برنامج «إنستغرام» يشهد تسابق السعوديات على لقب أفخم «سفرة رمضانية»

في منافسة شديدة اتخذت طابع البذخ والمباهاة

برنامج «إنستغرام» يشهد تسابق السعوديات على لقب أفخم «سفرة رمضانية»
TT

برنامج «إنستغرام» يشهد تسابق السعوديات على لقب أفخم «سفرة رمضانية»

برنامج «إنستغرام» يشهد تسابق السعوديات على لقب أفخم «سفرة رمضانية»

أصبح بإمكان السعوديين معرفة محتويات مائدة الإفطار التي في منزل جارهم أو أحد معارفهم، وذلك من خلال برنامج «إنستغرام» الذي يشهد تسابق السعوديات على لقب أفخر «سفرة رمضانية» من خلال عرض صور الأطباق والمشروبات قبيل موعد الإفطار، في موائد مزينة بالمفارش والأواني الفاخرة التي تميل في أحيان كثيرة نحو البذخ والمباهاة.
إذ دخل برنامج تبادل ومشاركة الصور الشهير في خط جديد كوسيلة لاستعراض ألذ الأطباق الرمضانية بين السيدات السعوديات، وكان هذا التطبيق المجاني قد انطلق في أكتوبر (تشرين الأول) 2010 على متجر التطبيقات «أبستور» الخاص بـ«أبل»، وأصبح متوافرا على متجر «غوغل بلي» لأنظمة «أندرويد»، ليصبح اليوم واحدة من أهم شبكات التواصل الاجتماعي على مستوى العالم.
من جانبها، ترى نجوى فرج، وهي اختصاصية اجتماعية في مستشفى قوى الأمن بالرياض، أن ظاهرة استعراض الموائد الرمضانية في «إنستغرام» دخلت في إطار المباهاة والبذخ والإسراف في أحيان كثيرة، قائلة «البعض قد لا يستخدم الأواني التي على المائدة لمرة ثانية، لمجرد أنه سبق أن صورها ووضعها في (إنستغرام)، وهذه مشكلة كبيرة».
وتؤكد فرج أن هوس التقاط صور الموائد الفاخرة يزيد بالنسبة للسيدات عنه بين الرجال، وهو ما تعزوه لكون المرأة هي الأكثر اهتماما بشؤون الأطعمة وتحضيرها وترتيبها، مضيفة بالقول «في ذلك أيضا انتهاك لبعض الخصوصية، وربما يدخل البعض في بوابة المقارنة بين الأهل والأصدقاء، حين يرون أنه تمت دعوة فلان على مائدة الإفطار ولم تتم دعوتهم، وهذا يفتح بابا للخلاف الأسري».
وتختلف آراء مستخدمات برنامج «إنستغرام» تجاه هذه الظاهرة، إذ ترى هند محمد، وهي ربة منزل، أن عرض الموائد الرمضانية الجميلة من شأنه أن يمنح السيدات أفكارا مبتكرة في ترتيب المأكولات والاستفادة من تجارب الأخريات في هذا الإطار. في حين تعتقد رنا عبد الوهاب، وهي كذلك ربة منزل، أن هناك مبالغات كبيرة في العديد من الموائد الرمضانية وتعزيزا لصور البذخ والإسراف، بحسب قولها.
ويبدو من الطريف وجود حسابات إلكترونية على برنامج «إنستغرام» تختص بعرض صورة المنافسة على لقب «أجمل سفرة رمضانية»، في هيئة مسابقة بين المشتركات، حيث يقدم بعضها جوائز رمزية للفائزات، على أن يكون معيار ذلك هو حجم الضغط على زر «إعجاب» من قبل الجمهور، وهو ما يعزز من المنافسة بين السيدات السعوديات على إظهار أبهى ما لديهن في ترتيب موائد الإفطار.
وتتقاطع موائد الإفطار الفاخرة في كونها تضم مجموعة من الفوانيس الملونة على اختلاف أحجامها وأنواعها، ما بين التقليدية والأخرى التي تعمل بالكهرباء، إلى جانب وجود المفارش الحمراء الزاهية التي تميز الشهر الفضيل، وبعض القطع الشعبية القديمة والأواني المنزلية التراثية، والشموع الملونة، مع رغبة بعض السيدات في إضافة العبارات المضيئة التي تتضمن عبارات مثل «رمضان كريم» و«شهر مبارك».
في حين تحمل معظم الصور العديد من التعليقات التي تتساءل عن أماكن وجود أحد الأواني أو المفارش وأسعارها، وهو ما يفتح باب جديدا لتسويق مثل هذه المنتجات من خلال تقديمها بشكل جذاب عبر الصور الفاخرة. يضاف لذلك تبادل الاستفسارات حول كيفية إعداد بعض الأطباق ومقادير وطريقة تحضير هذه الأطعمة، مما جعل برنامج «إنستغرام» ينافس برامج الطبخ الشهيرة على التلفزيون، في قدرته على تبادل وصفات المطبخ بين السيدات من المشاركات بهذا البرنامج.
وتأتي موضة تصوير الموائد الرمضانية في برنامج «إنستغرام» استكمالا لظاهرة التصوير التي اجتاحت عددا كبيرا من السعوديين والسعوديات، خاصة من قبل الفتيات، اللاتي يحرصن على توثيق صور الأطباق الفاخرة عند زيارة أي مطعم، قبل البدء في تناولها، ومن ثم نشرها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما جعل هذا الهوس لافتا داخل المطاعم السعودية بصورة كبيرة مؤخرا.
وعلى الرغم من طرافة هذه التصرفات وانسجامها مع طبيعة شبكات التواصل الاجتماعي، فإن بعض الاختصاصيين يبدون قلقهم منها، على اعتبار أنها ظاهرة تحولت لدى بعض الأفراد إلى حالة أشبه بالإدمان، من خلال تصوير اليوميات بشكل متتابع، وشراء الأطقم والصحون والتحف الفاخرة، فقط بهدف تصويرها ونشرها في برنامج «إنستغرام»، لإظهار الترف والبذخ الذي يحرص عليه البعض، على اعتبار أنه صار جزءا من الصورة الاجتماعية لهم عبر هذه البرامج.
وربما أسهم ذلك في ظهور بعض الحسابات الإلكترونية التي تقدم نفسها كأيقونة للرفاهية والسعادة من خلال الصور الفاخرة التي تعرضها عبر برنامج «إنستغرام»، وهو ما يحظى بامتعاض البعض ممن يتركون تعليقات على هذه الصور، تتمثل في النصح بالاعتدال والتذكير بكون شهر رمضان المبارك شهرا للروحانية والزهد والابتعاد عن مظاهر الإسراف.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».