جثمان شاب مصري تبرعت أمه بأعضائه لأربعة صينيين يصل القاهرة

الإعلام الصيني احتفى به

الشاب المتوفى في الصين
الشاب المتوفى في الصين
TT

جثمان شاب مصري تبرعت أمه بأعضائه لأربعة صينيين يصل القاهرة

الشاب المتوفى في الصين
الشاب المتوفى في الصين

قبل أيام سافر الشاب المصري شريف الجزار، وهو في كامل صحته إلى مقاطعة جوانغدونغ جنوبي الصين في مهمة عمل، ليعود أمس إلى مطار القاهرة الدولي جثماناً، من دون أربعة أعضاء، بعد أن قررت والدته التبرع بها لمرضى صينيين.
الشاب كان قد سقط مغشياً عليه بينما كان يستحم، الجمعة الماضي، ليفارق الحياة بعد 5 أيام بسبب نزيف حاد في المخ ناجم عن ارتطام رأسه في الأرض، ورغم وقع خبر الوفاة الصادم الذي استقبلته الأم؛ إلا أن ذلك لم يمنعها من الموافقة على التبرع بأعضاء ابنها لإنقاذ مرضى صينيين.
وكانت المستشفى التي يعالج بها الجزار في الصين، قد عرضت على شقيقته التي لحقت به أن يتم استخدام أعضاء شقيقها لإنقاذ أربعة مرضى، فطلبت منحها الفرصة لأخذ موافقة الأم، التي لم تتردد في القبول.
وأظهرت لقطات تلفزيونية بثتها فضائيات صينية، فريدة شقيقة الشاب المتوفى، وهي توقع على الموافقة بعد أن اتصلت بوالدتها التي أعلنت موافقتها عبر مكبرات الصوت بالهاتف، مما دفع موظفو المستشفى إلى الانحناء تقديراً لهذه اللفتة الإنسانية.
وفي مصر، انتقد بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي تصرف الأم، فيما أيدها آخرون استنادا إلى الرأي الذي يجيز التبرع بالأعضاء.
وقبل نحو شهر أثير جدل مع استخدام مستشفى قصر العيني بالقاهرة لنص قانوني يتيح لها الحصول على القرنية من متوفى، باعتبارها نسيجاً وليست عضوا، دون الحصول على إذن أقاربه.
وقال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر، عبر برنامجه على قناة «دي إم سي»، إن هذا الشاب المصري أصبح رمزاً للإنسانية، مشيداً بما فعلته أسرة الشاب، مضيفاً: أنه «مثال يجب أن نتبعه في المجتمع المصري»، مؤكداً أن أعضاءه سيتبرع بها بعد وفاته.
من جانبها، طالبت النائبة شادية ثابت، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب (البرلمان) في اتصال مع «الشرق الأوسط»، بالاستفادة من هذه الواقعة للدعاية لثقافة التبرع بالأعضاء، لا سيما أنه يوجد قانون ينظمها.
ويمنح القانون المصري حق التبرع بالأعضاء للشخص في حياته، بأن يذهب المُتبرع أولا إلى الشهر العقاري لتسجيل رغبته، ومن ثم يتم إخطار اللجنة العليا لزراعة الأعضاء، لتقوم بتنظيم عمليات تبادل الأعضاء بين المتبرع والمستقبل.
وشددت ثابت على أن هذه العملية تحدث في معظم بلدان العالم، وأن التبرع بالأعضاء أمر ينبغي تعزيزه في المدارس والجامعات، حتى يتوقف الناس عن الاتجار في الأعضاء البشرية، ويلجأوا إلى فعل التبرع الأكثر إنسانية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».