ترتيبات ثلاثية لـ«عملية متدحرجة» في إدلب

أنقرة تعزز قواتها في ريف حماة... ودمشق ترسل تعزيزات إلى الشمال

قافلة للجيش التركي في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
قافلة للجيش التركي في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

ترتيبات ثلاثية لـ«عملية متدحرجة» في إدلب

قافلة للجيش التركي في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
قافلة للجيش التركي في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

تزامن تقدم قوات الجيش التركي إلى مورك في ريف حماة وسط سوريا بعمق 90 كيلومترا بعيدا من الحدود مع إرسال دمشق تعزيزات إلى الأرياف المجاورة إلى إدلب، مؤشر إلى «الترتيبات المعقدة» التي تسعى إليها موسكو بين الحكومة السورية وحلفائها من جهة، والحكومة التركية وفصائل المعارضة من جهة ثانية، وإلى رغبة الجانب الروسي إلى الاستمرار في لعب «دور الميزان» بين الأطراف المنخرطة في سوريا.
كان الرئيس بشار الأسد أعلن أن إدلب هي المحطة المقبلة لقوات الحكومة بعد السيطرة على الجنوب وغوطة دمشق، سواء عبر المصالحات أو المعارك، في وقت حذر مسؤولون دوليون من «كارثة إنسانية» بسبب وجود 2.3 مليون شخص واحتمال تهجير 800 ألف شخص، إضافة إلى تحذيرات من استخدام الكيماوي واحتمال توجيه ضربات غربية.
دمشق أرسلت تعزيزات إلى الشمال لخوض معركة «فجر إدلب». موسكو حشدت قواتها البحرية لتوفير «درع سوريا». أنقرة ضغطت على المعارضة كي تتوحد باسم «الجبهة الوطنية للتحرير» وتضم نحو 55 ألف عنصر، إضافة إلى نحو 30 ألفاً من فصائل تابعة للحكومة المعارضة. «هيئة تحرير الشام» التي تضم «فتح الشام» (النصرة سابقا) حشدت مواليها بينها «حراس الدين» (1200 عنصر) و«الجيش التركستاني» (1500 عنصر) بحيث باتت تضم نحو 12 ألفاً بينه 5 آلاف من غير السوريين. كما لوح زعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمد الجولاني من ريف اللاذقية القريب من القاعدة الشعبية للنظام والقاعدة العسكرية لروسيا بمعركة، إضافة إلى أنباء عن تجهيز 200 «سيارة مفخخة».
بدت الأمور على حافة معركة كبرى، هي الأعقد، في منطقة مساحتها تساوي عشرة آلاف كيلومتر مربع، أي بمساحة لبنان، وتضم خطوط تماس بين جميع الأطراف السورية المتحاربة. كما أنها تضم 12 نقطة مراقبة تركية و10 نقاط روسية، و7 إيرانية، إضافة إلى قربها من القاعدة الشعبية للنظام ومن قاعدتي حميميم وطرطوس الروسيتين ومن حدود تركيا.
بقيت الاتصالات العسكرية والاستخبارات الروسية - التركية - الإيرانية. وبعد زيارة وفد تركي برئاسة وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إلى موسكو الجمعة زار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنقرة أمس قبل زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى موسكو اليوم، بحثا عن ترتيبات لتقر في القمة الروسية - التركية - الإيرانية في طهران في السابع من الشهر المقبل.
بحسب المعلومات، المطروح على مائدة التداول يتضمن قيام قوات الحكومة بدعم روسي بـ«عملية محدود ومتدحرجة» بحيث تتم في المرحلة الأولى السيطرة على «نقاط استراتيجية» بينها «طريق إم 5» و«طريق إم 4»، أي الطريق الواصل حماة بحلب عبر معرة النعمان والطريق الواصل اللاذقية بحلب عبر سراقب بعد جسر الشغور، إضافة إلى السيطرة على جبل التركمان بين اللاذقية وإدلب.
في موازاة ذلك، ستعمل تركيا التي طلبت من روسيا «تعهدات ألا تشن دمشق معارك ضد فصائل المعارضة خلال قتال هيئة تحرير الشام»، على حل عقدة المتطرفين، إضافة إلى الضغط على «هيئة تحرير الشام» كل تحل نفسها، ما يعني احتمال انضمام السوريين إلى فصائل أخرى والبحث عن «مخرج للقادة غير السوريين». كما ستقبل تركيا تقديم مساعدات لنازحين داخل الاراضي السورية الى حين عودتهم بعد انتهاء المعارك كما حصل في الجنوب السوري. وقال مصدر: «ستقوم روسيا بشن حملة حارقة بداية ثم يعرض على البعض تسوية أو استسلام تتضمن الخروج إلى مناطق أخرى أو التعرض إلى قصف شديد»، لافتا إلى أن بعض الأفكار التي طرحت هو «نقل قياديين من رافضي التسوية إلى منطقة قرب مارع في ريف حلب بحيث يكون هؤلاء في مواجهة مع حلفاء واشنطن من وحدات حماية الشعب الكردية شمال شرقي حلب».
وتتضمن ترتيبات الشمال، أن تسلم «هيئة تحرير الشام» السلاح الثقيل إلى فصائل معارضة والجيش التركي على أن تبقى المعارضة شمال طريق اللاذقية - حلب في المرحلة الراهنة، على أن يجري البحث في مستقبل هذه المنطقة في مرحلة لاحقة ضمن النظر إلى التسوية النهائية في سوريا، مع بقاء الوجود التركي في نقاط المراقبة وفي منطقتي «درع الفرات» و«غضن الزيتون» ومجالس محلية معارضة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.