«داعش» تضيق الخناق على ثالث كبرى المدن الكردية في سوريا

خدمة عسكرية إلزامية في مناطق سيطرة «الاتحاد الديمقراطي الكردي»

«داعش» تضيق الخناق على ثالث كبرى المدن الكردية في سوريا
TT

«داعش» تضيق الخناق على ثالث كبرى المدن الكردية في سوريا

«داعش» تضيق الخناق على ثالث كبرى المدن الكردية في سوريا

أقر المجلس التشريعي في الإدارة الذاتية الديمقراطية بمقاطعة الجزيرة التابعة لحزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» السوري، قانونا يفرض «واجب الدفاع الذاتي عن مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية»، أي الخدمة العسكرية الإلزامية.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «القانون هو أداء واجب الدفاع الذاتي عن مناطق الإدارة الذاتية». ويدعو القانون الذي عرف بقانون «الدفاع الذاتي» إلى الخدمة الإلزامية بصفتها واجبا اجتماعيا وأخلاقيا وقانونيا يشمل المكونات الاجتماعية كافة. ويفرض القانون على كل أسرة من مواطني مقاطعة «الجزيرة» أن تقدم أحد أفرادها لأداء واجب الدفاع لمن يتراوح عمره بين 18و 30 سنة، فيما تبلغ مدة «أداء الواجب» ستة أشهر فعلية، ويجوز أداؤها بشكل مستمر أو متقطع، وذلك خلال سنة واحدة.
ولا يلزم القانون النساء بالمشاركة في العمليات القتالية، إذ يشير إلى أن مشاركتهن والتزامهن بهذا القانون، طوعية. أما بالنسبة للطلاب، فيحق لهم أداء الواجب خلال سنتين متتاليتين.
وأعفي من الالتزام بهذا القانون أسر «شهداء» وحدات حماية الشعب وقوات الأسايش (الأمن)، والأسر التي لها أبناء في وحدات حماية الشعب وقوات الأسايش، والمقاتلون ضمن حركة التحرر الوطني الكردستانية، والوحيد لوالديه، والمعوقون، والمرضى بأمراض مزمنة. أما بالنسبة للمعيلين، فتقرر بموجب القانون منحهم إعانة مالية خلال فترة أدائهم واجبهم. وجرى النص على بعض العقوبات لضمان الالتزام بتطبيق القانون.
ومن المنتظر أن تصدر مواد القانون وتفاصيله ونظامه الداخلي في «الجريدة الرسمية للإدارة الذاتية الديمقراطية في مقاطعة الجزيرة».
ويأتي هذا الإجراء في وقت ضيق تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) الخناق على ثالث كبرى المدن الكردية في أقصى شمال سوريا، سعيا لتوسيع سيطرته على مناطق حدودية مع تركيا، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس. ويسعى التنظيم، الذي تكتسب عملياته في سوريا زخما من الهجوم الكاسح الذي يشنه في العراق منذ شهر، إلى ربط مناطق سيطرته في شمال سوريا وشرقها، مع المناطق التي سيطر عليها في شمال العراق وغربه.
وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية، إن «ريف مدينة عين العرب (كوباني باللغة الكردية) بات محاصرا بشكل كامل من (الدولة الإسلامية)» التي تتقدم باتجاه المدينة الواقعة في ريف حلب. وأوضح أن عناصر التنظيم «يبادرون إلى الهجوم ويتقدمون، وسيطروا في الأيام العشرة الماضية على سبع قرى تقع إلى الجنوب والشرق والغرب من عين العرب»، ثالث كبرى المدن الكردية في سوريا بعد القامشلي (في محافظة الحسكة) وعفرين (في ريف حلب). وبحسب المرصد، يبلغ عدد سكان عين العرب وريفها نحو 400 ألف نسمة.
وبحسب المرصد، تدور منذ ليل السبت معارك عنيفة بين مقاتلي «الدولة الإسلامية» وعناصر من وحدات حماية الشعب الكردي في بلدة شيوخ تحتاني وفي محيط قرية أحمدية وفي مناطق أخرى، على مسافة نحو 40 كم إلى الغرب والشرق من عين العرب. ونتج عن المعارك أسر المقاتلين الأكراد قائدا عسكريا في «الدولة الإسلامية» هو مصري من مدينة السويس. كما قتل 11 عنصرا من التنظيم على الأقل، بحسب المرصد.
وأشار عبد الرحمن إلى أن أهمية عين العرب تكمن في كونها «جيبا داخل مناطق وجود (الدولة الإسلامية) على الحدود السورية - التركية».
ويبلغ طول هذه الحدود نحو 700 كم، وباتت «الدولة الإسلامية» تسيطر على نحو 250 كم منها، تمتد من أقصى شمال شرقي حلب، حتى أطراف مدينة رأس العين في الحسكة، التي تبعد نحو 180 كم شرق عين العرب.
وقال الخبير في شؤون الحركات الإسلامية رومان كاييه، إن مقاتلي «الدولة الإسلامية» الذين يحاصرون عين العرب «هم في موقع قوة. تنقصهم عين العرب للتمدد كليا حتى رأس العين». وأضاف: «في حال سيطروا على عين العرب، سيتمتعون بتواصل جغرافي من جرابلس (شمال شرقي ريف حلب)، وصولا إلى رأس العين»، عادا هذا التمدد «استراتيجيا، لأنه يقع على الحدود (...) ويتيح لهم تواصلا ميدانيا».
وأكد عبد الرحمن أن «الدولة الإسلامية» تحاول ربط هذه المناطق الحدودية بتلك التي تسيطر عليها في دير الزور (شرق سوريا) والرقة (شمال)، وصولا إلى محافظتي الأنبار ونينوى في العراق.
ويشن التنظيم المتشدد، منذ أكثر من شهر، هجوما كاسحا في العراق، أتاح له السيطرة على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها. وعزز هذا الهجوم من قدرة التنظيم على خوض معارك في سوريا، فسيطر على مزيد من المناطق في دير الزور، ويحاول القيام بالأمر نفسه في حلب. وأعلن التنظيم قبل أسبوعين إقامة «الخلافة الإسلامية»، وتنصيب زعيمه أبو بكر البغدادي «خليفة للمؤمنين».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم