عصابات منظمة تقود 20 ألف متسول في السعودية

تسعى الجهات المعنية في السعودية إلى وضع خطط أمنية للحد من ظاهرة التسول، ومنع المتسولين الذين يستغلون عطف المواطنين والمقيمين، وخاصة خلال شهر رمضان المبارك.
وتعد ظاهرة التسول من الظواهر المسيئة التي تنتشر في العاصمة الرياض، خلال شهر رمضان، وغالبا ما تعتمد تلك الظاهرة على الأطفال صغار السن كونهم الشريحة الأكبر، يليهم النساء وذوو الإعاقة، إضافة إلى أصحاب العاهات الجسدية المفتعلة أحيانا.
وعبر رصد ميداني، وقفت «الشرق الأوسط» على بعض حالات المتسولين الذين رصدتهم بعدستها، بغرض معرفة واستقصاء مدى أحقيتهم في المساعدة من عدمها، إلا أنها لم تستطع الخروج بإجابات واضحة من قبلهم، خصوصا أن الغالبية العظمى منهم من المتسللين عبر الحدود الجنوبية، الأمر الذي يمنعهم حتى من الاقتراب للحديث، في الوقت الذي اتخذ فيه المتسولون هذه المهنة لكسب المال بطرق غير مشروعة، وهم أصلا غير محتاجين لتلك الأموال ولكنهم ينظرون إليها كإحدى وسائل الكسب غير المشروع، ووصل الأمر إلى استغلالهم من قبل عصابات منظمة تقوم بحمايتهم وإيوائهم مقابل حصولهم على ما جمعوه خلال يوم واحد، حيث تبين أن غالبيتهم من خارج البلاد.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الدراسات والمسوح الإحصائية المتعلقة بظاهرة التسول أظهرت وبشكل جلي أن غالبية ممارسيها هم من الأجانب، مشيرين إلى أن مكاتب مكافحة التسول ومكاتب الشؤون الاجتماعية رصدت خلال العام المنصرم ما يقارب 20 ألف متسول، غالبيتهم من الأجانب والمتسللين غير الشرعيين، مشيرين إلى أن عدد المتسولين السعوديين لا يتجاوز الألفين من العدد الإجمالي، في الوقت الذي تصدرت فيه العاصمة الرياض أكبر نسبة في عدد حالات المتسولين الذين قبض عليهم، وذلك على مستوى جميع المناطق.
وأوضحت المصادر أنه بالإضافة إلى التعاون القائم مع وزارة الداخلية، وبالتنسيق مع مكاتب وزارة الشؤون الاجتماعية، يجري تدارس وبحث حالات التسول من قبل المواطنين على وجه التحديد، والوقوف على أسباب تسولهم، وبالتالي توجيههم إلى الجهات الخدمية ذات العلاقة للاستفادة من الخدمات التي توفرها الدولة من ناحية الضمان الاجتماعي، وذلك بعد التأكد من أوضاعهم الاجتماعية، وفيما يخص الأجانب، فإن الترحيل الفوري إلى خارج البلاد هو الحل الوحيد الذي تعتمده وزارة الداخلية.
من جهتها، أكدت وزارة الشؤون الاجتماعية لـ«الشرق الأوسط»، ممثلة بمتحدثها الرسمي خالد الثبيتي، أنه بعد التنسيق المباشر مع وزارة الداخلية لحصر هذه الحالات، تبين أن غالبية المتسولين هم من الأجانب، مشيرا إلى أن نسبة الأجانب المتسولين تتجاوز 90 في المائة من المجموع الكلي على مستوى جميع المناطق.
وأضاف الثبيتي أنه بالتعاون المباشر بين وزارة الشؤون الاجتماعية وبين القطاعات التابعة لوزارة الداخلية وعلى رأسها الجوازات، فإنه يجري تنسيق حملات تفتيشية وبشكل دوري، حيث تكثف تلك الحملات خلال شهر رمضان بطبيعة الحال، مبينا أنه في حال القبض على متسولين سعوديين، وهم نسبة ضئيلة، فإنهم يحالون إلى الضمان بعد دراسة أوضاعهم، أما فيما يخص المتسول الأجنبي، خصوصا المتسللين منهم بطرق غير شرعية، فإنهم يُرحلون إلى بلدانهم مباشرة.
وسبق أن بيّنت وزارة الشؤون الاجتماعية، أن التسول إحدى الوسائل غير المشروعة للتكسب، وذلك لما تفرزه هذه الظاهرة من أفراد قد يكونون عالة على المجتمع ويسهمون في ضعفه وهوانه وتقديم صورة سيئة عنه، في الوقت الذي تنظر فيه الدولة بعين العطف والرحمة عند تعاملها مع قليلي الحيلة والضعفاء، بما يحقق التواد والتراحم والتكافل بصوره كافة، خصوصا أن العقيدة الإسلامية تدعو إلى العمل والكسب المشروع، وتنهى عن التسول ومد اليد دون الحاجة.
وأوضحت الوزارة أن صور التسول وأشكاله تزداد في مواسم الحج والعمرة وتنتشر أكثر في المناطق التي يرتادها الزائرون للأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، فضلا عن استغلالهم أيضا لشهر رمضان المبارك وزيادة نشاطهم في هذا الشهر الكريم.
من جانبها، تقوم إدارة مكافحة التسول بتوجيه ذوي العاهات والعجزة الذين قد يستغلهم الغير بغرض التسول، إلى دور الرعاية الاجتماعية للاستفادة من خدماتها، كما يحال المرضى إلى المستشفيات المتخصصة، حيث تقدم لهم الرعاية الصحية المناسبة دون مقابل.
أما المحتاجون ماديا فتصرف لهم المساعدات المالية من الضمان الاجتماعي أو الجمعيات الخيرية، كما يحال صغار السن إلى دور التربية الاجتماعية، وأما المتسولون الأجانب الذين يشكلون نسبة عالية من المتسولين فإن مهمة متابعتهم وإنهاء إجراءات ترحيلهم تعنى بها الجهات الأمنية المختصة.
في الوقت الذي تعمل فيه مكاتب مكافحة التسول ومكاتب المتابعة الاجتماعية على دراسة الحالات الاجتماعية التي ترعاها الوزارة ومتابعة أوضاعها لدى أسرها الطبيعية أو الحاضنة أو البديلة في 12 منطقة على مستوى البلاد.