تسابق المساعي الروسية للتوصل إلى تسوية مع فصائل المعارضة في شمال سوريا، استعدادات النظام لإطلاق معركة عسكرية نحو إدلب «باتت جاهزة» بحسب ما قالت مصادر معارضة، وسط ازدياد الاغتيالات في ريف إدلب التي تستهدف قادة في الفصائل والتنظيمات المتشددة، وبلغ ضحاياها 294 شخصاً؛ بينهم مدنيون.
وقالت مصادر سورية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام السوري أتم انتشاره على تخوم الجبهات العسكرية التي ينوي إطلاق الهجوم نحو إدلب منها، وأضافت أن «النظام، كما علمنا، أتم استعداداته في ريف اللاذقية الشرقي للهجوم على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، يصل منها إلى جسر الشغور»، إحدى كبرى المدن في ريف إدلب الغربي. ونقلت معلومات تفيد بأن قوات النظام «تنتظر الأوامر الرئاسية لإطلاق الهجوم»، مشيرة إلى أن النظام «حشد على الجبهات كافة في الشرق والغرب والجنوب وسهل الغاب للانطلاق بهجوم نحو مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في أرياف: حماة الجنوبية الغربية، وإدلب الشرقية والغربية، وحلب الغربية والجنوبية».
وكانت المعلومات تحدثت عن عمليات تحشيد غير مسبوقة لمعركة من المرجح أن تشارك فيها معظم القوى العسكرية النظامية العاملة على الأرض السورية، بعد استقدام النظام تعزيزات عسكرية ضخمة، تمثلت في الدفع بعشرات آلاف العناصر من قوات جيشه ومن المسلحين الموالين لها، بمواكبة نحو ألفي مدرعة.
ولم يُحدد موعد المعركة التي كان متوقعاً أن تنطلق في مطلع شهر سبتمبر (أيلول) الحالي، وسط غياب أي معلومات عن موعد انطلاقتها. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن التأخير يعود بشكل أساسي إلى «البحث عن حل تركي يرضي كل الأطراف يمكن أن يجنب معركة في المنطقة الشمالية»، مشيراً إلى مساعٍ روسية للتوصل إلى تسوية مع فصائل المعارضة، لكنه في الوقت نفسه أكد أن النظام «بات مستعداً للمعركة». وفي الوقت نفسه، لفت إلى أن هناك عمليات تحصين وحفر أنفاق وخنادق تقوم بها فصائل المعارضة في محاولة لإعاقة أي تقدم مستقبلي للنظام، إضافة لنزوح للمدنيين نحو مناطق سيطرة القوات التركية في عفرين.
ولا يتردد النظام في خرق الهدنة الروسية – التركية التي تم التوصل إليها قبل 19 يوماً، في ما بدا أنها ضربات موضعية ومحدودة وتمهيدية لمعركة واسعة النطاق. وقصفت قوات النظام أمس محاور في جبل التركمان بريف اللاذقية الشمالي فجراً، بالإضافة لقصفها صباح الأحد على أماكن في بلدة الزكاة بالريف الشمالي الحموي، ومنطقة في سهل الغاب في الريف الشمالي الغربي لحماة، وتمثل الاستهداف بقصف قوات النظام مناطق في قرية خربة الناقوس، بالتزامن مع إسقاط قوات النظام طائرة استطلاع في سماء سهل الغاب.
جاء ذلك بعد ساعات على قصف مناطق في ريف جسر الشغور الغربي، ما تسبب بمقتل سيدة حامل وطفلتها، استمراراً لعملية خرق شبه يومية للاتفاق. وقال «المرصد السوري» إن قوات النظام «تحاول إبقاء مناطق حلب وإدلب واللاذقية وحماة، على صفيح ساخن تمهيداً لعملية عسكرية قد تبدأ في حال فشل القوات التركية في مساعيها لحل الفصائل المتشددة في إدلب والشمال السوري».
في السياق، صرح وزير خارجية النظام السوري، وليد المعلم، أمس، خلال لقاء على قناة «روسيا 24» الروسية، بأن سوريا لا تتطلع لمواجهة مع تركيا، لكن على الأخيرة أن تفهم أن إدلب محافظة سورية. وأضاف أن «الرئيس بشار الأسد أكد على أولوية تحرير إدلب سواء بالمصالحات أو بالعمل العسكري».
ورغم تصاعد تعزيزات النظام تحضيراً للمعركة، فإنه قد تواصلت «التصفيات الداخلية في شمال سوريا بين بعض الفصائل ومجموعات متطرفة»، بحسب ما قالت مصادر معارضة في الشمال، قائلة إن موجة الاغتيالات المستمرة «طالت قادة في الفصائل ومسؤولين نافذين في التنظيمات المتطرفة ضمن إطار التصفيات الداخلية ومعارك بسط النفوذ والسيطرة»، لافتة إلى أن المدنيين «يقتلون ضمن هذه الحرب الأمنية».
وأفادت شبكة «عنب بلدي» أمس باغتيال قياديين من «الجبهة الوطنية للتحرير» في ريف إدلب، وذلك ضمن حالة الفلتان الأمني التي تعيشها المحافظة منذ أشهر. وقالت إن فصائل «الجيش الحر» عثرت على جثتين على مفرق نحليا جنوب إدلب، للقائد العسكري «أبو واصف» والقيادي «أبو ماريا»؛ إداري. وينضوي القياديان في «الجبهة الوطنية للتحرير»، التي تشكلت أخيراً نتيجة اندماج فصائل «الجيش الحر» مع «جبهة تحرير سوريا» وفصائل «جيش الأحرار» و«صقور الشام».
ويتواصل الفلتان الأمني متصاعد الوتيرة منذ 26 أبريل (نيسان) الماضي عبر عمليات اغتيال بعبوات ناسفة وبإطلاق الرصاص، وعن طريق خطف ورمي جثث، حصدت 294 شخصاً على الأقل ممن اغتيلوا في أرياف إدلب وحلب وحماة. وفي 20 أغسطس (آب) الماضي، قتل 3 عناصر من «الجبهة الوطنية» أيضاً، جراء إطلاق النار عليهم من قبل مجهولين في سراقب بريف إدلب الشرقي. كما استهدفت سيارة مفخخة مقرا يتبع «الجبهة الوطنية» في جبل الأربعين بمدينة أريحا، ما أدى إلى مقتل عنصر وجرح عدد من المقاتلين. ولم تتبن أي جهة حوادث الاغتيالات أو التفجيرات في اليومين الماضيين.
وأفاد «المرصد السوري» أمس بوقوع انفجار هزّ بلدة كفرسجنة الواقعة بالقطاع الجنوبي من ريف إدلب، تبين أنه ناجم عن سيارة بالجهة الشرقية من البلدة، كما رصد السبت تفجيراً في منطقة الضبيط بمدينة إدلب، كما وثق السبت عملية اغتيال طالت عنصرين يرجح أنهما من «هيئة تحرير الشام»، في منطقة جلاس بريف إدلب الشرقي؛ إذ أطلق مسلحون مجهولون النار عليهما، فيما حاول مجهولون اغتيال قائد جماعة تابعة لـ«تحرير الشام» عبر تفجير عبوة ناسفة خلال مروره في إحدى المناطق بريف إدلب.
سباق بين المساعي الروسية واستعدادات النظام للهجوم على إدلب
294 قتيلاً نتيجة حرب التصفية المستمرة في الشمال
سباق بين المساعي الروسية واستعدادات النظام للهجوم على إدلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة