تنظيم «القاعدة» يزحف إلى المناطق «الرخوة»

توسّع في اليمن وأفريقيا... و«حمزة» في المشهد

سيارة مفخخة ببصمة عناصر «حركة الشباب» أحالت وسط مقديشو إلى خراب ودمار (أ.ف.ب)
سيارة مفخخة ببصمة عناصر «حركة الشباب» أحالت وسط مقديشو إلى خراب ودمار (أ.ف.ب)
TT

تنظيم «القاعدة» يزحف إلى المناطق «الرخوة»

سيارة مفخخة ببصمة عناصر «حركة الشباب» أحالت وسط مقديشو إلى خراب ودمار (أ.ف.ب)
سيارة مفخخة ببصمة عناصر «حركة الشباب» أحالت وسط مقديشو إلى خراب ودمار (أ.ف.ب)

بعد مرور 30 عاماً على تأسيس «القاعدة»... بداية من 1987 عندما أقام أسامة بن لادن (زعيم القاعدة السابق) مخيم تدريب في أفغانستان، وأصبح فيما بعد يعرف باسم «القاعدة». بات التنظيم الذي يمتلك سجلاً أسود في العمليات الإرهابية، يتقدم في المشهد الدموي على «أطلال» غريمه «داعش»، وبدأ «القاعدة» يخطط ليكون التنظيم الأول، كما كان قبل ظهور «داعش»... والفترة الأخيرة شهدت زيادة نشاطات «القاعدة» في اليمن؛ فالتنظيم استطاع أن يستغل هذه الحرب لزيادة أسهمه، ورغم أن نشاطاته الإرهابية قلت مؤخراً، زاد أسهمه، ووجوده. فتنظيم القاعدة الذي قاد حركة «الجهاد العالمي» منذ نحو العقدين، ونفذ عملية هزت أميركا في «11 سبتمبر (أيلول)» عام 2001، كما قام بتفجير مبنى سفارتي الولايات المتحدة الأميركية في نيروبي ودار السلام بكينيا؛ مما أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص عام 1998، تعرض لمرحلة «خفوت» عززها ظهور «داعش»؛ إلا أن الأخير دخل في مرحلة خسارة الأرض والنفوذ بالعراق وسوريا، ولاذت عناصره الأكثر شهرة بالفرار.
مختصون في الحركات الأصولية بمصر قالوا لـ«الشرق الأوسط»، إن «القاعدة» لن ينتهي أو يتلاشى؛ لأن عوامل البقاء موجودة وتغذيها بعض المشكلات الإقليمية والدولية... فالتنظيم لم يخف خلال السنوات السبع الماضية سعيه الحثيث للحضور ضمن دائرة التأثير في شمال وغرب أفريقيا، وجدّد خلال تلك المدة شبكاته وهياكله وتطوير خطابه الإعلامي.
وأكد المختصون، أن «القاعدة» توسع في اليمن أيضاً، والزحف قادم في المناطق «الفارغة والرخوة» مثل، الصحراء الغربية في ليبيا، وبعض المناطق بالسودان، والصومال، وإريتريا، واليمن، وسوريا، والعراق، وفي آسيا، وفي عدد من العواصم الكبيرة الضخمة التي بها عناصر لها مظلوميات داخل دولها مثل «الصين، وفرنسا، وألمانيا».

تقدم بعد زوال
قتل «بن لادن» عام 2011 عندما داهمت القوات البحرية مجمعه في أبوت آباد في باكستان، وتوقع البعض حينها أن يؤدي ذلك إلى زوال «القاعدة»؛ لكن لم يحدث هذا، حيث بحلول نهاية العام الماضي، كان «داعش» في حالة يرثى لها؛ إذ حررت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة المدن العراقية والسورية، التي كانت تحت سيطرة «داعش»، وبدأ تنظيم القاعدة يتقدم من جديد وينتعش.
من جهته، أكد عمرو عبد المنعم، الخبير المتخصص في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن هناك تطوراً لتنظيم القاعدة خلال الأشهر الماضية، والذي يدلل على ذلك تطوران، الأول هو أن الفكر القاعدي لا ينتهي ولا يندثر؛ لأن عوامل بقائه واستمراره متوافرة في العالمين العربي والغربي، وبالتالي ينحصر ثم يتقدم من جديد. أما التطور الآخر، فهو الصراع الحقيقي بين «القاعدة» و«داعش»، ومن هم القادة الفعليون للتنظيم الأصلي؟ مضيفاً أن «الضربات التي تلقاها (داعش) في سوريا والعراق، جعلت (القاعدة) يحاول أن يرث الإرث الداعشي، وبخاصة أن هناك أكثر من إصدار مرئي لأيمن الظواهري زعيم (القاعدة) يهاجم فيه (داعش) وزعيمها أبو بكر البغدادي، وأنهما (أي «داعش» والبغدادي) يسعيان لشق صف المسلمين، وأنهم صاروا أسوأ من (الخوارج) فلم يكتفوا بتكفير المسلمين بما ليس بمُكفر؛ بل كفروا العلماء والصالحين والمجاهدين».

تآكل «داعش»
وقال مراقبون، إن هجوم «الظواهري» على «البغدادي» عزز الخلاف بين «القاعدة» و«داعش» منذ الإعلان عن «الخلافة المزعومة» في 2014؛ إذ كان زعيم «داعش» ومن معه يرون أن فرض «دولة» بالقوة هو الخيار الوحيد لتنفيذ حلم «الإسلاميين» في دولة؛ في حين كان يرى «القاعدة» أن طرح فكرة «الدولة الإسلامية» في الظروف الدولية الحالية يضر بالفكرة وسيكون مصيرها الفشل.
لكن انتهاء «داعش» الذي تآكلت «دولته المزعومة» عقب الانتصارات الواسعة التي حققتها القوات المتعاونة بقيادة أميركا، دفع كثيراً من «المتطرفين» لفقد انبهارهم بـ«داعش»؛ وهو ما يعني نجاحاً ضمنياً لتصور «القاعدة» عن «داعش» - على حد زعم التنظيم -، وفي سبيل ذلك يسعى «القاعدة» لاستعادة صدارة التنظيمات الإرهابية.
ويتفق المختصون والمراقبون على أن «القاعدة» يشارك «داعش» الأهداف نفسها بعيدة المدى؛ لكنها تسير على طريق مختلفة، تريد أن تسير في بطء وفي حذر... وكان تنظيم «القاعدة» يستثمر في العمل طويل المدى. رغم اختفائه كثيراً من الساحة، ظل باقياً، وها هو يتجدد الآن قائداً للحركة الجهادية العالمية.

تأهيل حمزة
وبشأن كون حمزة بن لادن مؤهلاً لقيادة «القاعدة» مستقبلاً، لم يستبعد عبد المنعم ذلك، مؤكداً قد يكون التنظيم يعد «حمزة» لخلافة «الظواهري» أو أي قيادة أخرى. ويدلل على ذلك بأن التنظيم لا يثق في أي قيادة من خارج «القاعدة»؛ لذلك يتم تصعيده من باب التوثيق. فبعض قيادات «القاعدة» تدفع بـ«حمزة» لكونه «فلاش» إعلامياً، ليقول التنظيم إنه «باقٍ». في حين ترى قيادات أخرى في «القاعدة» أنه لا يتولى القيادة إلا من هو أكبر القيادات سناً، والذي لم يتعرض لمحن، وليس لديه أي شبهات في تاريخه.
وقال عبد المنعم، إن الجانب الفكري عند «القاعدة» و«داعش» واحد؛ لكن الصراع بات واضحاً في «الخلافة» ومن يتولى «الخلافة» ومن بايع من؟، فتأخر الإعلان عن وفاة المُلا عمر (الزعيم الروحي لحركة طالبان الأفغانية) أكثر من عامين ونصف العام ساهم في إحداث فجوة كبيرة. فضلاً عن استراتيجية «داعش» في الحرب على العالم كله، لكن «القاعدة» ترى الحرب بالوكالة أو المرحلية أو تقديم عدو على عدو، أو تصفية الأعداء وفي بعض المراحل الأنظمة أو الغرب... فوجود «القاعدة» أو «داعش» لن ينتهي أو يتلاشى؛ لأن عوامل البقاء موجودة وتغذيها بعض المشكلات الإقليمية والدولية.

توسعات مستقبلية
كما رصدت الكثير من الدراسات والتقارير الدولية، تمدد «القاعدة» في شمال وغرب أفريقيا، وبخاصة دول مجموعة الساحل مضافاً إليها تونس والجزائر... وأن التنظيم يمثل التهديد الأول والأخطر على أمن واستقرار منطقة شمال وغرب أفريقيا... وسبق أن هدد فرع لتنظيم القاعدة بشن هجمات على شركات غربية في شمال وغرب أفريقيا، ودعا إلى مقاطعتها.
وعن توسعات «القاعدة» الحالية على حساب «داعش»، قال عبد المنعم، إن «القاعدة» توسع في أفريقيا واليمن، والزحف قادم في المناطق الفارغة، فضلاً عن توسعات قادمة في المستقبل للتنظيم، وليس أمامنا سوى ملء الفراغين السياسي والفكري؛ لأنه حتى في تعامل «القاعدة» مع الغرب كانت له أكثر من طريقة، ومهم جداً أن نعرف استراتيجيات تنظيمات العنف والإرهاب... فعندما انتقل «القاعدة» من أفغانستان إلى العراق كان أقل حدة في التعامل مع الأمر السياسي، وعندما انتقل لسوريا حدث المشهد نفسه، وهذا سبب انتقال عناصر من «القاعدة» إلى «داعش».
ويؤكد المراقبون أن الوسائل التي يعتمد عليها تنظيم «الظواهري» في المناطق التي يتمدد فيها تتمثل في «عمليات اختطاف وتبادل الرهائن الأجانب، وتجارة المخدرات، وبيع السلاح، وغسل الأموال، والسرقة والنهب، وتهريب المهاجرين، والتبرعات، وتحويل الأموال، من الجمعيات غير الشرعية».

