تونس ترفع أسعار المحروقات للمرة الرابعة في 2018

TT

تونس ترفع أسعار المحروقات للمرة الرابعة في 2018

أقرت السلطات التونسية زيادة في أسعار المحروقات منذ يوم أمس الأحد، وذلك في إطار التعديل الآلي لتلك الأسعار كل ثلاثة أشهر، وهو تعديل متفق بشأنه بين تونس وصندوق النقد الدولي؛ والذي يرى أن منظومة الدعم ككل ومن بينها الموارد الموجهة لدعم قطاع المحروقات تستهلك نصيبا كبيرا من ميزانية الدولة ومواردها، خاصة من النقد الأجنبي.
وشملت عمليات الزيادة كلا من البنزين الخالي من الرصاص، والغازوال (الديزل) دون كبريت، والغازوال العادي، فيما حافظت قوارير غاز البترول المسيل (الغاز المنزلي) وبترول الإنارة على أسعارها دون أي تعديل.
واتخذت الحكومة قرارات الزيادة في أسعار المحروقات في ثلاث مناسبات سابقة، الأولى كانت صبيحة العام الحالي، والثانية بتاريخ 1 أبريل (نيسان) الماضي، أمّا الزيادة الثالثة فيعود تاريخها إلى يوم 23 يونيو (حزيران) الماضي.
وتبدو الزيادة في أسعار المحروقات استجابة سريعة لتوصيات صندوق النقد الدولي، حيث توصل الطرفان يوم الجمعة إلى اتفاق بشأن السياسات اللازمة لاستكمال المراجعة الرابعة لملف تونس، تمهيدا لصرف شريحة جديدة بقيمة 257 مليون دولار، بنهاية سبتمبر (أيلول) الحالي، ليصل بذلك إجمالي ما تحصلت عليه تونس من الصندوق إلى 1.5 مليار دولار، من القرض البالغ قيمته الإجمالية 2.8 مليار دولار.
وقال بيورن روثر، رئيس بعثة الصندوق إلى تونس، في بيان يوم الجمعة إن «مواصلة العمل على تقليص العجز المالي، هذا العام والعام المقبل، أمر مهم لاستقرار الديون، وخفض الطلب المفرط على الواردات، خاصة في ظل الزيادة الأخيرة في أسعار النفط العالمية»، مضيفا أنه: «سيظل من المهم بشكل خاص متابعة إصلاحات دعم الطاقة، وإدارة فاتورة الأجور العامة بعناية، ووضع صناديق التقاعد العامة والخاصة على أساس مستدام».
وعزت السلطات التونسية التعديل الرابع لأسعار الوقود هذا العام إلى الارتفاع المتواصل لأسعار النفط ومشتقاته في الأسواق العالمية، إذ تجاوز سعر النفط الخام خلال الفترة الأخيرة من هذه السنة عتبة 75 دولارا للبرميل، في حين أن ميزانية 2018 توقعت أسعارا بعيدة عن الواقع، لا تزيد على 54 دولارا، مما جعل الهوة تتسع بمرور الأشهر الأولى من السنة الحالية.
وقال مسؤولون لـ«رويترز» إن مخصصات دعم الوقود المتوقعة هذا العام سترتفع من 1.5 مليار دينار (556 مليون دولار)، إلى 4.3 مليار دينار (1.6 مليار دولار)، مع ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية. وذلك بينما يضغط صندوق النقد الدولي على تونس لخفض العجز في موازنتها وزيادة أسعار الوقود والكهرباء لتعويض الارتفاع في أسعار النفط.
وتشير مصادر من وزارة المالية التونسية إلى أن كل دولار واحد زيادة على مستوى أسعار النفط العالمية ينعكس سلبا على الميزانية التونسية، ويتطلب إضافة نحو 120 مليون دينار تونسي (نحو 43 مليون دولار) إلى الموارد المخصصة لدعم المحروقات.
وتوقع عز الدين سعيدان الخبير الاقتصادي والمالي التونسي، ألا تكون هذه الزيادة الأخيرة في سلسلة الزيادات التي تنتظر أسعار المحروقات، وذلك بالنظر إلى اتساع هوة تعويضات الدولة المقدمة لسد ثغرة المحروقات المؤثرة على الميزان التجاري التونسي وعلى موارد الدولة.
وأشار إلى أن «الضرورة ملحة خلال هذه الفترة لسن قانون مالية تكميلي يساعد على توفير إمكانيات مالية إضافية لميزانية اعتمدت على توقعات بعيدة عن الواقع، إن لم نقل إنها خاطئة».
من ناحية أخرى، تتجه الحكومة التونسية إلى تخفيف الضغط الجبائي (الضريبي) على المؤسسات ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2019 وذلك من خلال صياغة الخطوط الكبرى لهذا القانون، وهو ما قد يساعد على دفع عمليات الاستثمار سواء المحلي أو الأجنبي.
ومن المنتظر أن يكون مشروع قانون المالية الجديد جاهزا قبل يوم 15 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، على أن يعرض للمصادقة أمام البرلمان التونسي قبل يوم 10 ديسمبر (كانون الأول) من هذه السنة.
واعتبر خبراء في مجال الاقتصاد والمالية أن نسب الضرائب والأداءات في تونس تعد من بين الأرفع على المستوى الدولي، وهي تساهم بنحو 30 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهذه الأداءات ليست في حاجة إلى الرفع من جديد، وهو ما قد يضر بتنافسية المؤسسات الاقتصادية ويدفع بالمستثمرين إلى البحث عن وجهات استثمارية أخرى أقل ضغطا.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.