاد خاطئ تماما، لأن طولها لا بد أن يكون معقولا يغطي المؤخرة.
- ماذا عن اللون والقماش؟
- الصوف المغزول بطريقة خفيفة وباللون الأزرق النيلي هما المفضلان، ليس لأنهما يجمعان الكلاسيكية بالعصرية فحسب، بل لأنهما أيضا يعطيان الانطباع بالرشاقة، كما يعكسان مظهرا مطفيا يجعل البدلة تدخل كل المناسبات تقريبا. يمكن مثلا ارتداء السترة كـ«بلايزر» مع بنطلون من خامة مختلفة، كما يمكن ارتداؤها في المساء أو النهار. الرمادي الغامق أيضا من الألوان المضمونة التي تشهد رواجا كبيرا، لأنه مثل الأزرق النيلي يتيح إمكانية تنسيقه مع ألوان أخرى. قماش التويد، موضة دارجة ومناسبة جدا لفصل الشتاء تحديدا، لكن يفضل أن يكون بنقوش خفيفة وألوان غير متضاربة. حتى بالنسبة للبدلة المقلمة بخطوط رفيعة، يفضل أن لا تتخللها أي طبعات أخرى أو خطوط معاكسة.



برنامج هارودز «ذا هايف» يعود إلى الرياض حاضناً المواهب الشابة

جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)
جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)
TT

برنامج هارودز «ذا هايف» يعود إلى الرياض حاضناً المواهب الشابة

جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)
جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع الحالية، وإدخال أخرى تقرأ نبض الشارع وثقافة جيل صاعد يُعوِلون عليه ويريدون كسب ولائه بربط علاقة مستدامة معه.

وهذا تحديداً ما تقوم به بيوت أزياء عالمية حوَلت متاجرها إلى فضاءات ممتعة يمكن للزبون أن يقضي فيها يوماً كاملاً ما بين التسوق وتناول الطعام أو فقط الراحة وتجاذب أطراف الحديث مع الأصدقاء في جو مريح لا يشوبه أي تساؤل.

جانب من الحوارات في النسخة الأولى أظهرت تشبث الشباب السعودي بإرثه وموروثاته (هارودز)

محلات «هارودز» ذهبت إلى أبعد من ذلك. ففي أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2021، أطلقت ما أصبح يُعرف بـ«هارودز هايف». برنامج قائم على حوارات ونقاشات مُلهمة يستهدف احتضان المواهب المحلية الصاعدة ودعمها أينما كانت، وذلك بجمعها مع رواد الترف والمختصين في مجالات إبداعية بشباب صاعد متعطش للمعرفة واختراق العالمية.

كانت التجربة الأولى في شنغهاي، ومنها انتقلت إلى بكين ثم دبي وأخيراً وليس آخراً الرياض.

ففي يناير (كانون الثاني) 2024، وتحت عنوان «الغوص في مفهوم الفخامة»، كانت النسخة الأولى.

الأميرة الجوهرة بنت طلال بن عبد العزيز آل سعود في حوار جانبي مع الحضور (هارودز)

نجحت «هارودز» في إظهار مدى حماس شباب المنطقة لمعرفة المزيد عن مفهوم الفخامة الحصرية وطرق مزجها بثقافتهم وإرثهم. ما كان لافتاً في التجربة السعودية تحديداً تمسك الشباب بالتقاليد والتراث رغم انفتاحهم على العالم.

وهذا ما ترجمته الأميرة الجوهرة بنت طلال بن عبد العزيز آل سعود، سيّدة الأعمال والناشطة في الأعمال الخيرية التي شاركت في النسخة الأولى بقولها: «لم أُرِد يوماً أن أغيّر أي شيء في تقاليدنا، لأنّنا نملك الكثير من الفنون والإبداع. نحن نعتبر تقاليدنا من المسلّمات، لكن العالم توّاق لما هو جديد –وينبذ الرتابة– فقد ملّ من العلامات التجارية نفسها والتصاميم ذاتها».

