تونس تحتضن اليوم اجتماع وزراء خارجية دول جوار ليبيا

أمن الحدود والتصدي للتهريب من أبرز الملفات المطروحة للنقاش

المنجي الحامدي
المنجي الحامدي
TT

تونس تحتضن اليوم اجتماع وزراء خارجية دول جوار ليبيا

المنجي الحامدي
المنجي الحامدي

تنطلق اليوم في مدينة الحمامات التونسية (60 كلم شمال شرق)، أشغال اجتماع وزراء خارجية دول جوار ليبيا، بمشاركة مصر، والجزائر، وتشاد، والنيجر، والسودان، ويشرف على افتتاحها، وفق مصادر رسمية من وزارة الخارجية التونسية، الرئيس التونسي المنصف المرزوقي.
ويعد هذا الاجتماع الإقليمي الأول من نوعه، الذي يتناول الأزمة الليبية، وتهدف إلى التباحث حول سبل التعاون بين دول الجوار الليبي «من أجل إنقاذ ليبيا من فوضى السلاح وانهيار الدولة».
ويترأس المنجي الحامدي، وزير الخارجية التونسية، هذا الاجتماع الذي يشارك في أشغاله كل وزراء خارجية دول الجوار، وكذا نبيل العربي، الأمين العام جامعة الدول العربية، وناصر القدوة، مبعوث الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى ليبيا، ووزير الخارجية الليبية محمد عبد العزيز.
وحسب بيان لوزارة الخارجية «سيخصص الاجتماع لاستعراض تطورات الأحداث في ليبيا، وتبادل وجهات النظر بخصوص الدعم الذي يمكن أن تقدمه دول الجوار لإطلاق حوار وطني في ليبيا}.
وقال المختار الشواشي، المتحدث باسم وزارة الخارجية التونسية لـ«الشرق الأوسط»، إن الجزائر ستكون من بين البلدان المشاركة في هذا الاجتماع، وذلك خلافا لتسريب خبر قبيل حلول موعده عن تغيب الجانب الجزائري، وأضاف أن بث هذا الخبر يعد محاولة مبكرة للتشويش على الاجتماع من قبل أطراف سياسية لا تريد نجاح الاستقرار وعودته إلى ليبيا.
وبشأن أبرز الملفات المطروحة، قال الشواشي إن ملف تأمين الحدود سيحظى بنصيب الأسد، وسيمثل الملف الأبرز في هذه القمة السياسية، وأضاف أن كل دول الجوار معنية بتأمين حدودها مع ليبيا للحد من مظاهر الإرهاب، وتنامي أعداد الإرهابيين ومخاطر التهريب، وتزايد عمليات المتاجرة بالأسلحة.
وبخصوص النتائج المنتظرة من هذا الاجتماع، قال الشواشي إن كل دول الجوار منشغلة بالوضع الأمني والسياسي في ليبيا لأن استقرارها يخدم استقرار كل دول الجوار، لذلك «ترى تونس أن الاجتماع يمثل محاولة جدية للتشاور وتبادل الآراء}، ومن ثم تقديم الخطوط العريضة لخطة مشتركة حول كيفية مساعدة ليبيا على ضبط وضعها الأمني، واستعادة سيطرة الدولة على الأراضي الليبية، وأضاف أن دول الجوار لا ترغب في التدخل في الشأن الداخلي لليبيا، بل ستعمل على مساعدتها على ضبط الاستقرار وعودة الأمن وسيادة الدولة على أراضيها.
وأبدت تحاليل سياسية، سبقت انعقاد هذا الاجتماع، شكوكا بشأن ما ستفرزه من نتائج، في ظل غياب ممثل شرعي للحكومة الليبية وتخلي فاعلين أساسيين عن لعب أدوار مفصلية في هذا البلد، وخاصة دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وقلل جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، من التفاؤل بشأن النتائج المنتظرة من هذا الاجتماع، وقال إنه «لقاء غير جدي في ظل غياب شرعية سياسية في ليبيا}، وعد الاجتماع «لقاء فرضته الجغرافيا لا غير}، على حد تعبيره.
وبشأن الملفات الخفية التي قد تطرح في هذا الاجتماع، قال العرفاوي لـ«الشرق الأوسط» إن النتائج التي سيتمخض عنها اللقاء على ارتباط مباشر بمدى رغبة دول الجوار مع ليبيا في معالجة عدة ملفات، من بينها مسالك التهريب، والتشابك الحاصل بين الإرهاب والتهريب، وتأثير مقاومة الإرهاب على وقف التهريب والتجارة الموازية، التي تمثل ملاذا لآلاف العائلات القاطنة على الحدود المشتركة مع ليبيا.
كما أشار العرفاوي إلى أن موقف كل من الجزائر ومصر سيكون محددا لنتائج هذه القمة، لأنهما يمثلان ثقلا سياسيا وعسكريا مهما، ولا يمكن أن تنجح خطط إعادة الاستقرار إلى ليبيا من دونهما، حسب رأيه، لكنه استدرك ليشير إلى أن الجزائر منهمكة حاليا في ملف المصالحة داخل جمهورية مالي، وبأنها لن تعطي الأولوية للملف الليبي في الوقت الحاضر، مشيرا إلى أن العلاقة بين الرئاسة التونسية والمصرية ليست في أحسن أحوالها، وهو مؤشر آخر يحد من نجاح هذا الاجتماع، حسب قوله.
وقال ناصر القدوة، مبعوث الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى ليبيا، إثر اجتماعه بالرئيس التونسي، أول من أمس، إن اللقاء أتاح للطرفين تبادل وجهات النظر حول ضرورة تضافر جهود كل الأطراف العربية بهدف مساعدة ليبيا على استكمال مسارها الانتقالي وبناء مؤسسات الدولة.
من جهته، أكد وزير الخارجية التونسية، في تصريحات إعلامية أنه لا مستقبل لتونس على ضوء الاضطرابات وعدم الاستقرار، الذي تشهده ليبيا المجاورة، وأعلن رفضه القطعي لأي تدخل عسكري وضرورة التسوية السياسية السلمية للأزمة التي تعصف منذ مدة بليبيا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».