هيكلة جديدة
في غضون ذلك، أعدت دار الإفتاء المصرية دراسة عن تنظيم «القاعدة»، وكشفت عن أن التنظيم لم يخف خلال السنوات السبع الماضية سعيه الحثيث للحضور ضمن دائرة التأثير في شمال وغرب أفريقيا، وجدّد خلال تلك المدة شبكاته وهياكله وتطوير خطابه الإعلامي.
وأوضح معدو الدراسة، أن التنظيم سعى إلى الامتثال لتعليمات «الظواهري» بضرورة عمل تحالف واندماج الجماعات «المتطرفة» في محاولة لمعالجة التشتت والتخبط التنظيمي، الذي عانى منه التنظيم خلال السنوات الماضية؛ وهو ما أضعفه. لذا؛ عملت خمسة أفرع تابعة للتنظيم في المنطقة على تبني نهج التحالف والاندماج تحت اسم «نصرة الإسلام والمسلمين»، وهو يعد التنظيم الأخطر في المنطقة منذ تأسيسه في 2017 لجهة عدد العمليات في مالي.
ويشار إلى أن لتنظيم القاعدة 5 أفرع، هي «جبهة النصرة في سوريا، والقاعدة في شبه الجزيرة العربية باليمن، والقاعدة في شبه القارة الهندية بجنوب آسيا، والشباب في الصومال، والقاعدة في المغرب الإسلامي بشمال أفريقيا»، وهناك روابط مع مجموعات أخرى في سوريا، وأفغانستان، وباكستان، وغرب أفريقيا.

الذئاب المنفردة
في هذا الصدد، لفت عمرو عبد المنعم إلى أنه لا بد من أن نفرق بين التنظيمات التي تواجه أنظمة عربية أو غربية، والتي تولد من رحم هذه التنظيمات، والتي تبدأ من الصفر، فالتنظيمات الكبيرة مثل «القاعدة» ولها تاريخ، إذا لم تتلاشَ فسوف تتحول إلى تنظيمات أخرى؛ لذلك سوف يتوسع تنظيم القاعدة في مناطق أخرى «فضاء ورخوة»، مثل، الصحراء الغربية في ليبيا، ومناطق بالسودان، والصومال، وإريتريا، وبعض المناطق في اليمن، وسوريا، والعراق، وفي آسيا، وفي عدد من العواصم الكبيرة الضخمة التي بها عناصر لها مظلوميات داخل دولها مثل «الصين، وفرنسا، وألمانيا»، مضيفاً: ينشط القاعدة في هذه الأماكن عن طريق «الذئاب المنفردة» أو ما يعرف باسم «العملية الواحدة»، وفيها عنصر واحد يساعده آخر، الأول يتم توقيفه من قبل سلطات الدول أو يقتل في عملية انتحارية، والآخر يذهب للتنظيم بالعملية ليعلنها للجميع... لذا؛ سوف نجد نشاطاً أكبر لـ«القاعدة» وهذا مكمن الخطر.
ويرى المراقبون أيضاً، أن كثيراً من الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي تلقت تدريبات على يد عناصر «القاعدة» انفصلت عن التنظيم خلال السنوات الماضية وانضمت إلى تنظيمات أخرى مثل «داعش».
ويسعى «القاعدة» إلى ضم هؤلاء «الدواعش» الآن. وذكرت دراسة دار الإفتاء، أنها اعتمدت على شواهد كثيرة تدل على تنامي «القاعدة» منذ عام 2017 بعد أن تمكن التنظيم من إعادة بناء قدراته بهدوء خلال السنوات الماضية، في ظل توقعات بأن يكون التنظيم أكثر نشاطاً وخطورة على الأمن القومي لعدد من المناطق الإقليمية ودول بعينها في شمال وغرب أفريقيا.
وأكدت الدراسة وجود علاقة قوية بين المراجعات التي أعدها قيادات من التنظيم بهدف إعادة إحيائه وتجديد نشاطه، وبين ممارسات التنظيم خلال السنوات الماضية؛ وهو ما يؤشر إلى أهمية تلك المراجعات في فهم ورصد أهم الاستراتيجيات التي سينطلق منها التنظيم لتنفيذ عملياته، كما أنها تساعد على رصد الأهداف التي يمكن للتنظيم استهدافها في عمليات تمدده. كذلك، تعطي صورة أوضح لفهم خطاب التنظيم الإعلامي.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.