سارة مايلر مدير تطوير الأعمال الدولية والاتصالات بـ«هارودز» (هارودز)

كان توجه «هارودز هايف» إلى الرياض مسألة بديهية، حسب قول سارة مايلر، مدير تطوير الأعمال الدولية والاتصالات بـ«هارودز» في لقاء خاص، «لقد جاء تماشياً مع رؤية المملكة 2030 والطفرة التي تشهدها حالياً... أردنا من خلال البرنامج التركيز على القدرات الثقافية والإبداعية التي تكتنزها هذه المنطقة لا سيما أن لدينا فيها زبائن مهمين تربطنا بهم علاقة سنين».

محلات «هارودز» مثل غيرها من العلامات الكبيرة، ليست مُغيَبة عن الواقع. هي الأخرى بدأت تلمس التغييرات التي يمر بها العالم وتؤثر على صناعة الترف بشكل مباشر.

من بين الاستراتيجيات التي اتخذها العديد من صناع الموضة والترف، كان التوجه إلى جيل «زي» الذي لم يعد يقبل بأي شيء ويناقش كل شيء. الترف بالنسبة له لم يعد يقتصر على استهلاك أزياء وإكسسوارات موسمية. بل أصبح يميل إلى أسلوب حياة قائم على معايير أخلاقية تراعي مفهوم الاستدامة من بين معايير أخرى. الموضة ترجمت هذه المطالب في منتجات مصنوعة بحرفية عالية، تبقى معه طويلاً، إضافة إلى تجارب ممتعة.

معانقة الاستدامة

متجر «هارودز» مثل غيره من العلامات الكبيرة، أعاد تشكيل تجربة التسوق بأن جعلها أكثر متعة وتنوعاً، كما تعزز الاستدامة والتواصل الثقافي. وهذا تحديداً ما تستهدفه مبادرة «ذا هايف» وفق قول سارة «فهذا النهج ليس منصة للحوارات فحسب، بل يتيح لنا التواصل مع الجمهور بشكل أفضل لكي نتمكن من فهمه ومن ثم تلبية احتياجاته وتوقعاته. كما يسمح لنا ببناء علاقة مستدامة مبنية على الاحترام وفهم احتياجات السوق المحلي. وليس هناك أفضل من الإبداع بكل فنونه قدرة على فتح حوار إنساني وثقافي».

إطلاق النسخة الثانية

قريباً وفي الـ11 من هذا الشهر، ستنطلق في الدرعية بالرياض الدورة الثانية تحت عنوان «إلهام الإبداع من خلال التجربات». عنوان واضح في نيته التركيز على القصص الشخصية والجماعية الملهمة. كل من تابع النقاشات التي شاركت فيها باقة من المؤثرين والمؤثرات في العام الماضي سيُدرك بأن فكرته وُلدت حينها. فالتمسك السعودي بالهوية والإرث لم يضاهه سوى ميل فطري للسرد القصصي.

سمة بوظو أكدت في نسخة 2024 أن فنّ رواية القصص جزء من التركيبة السعودية (هارودز)

أمر أوضحته بسمة بوظو، أحد مؤسّسي الأسبوع السعودي للتصميم والتي شاركت في نسخة 2024 بقولها: «بالنسبة لنا كمبدعين، فإن ولعنا بالفنون والحرف التقليدية ينبع من ولعنا بفنّ رواية القصص، لدرجة أنه يُشكّل محور كل أعمالنا». وتتابع مؤكدة: «حتى توفّر التكنولوجيا الحديثة واكتساحها مجالات كثيرة، يُلهمنا للارتقاء بفنّ رواية القصص».

من هذا المنظور، تعد سارة مايلر أن برنامج هذا العام لن يقل حماسًا وإلهاماً عن سابقه، خصوصاً أن الحلقات النقاشية ستستمد نكهة إنسانية من هذه القصص والتجارب الشخصية، بعناوين متنوعة مثل «إلهام الإبداع» و«الرابط»، و«تنمية المجتمع الإبداعي» و«القصص المهمة» وغيرها.