الأسواق المالية العالمية تكتظ بأسهم عالية الخطورة

متداولون في القاعة الرئيسية لبورصة فرانكفورت (رويترز)
متداولون في القاعة الرئيسية لبورصة فرانكفورت (رويترز)
TT

الأسواق المالية العالمية تكتظ بأسهم عالية الخطورة

متداولون في القاعة الرئيسية لبورصة فرانكفورت (رويترز)
متداولون في القاعة الرئيسية لبورصة فرانكفورت (رويترز)

يغرق العالم اليوم في بحر من الديون الطائلة وتحاول الحكومات تقليصها بقدر المستطاع عن طريق استهداف المصادر الرئيسية المسببة لها. ويشير الخبراء الألمان إلى أن هذه الديون تخطت خطوطها الحمراء.
وتقول سوزانا روسترهولز، الخبيرة في سوق الأسهم في فرانكفورت، إن العالم غارق في الديون منذ أكثر من 10 أعوام بسبب منتجات مالية سامة، أهمها التزامات الدين المكفول وإصدارات السندات المالية بضمان الأصول وإصدارات السندات المربوطة برهونات.
وتضيف أن هناك محاولات لتقليص إصدارات السندات العالمية عام 2018 بنسبة 4.2 في المائة، وتتوقع أن تكون ناجحة، خاصة أن إصدارات الأسهم الحكومية في الولايات المتحدة الأميركية ستتراجع 24 في المائة أيضا في هذا العام.
في حين ستتراجع هذه الإصدارات في باقي دول العالم نحو 20 في المائة، ناهيك عن تراجع إصدارات سندات الشركات الصناعية العالمية 4 في المائة والمالية نحو 2 في المائة.
وتشير سوزان روسترهولز إلى اضطرابات أسواق المال العالمية في الوقت الراهن، وتقول في هذا السياق: «لعبت الحروب الضريبية الناشئة سوية مع أوضاع الأسواق المالية، التي تطرح أكثر من علامة استفهام، دورا مؤثرا في تراجع إصدارات الأسهم والسندات في العالم. فالجهات الحكومية والخاصة المشرفة على هذه الإصدارات باتت حذرة. كما أن موضة الائتمان دخلت مرحلتها المشبعة بما أن تكاليف التمويل تشهد ارتفاعا تدريجيا منذ مطلع العام. ومن غير المستبعد أن تواصل ارتفاعها في الشهور حتى الأعوام القادمة. ولا شك أن زيادة نسب الفوائد التمويلية تمثل عاملا مهما يردع المستثمرين عن التقدم بطلبات لتمويل مشروعاتهم ومخططاتهم. من جهة أخرى يبدو أن المصارف المركزية العالمية لن تعيد الكرة بإغراق الأسواق الدولية بالسيولة المالية».
وبرأي ريتو غراتفول، الخبير من مصرف «دويتش بنك»، فإن سياسات التيسير الكمي في أوروبا قدمت دعما جوهريا للإصدارات الهادفة لجمع التمويل خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.
ورغم المخاطر المحدقة بالأسواق المالية الأوروبية في الوقت الراهن، فقد احتفظت موضة التمويل بقوتها المألوفة التي ستواكبها طوال العام الجاري على الأقل.
ويضيف: «استفاد القطاع العام من دعم التمويل الميسّر، لذا تعتبر القارة الأوروبية الوحيدة عالميا التي لم تشهد تراجعا في إصدارات السندات الحكومية خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام، ما يضعها على سكة مالية تتجه عكس الاتجاه الذي يسير عليه القطاع الأوروبي الخاص والذي يعيش هذا العام نزيفا متواصلا فيما يتعلق بإصدارات سنداته المعروفة باسم (كوربوريت بوند). ففي الشهور الستة الأخيرة تراجع إجمالي هذه الإصدارات من 769 إلى 673 مليار دولار. ويعود هذا التدهور إلى اشتداد قوة التقلبات في البورصات الأوروبية، إضافة إلى تدهور أوضاع التمويل».
ويختم الخبير غراتفول بقوله: «مع ذلك هناك استثناء واحد في القطاع الخاص، وهو ذلك المنوط بالتزام الدين المكفولCollateralized Loan Obligation، أي القروض المكفولة التي ستواصل ارتفاعها بمعدل 9 في المائة، مقارنة مع العام الفائت، وتشهد إقبالا جيدا من المستثمرين الألمان، بما أن نسب فوائدها غير ثابتة».


مقالات ذات صلة

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

آسيا شيغمي فوكاهوري أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945 (أ.ب)

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

توفي شيغمي فوكاهوري، أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945، والذي كرَّس حياته للدفاع عن السلام، عن عمر يناهز 93 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم جنود يشاركون في عرض عسكري لإحياء الذكرى السبعين لهدنة الحرب الكورية في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 27 يوليو 2023 (رويترز)

قوات كورية شمالية قد تشارك باحتفالات روسيا في الانتصار بالحرب العالمية الثانية

قال مسؤول روسي كبير إنه يعتقد بإمكانية مشاركة جنود كوريين شماليين في العرض العسكري في الساحة الحمراء العام المقبل، في ذكرى الانتصار بالحرب العالمية الثانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.