17 ألف حالة مرضية في البصرة... ومخاوف من الكوليرا

العبادي ومرجعية النجف يطلقان حملة لتوصيل الماء الصالح للشرب

مظاهرة ضد سوء الخدمات وتلوث ماء الشرب في البصرة السبت الماضي (أ.ف.ب)
مظاهرة ضد سوء الخدمات وتلوث ماء الشرب في البصرة السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

17 ألف حالة مرضية في البصرة... ومخاوف من الكوليرا

مظاهرة ضد سوء الخدمات وتلوث ماء الشرب في البصرة السبت الماضي (أ.ف.ب)
مظاهرة ضد سوء الخدمات وتلوث ماء الشرب في البصرة السبت الماضي (أ.ف.ب)

تتضارب الأرقام المعلنة حول عدد الإصابات المسجلة في البصرة نتيجة تلوث المياه وعدم صلاحيتها للاستهلاك البشري. ففيما أعلنت وزيرة الصحة عديلة حمود أثناء زيارتها إلى البصرة السبت الماضي، عن تسجيل 1500 حالة إصابة بإسهال شديد دون تسجيل إصابات بالكوليرا، عادت مديرية صحة المحافظة، أمس، لترسم صورة قاتمة لحالات الإصابات التي يتعرض لها المواطنون البصريون.
وكشف المدير العام لدائرة صحة البصرة، رياض عبد الأمير خلال مؤتمر صحافي، عن تسجيل نحو 17 ألف حالة إصابة بأمراض المغص المعوي والإسهال بسبب المياه الملوثة خلال الأسبوعين الأخيرين، نحو عشرين في المائة منها تنطبق عليها أعراض وباء الكوليرا. وذكر عبد الأمير أن «مستشفيات البصرة تستقبل نحو 1500 إصابة في اليوم الواحد بشكل متواصل».
من جهة أخرى، أصدر رئيس الوزراء حيدر العبادي أوامر تتعلق بتأمين متطلبات نقل الماء الصالح للشرب إلى البصرة. ودخلت مرجعية النجف على خط أزمة «العطش والتلوث» في المحافظة عبر «تشكيل خلية أزمة لإنقاذ أهالي المحافظة».
وقالت خلية الإعلام الحكومي في بيان أمس، إن «رئيس الوزراء وجه وزارتي الدفاع والنقل بتأمين مجموعة من الحوضيات لنقل الماء الصالح للشرب للمحافظة». وأشار البيان إلى أن رئيس الوزراء وجه أيضا، وزارة النفط، بـ«توفير الوقود اللازم لها (لشاحنات نقل المياه)». كما وجه بالتعاون ودعم خلية الأزمة التي شكلتها العتبة الحسينية، أول من أمس، لإنقاذ البصرة، من خلال الاشتراك معها في «المباشرة في أعمال كري الأنهار وصيانة محطات تحلية المياه، وإنارة الشوارع، وتأمين 40 سيارة حوضية لنقل الماء الصالح للشرب، وتوزيعها على المناطق المتأثرة، وبحسب الأولويات».
بدورها، أعلنت أمانة العتبة الحسينية في كربلاء، أول من أمس، عن تشكيل خلية بشأن أزمة المياه الملوثة في محافظة البصرة. وقال قسم الإعلام في العتبة في بيان، إن «ممثل المرجعية الدينية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي، عقد اجتماعا موسعا مع مسؤولي أقسام العتبة في مختلف الاختصاصات، منها المالية والصيانة والكهرباء والآليات، لبحث تشكيل خلية أزمة مهمتها إنقاذ أهالي مدينة البصرة». ولفت البيان إلى أن الكربلائي «أمر أعضاء الخلية بالتوجه (أمس الثلاثاء) إلى محافظة البصرة لمباشرة أعمال كري الأنهار، وصيانة محطات تحلية المياه، وإنارة الشوارع، إضافة لإرسال حوضيات مياه صالحة للشرب».
وكان الكربلائي قد اعتبر خلال خطبة صلاة الجمعة الماضية، أن «جهود حل مشكلات الماء الصالح للشرب في محافظة البصرة ما زالت دون حدها الأدنى».
من جانبها، قالت مفوضية حقوق الإنسان في البصرة، أمس، إن مستشفى أبي الخصيب في البصرة يستقبل أكثر من 400 حالة تسمم يومياً. وذكر بيان للمفوضية أن «وفداً من المفوضية تفقد مستشفى أبي الخصيب العام، والتقى بالعشرات من المواطنين المصابين بأمراض التلوث المائي، جراء الأزمة الإنسانية الخطيرة التي تعيشها محافظة البصرة»، مبينا أن «الوفد وقف على حالات إنسانية متعددة تمثلت بعوائل بكاملها». وأوضح أن «المفوضية وثقت معظم الحالات في المحافظة، إضافة إلى أنها تسلمت عددا كبيرا من الشكاوى لمواطنين ضد المتسببين في الآونة الأخيرة فيما يحدث بالبصرة». وأشار إلى أن «مستشفى أبي الخصيب يستقبل أكثر من 400 حالة تسمم من جراء المياه الملوثة، والذي يعد هو الوحيد القادر على استقبال سكان القضاء البالغ عددهم نحو 450 ألف مواطن منذ بدء الأزمة في المحافظة».
وأبلغت مصادر في البصرة «الشرق الأوسط» أن مديرية التربية هناك «حذّرت من ظهور حالات إصابة بمرض الكوليرا بين الطلبة الذين يستعدون لبدء العام الدراسي الجديد، جراء استخدامهم للمياه الملوثة في المدارس».
وتؤكد المصادر أن «معتصمين نظموا وقفة احتجاجية أمام دائرة الصحة، على غياب الحلول الحكومية لمعالجة أزمة». كما نظمت نقابة الصحافيين في البصرة، أمس، وقفة احتجاجية بخصوص أزمة المياه في المحافظة.
وقالت النقابة، في بيان، إن «الصحافيين تعاملوا مع الأحداث بمهنية عالية لتوصيل صوت الشارع إلى الجهات المعنية، بما يمليه عليهم الدافع المهني ومقتضيات العمل الصحافي». ودعت النقابة الحكومتين المركزية والمحلية إلى «عدم إطلاق الوعود غير الواقعية، والعمل على اتخاذ خطوات عملية لمعالجة الأزمة». وطالبت النقابة بـ«اعتبار البصرة مدينة فاقدة لمقومات الحياة، لغياب الخدمات الأساسية».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.