روحاني {في ذمة القضاء} بعد إخفاقه في البرلمان

النواب لم يقتنعوا بأربعة أجوبة... والرئيس الإيراني قال إن الاحتجاجات الشعبية «أغرت» ترمب بالانسحاب من الاتفاق النووي

الرئيس الإيراني حسن روحاني يلقي خطابا في بداية جلسة استجوابه في البرلمان أمس (الرئاسة الإيرانية)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يلقي خطابا في بداية جلسة استجوابه في البرلمان أمس (الرئاسة الإيرانية)
TT

روحاني {في ذمة القضاء} بعد إخفاقه في البرلمان

الرئيس الإيراني حسن روحاني يلقي خطابا في بداية جلسة استجوابه في البرلمان أمس (الرئاسة الإيرانية)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يلقي خطابا في بداية جلسة استجوابه في البرلمان أمس (الرئاسة الإيرانية)

«لا يعتقد البيت الأبيض أنه سيكون فرحاً اليوم... عليه أن يعلم، سيكون حزيناً في ختام الجلسة»، بهذه العبارة حاول الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، قلب طاولة مجريات مساءلته في البرلمان، لكنه أخفق في إقناع أغلبية النواب، ولم يحصل على درجة النجاح سوى مرة من أصل خمس حول الأزمة الاقتصادية، ليصبح في ذمة تحقيق قضائي قد يؤدي إلى طرح الثقة وعزله من منصبه.
وتوجه روحاني إلى مقر البرلمان في ميدان بهارستان وسط طهران للرد على أسئلة النواب حول خمسة محاور أساسية في الأزمة الاقتصادية التي سبقت بأشهر تطبيق الحزمة الأولى من العقوبات الأميركية في السابع من أغسطس (آب). وقبل الاستجواب كانت التشكيلة الحكومية قد تلقت ضربتين متتاليتين بسحب الثقة من وزيري العمل علي ربيعي ووزير الاقتصاد مسعود كرباسيان في غضون الأسبوعين الماضيين.
ولم يكن روحاني وحيداً أمس؛ إذ رافقه فريق ضم نائبه الأول وفريق مساعديه ووزراء الخارجية والاستخبارات والاتصالات. وقبل روحاني وجّه النواب خمسة أسئلة حول تدهور استمرار العقوبات البنكية بعد الاتفاق النووي، والركود الاقتصادي، وتفاقم أزمة البطالة، وفشل سياسات الحكومة في كبح جماح البطالة، وارتفاع أسعار العملة وتراجع الريال الإيراني وتهريب السلع.
في بداية خطابه، بدا روحاني يريد الدخول إلى جلسة استجواب هادئة. دعا النواب إلى تبادل «الكلمات الطيبة» ضد بعضهم بعضاً. استعان بآية قرآنية تحذر من نزغ الشيطان والفرقة بين القوم. قال إن المرشد الإيراني علي خامنئي طالبه بـ«أخذ توصياته بعين الاعتبار خلال الاجتماع».
وكانت عناوين الصحف المؤيدة لسياسات روحاني تشير إلى مطالبته بتنفيذ آخر وعد قطعه على نفسه قبل ثلاثة أسابيع، وذلك بعدما أقر البرلمان رسمياً استجوابه، وقال حينها إنه يصارح الإيرانيين حول المشكلات.
وقبل الاجتماع، وزّع فريق الحكومة الإيرانية كتيباً من 47 صفحة على النواب، تضمن رداً من وزارات الخارجية والداخلية والاقتصاد والعمل على الأسئلة المطروحة.
وحاول روحاني الاحتفاظ بهيئة الرجل الواثق والهادئ في بداية خطابه، وقال إنه «لم يعتبر المساءلة نقطة ضعف»، واستغل وقوفه أمام البرلمان لتوجيه كلمة إلى كبار المسؤولين في النظام بـ«ضرورة مساءلة كل المسؤولين في إطار وظائفهم والقانون».
كل ذلك كان مقدمة لتوجيه رسالة من روحاني إلى «الأعداء والأصدقاء» على حد سواء بألا يظنوا أن مساءلته «بداية الشرخ بين الحكومة والبرلمان»، واعتبره تصوراً «خاطئاً». ومع ذلك، وجّه عتاباً إلى البرلمان على توجيه أسئلة اعتبرها موجهة لحكومته السابقة قبل أن يشيد بروح الأخوة بين البرلمان والحكومة.
وعن مساءلته في خمسة محاور، قال روحاني، إنه غيض من فيض يواجه الإيرانيين هذه الأيام. وقد تخطى عدد الذين وقّعوا على طلب مساءلته في مارس (آذار) الماضي ربع البرلمان (80 نائباً).
وأقر روحاني بقلق داخلي من تفاقم البطالة وأوضاع البنوك وظاهرة التهريب والركود الاقتصادي وارتفاع سعر العملة، مشدداً على أنها باتت حديث الساعة في الشارع الإيراني. إلا أنه في الوقت نفسه قال إنه حقق «تطورات إيجابية في الاقتصاد والثقافة والقضايا الاجتماعية والأمن القومي والسياسة الخارجية والداخلية»، مبدياً استغرابه من «ظروف مفاجئة» في غضون سبعة وثمانية الأشهر الأخيرة، وقال إنها «لا تثير قلق الإيرانيين فحسب، بل أثارت شكوكاً لدى فئات في الداخل الإيراني حول مستقبل وقوة النظام».
ووصف روحاني تغيير تصور الإيرانيين حيال المستقبل بـ«الألم الكبير» ودعا إلى «علاج الشكوك». وأشار إلى أهمية جميع المحاور التي كان البرلمان يريد مساءلته حولها، إلا أنه اعتبرها «لا شيء مقابل ثقة وأمل الناس».
انطلاقاً من ذلك، دعا روحاني المسؤولين إلى إقناع الناس بأن «المشكلات الأخيرة مؤقتة»، وقال إن «مفتاح القضية يكمن في إيضاح تخطي المشكلات بتنسيق بين المرشد والسلطات الإيرانية الثلاثة». وفي إشارة إلى تهديده بالموت قبل أيام في مدرسة فيضية قم خلال اجتماع مثير للجدل الأسبوع الماضي، قال روحاني «لو كانت لدينا وحدة، لم يتحول معقل الثورة (مدرسة الفيضية) إلى ملعب لأهداف الأعداء». وحذر المسؤولين من تشويه صورة المنافسين، وقال إن «الخراب يجلب الخراب»، مضيفاً أن «السوداوية في حياة الناس ستؤدي إلى الظلام، ليس مجرد اجتماعات وشعارات هنا وهناك».
وخلص روحاني إلى أن الخلافات السياسية أدت إلى الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها أكثر من ثمانين مدينة إيرانية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مضيفاً أن «الاحتجاجات أغرت ترمب بالانسحاب من الاتفاق النووي»، وأضاف أنه «مارس ضغوطاً على الأوروبيين لمسايرة في تعديل بند الغروب وقضية الصواريخ». من هنا حاول نقل الكرة من المعلب الداخلي إلى الخارجي، وقال تحديداً «نحن لن نسمح بنجاح المؤامرات الأميركية، على الشعب الوثوق من ذلك»، وأضاف «نحن لن نسمح لجمع من المعادين لإيران في البيت الأبيض بالمؤامرة ضدنا».
وقال أيضاً في هذا الصدد «البيت الأبيض لا يعتقد بأنه سيكون فرحاً من نهاية جلسة اليوم، عليه أن يعلم بأنه سيكون حزيناً من نتائج جلسة اليوم». وعزا ذلك إلى ما اعتبره «اتحاد البرلمان والحكومة، وبين الأجهزة العسكرية وبين كل أجهزة الدولة تحت قيادة المرشد الإيراني»، وأضاف «لن نخشى أميركا ولن نخشى المشكلات، سنتخطى المشكلات بأفضل صورة ممكنة».
وقبل أن ينهي روحاني الجزء الأول من خطابه قال روحاني، إن الوزارات المعنية بالأسئلة الخمسة قدمت تقريراً مفصلاً حول التهريب والبطالة والاتفاق النووي والركود، شاركت فيه وزارات الخارجية والداخلية والاقتصاد والعمل.
وقال روحاني، عندما بدأت حكومته في 2013، إن التهريب كان يقدر بـ«25 مليار دولار»، مشيراً إلى أنه وصل إلى 12 مليار دولار (وفقا لآخر الإحصائيات)، وقال إن حصة الأسد للنفط ومشتقاته من دون أن يحدد وجهات التهريب أو الجهات المتورطة فيه.
عن الاتفاق النووي والعقوبات البنكية، قال روحاني، إن وزير الخارجية رد بالتفصيل على أسئلة النواب، لكنه نوّه بأن توقيع الاتفاق النووي كان هدفه «أن تقول إيران إن برنامجها النووي سلمي، وإن العقوبات الدولية فرضت عليها بناءً على أكاذيب، ودخلت تحت الفصل السابع»، وجدد دفاعه عما وصفه «إنجازات» الاتفاق النووي.
على خلاف روحاني، وجّه النواب أصابع الاتهام إلى سوء إدارة حكومة روحاني للأوضاع الداخلية. وهدد النائب حسين علي دليغاني بتوقيع طلب سحب الثقة من الرئيس الإيراني في حال لم يقدم أجوبة مقنعة للبرلمان. وطالب النائب المحافظ محمد دهقان من روحاني بأنه يكشف مصير «الدولار الحكومي»، وقال «يجب على الرئيس أن يقول من ألحق الضرر بالبلد» مضيفاً «لو أن هناك فساداً ورشى لماذا تمتنع الحكومة عن نشر قائمة من حصلوا على الدولار الحكومي؟». وقال حسين نقوي حسيني، مخاطباً روحاني «إن المادة 34 تلزمك بتوفير الوظائف والدخل المناسب للشعب»، مضيفاً أن هناك «خمسة ملايين عاطل عن العمل» معتبراً أداء الحكومة «دون المطلوب».
وقال حميد رضا فولادغر، ممثل أصفهان، إن «الأوضاع اتخذت اتجاهات تضايق معيشة الإيرانيين، والناس يتحملون هذه الأيام أكثر المشكلات الاقتصادية».
مسار التصويت أظهر أن روحاني فقد إلى حد كبير دعم كتلة الأمل الإصلاحية والكتلة المعتدلة التي لا تعارضه عادة في البرلمان. شارك في تصويت أمس 270 من بين 290 نائباً. حول سعر العملة خسر روحاني 169 نائباً، في حين حصل على تأييد 68 وامتنع 6 من التصويت. عن الركود الاقتصادي، عارض 150 نائباً رد روحاني ووافقه 116 وسط امتناع 6 نواب. معدل التصويت 190 نائباً قالوا لا لروحاني بينما وافقه 74 نائباً، وامتنع ثمانية. حول التهريب، وافق روحاني 123 نائباً، وعارضه 138 آخرون وسط امتناع ستة من النواب.
وكان السؤال حول العقوبات البنكية الوحيد الذي حصل روحاني على تأييد الأغلبية؛ إذ اقتنع برد 137 نائباً وعارضه 130 وامتنع 3 آخرون.
وأفادت وكالة «إيسنا» عن النائب مجتبى ذو النور، بأن ملف الأسئلة قد يحال الأحد المقبل إلى القضاء. وفقاً لقوانين البرلمان الإيراني في حال لم يقتنع أغلبية النواب برد الرئيس، فإن قضية السؤال يعد انتهاكاً أو انتقاصاً من القانون، وبذلك، سيكون الرئيس في مواجهة مع القضاء، وفي حال تجريم روحاني، فإن الباب يبقى مفتوحاً أمام سحب الثقة من رئيس حكومة «الأمل والاعتدال» وعزله من منصب، لكن كثيرين من الخبراء يستبعدون ذلك في ظل استمرار دعم خامنئي رغم الإجماع على تحجيم دوره.
وانتقد المواقع المؤيدة لروحاني، أمس، أداءه في البرلمان، وتضمنت الانتقادات مقارنة بين استجواب روحاني واستجواب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. وقال المستشار الثقافي للرئيس حسام الدين آشنا عبر حسابه في «تويتر»، إن «روحاني دفع مرة أخرى ثمن حفظ الهدوء وعدم إثارة التوتر».
وقال عضو لجنة السياسات الإصلاحية، عبد الله ناصري، إن «روحاني فوّت فرصة ذهبية»، ونوه إلى أنه «في ظل هذه المسار لا أتوقع مستقبلاً أفضل لروحاني من أحمدي نجاد» منتقداً روحاني على تجاهل «توصيات الخبراء والنخب».
وقال محمد علي ابطحي، مدير مكتب الرئيس الإصلاحي (خاتمي) في تغريدة على «تويتر» «روحاني غُرر به في السياسة بأسوأ طريقة ممكنة اليوم، بدلاً من تقديم توضيح جاد، اعتلى منبراً - في الواقع منبر الخطابة - وألقى كلمة في فضائل الوحدة».



إيران توقف زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده

المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

إيران توقف زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده

المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)

أوقفت السلطات الإيرانية، اليوم الجمعة، رضا خندان زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده التي اعتُقلت عدة مرات في السنوات الأخيرة، بحسب ابنته ومحاميه.

ونشرت ابنته ميراف خاندان عبر حسابها على موقع «إنستغرام»: «تم اعتقال والدي في منزله هذا الصباح». وأكد محاميه محمد مقيمي المعلومة في منشور على منصة «إكس»، موضحاً أن الناشط قد يكون أوقف لقضاء حكم سابق.

ولم ترد تفاصيل أخرى بشأن طبيعة القضية أو مكان احتجازه، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأوقفت زوجته ستوده البالغة 61 عاماً والحائزة عام 2012 جائزة «ساخاروف» لحرية الفكر التي يمنحها البرلمان الأوروبي، آخر مرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أثناء حضورها جنازة أرميتا غاراواند التي توفيت عن 17 عاماً في ظروف مثيرة للجدل. وكانت دول أوروبية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد أعربت عن دعمها للمحامية التي أُطلق سراحها بعد أسبوعين.

وقد دافعت عن العديد من المعارضين والناشطين، من بينهم نساء رفضن ارتداء الحجاب الإلزامي في إيران، وكذلك مساجين حُكم عليهم بالإعدام بسبب جرائم ارتكبوها عندما كانوا قاصرين. وكان زوجها يساندها باستمرار، ويطالب بالإفراج عنها في كل فترة اعتقال. ويأتي توقيفه فيما من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في الأيام المقبلة قانون جديد يهدف إلى تشديد العقوبات المرتبطة بانتهاك قواعد اللباس في إيران.

وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير إن النساء قد يواجهن عقوبة تصل إلى الإعدام إذا انتهكن القانون الرامي إلى «تعزيز ثقافة العفة والحجاب».