سباق عسكري بين الأطراف الفاعلة في الشمال السوري

استنفار غير مسبوق لـ«هيئة تحرير الشام» بعد خلاف مع «الزنكي»

لافتة تشير إلى حمص ودمشق انطلاقاً من مدينة الرستن وسط سوريا (أ.ف.ب)
لافتة تشير إلى حمص ودمشق انطلاقاً من مدينة الرستن وسط سوريا (أ.ف.ب)
TT

سباق عسكري بين الأطراف الفاعلة في الشمال السوري

لافتة تشير إلى حمص ودمشق انطلاقاً من مدينة الرستن وسط سوريا (أ.ف.ب)
لافتة تشير إلى حمص ودمشق انطلاقاً من مدينة الرستن وسط سوريا (أ.ف.ب)

عاد النظام وخرق الهدنة السورية - التركية في الشمال السوري بعد هدوء ساعات، بينما أعلن عن تطمينات من أنقرة بعدم انطلاق أي عملية عسكرية قريبة في إدلب رغم استمرار استقدام النظام للتعزيزات العسكرية.
وفي وقت تستمر فيه المباحثات التركية الروسية حول مصير «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) والضغط عليها لحلّ نفسها في ظل معلومات عن مهلة روسية محددة لتركيا للبحث في إنهاء هذه القضية، بحسب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أفيد عن استنفار غير مسبوق من قبل «الهيئة» في القطاع الغربي من ريف حلب. وأوضح «المرصد» أن المئات من عناصر الهيئة استنفروا في الريف الغربي لحلب، وأقاموا حواجز على الطريق الواصلة بين مدن وبلدات في ريف حلب الغربي، في موازاة وصول تعزيزات عسكرية كبيرة لها من الأسلحة المتوسطة والثقيلة من ريفي إدلب وحماة.
وفيما لفت المرصد إلى عدم اتضاح أسباب الاستنفار، أوضحت مصادر عسكرية في إدلب لـ«الشرق الأوسط» أنه جاء بعد خلاف بين الهيئة و«حركة نور الدين الزنكي» في ريف حلب الشمالي.
وقال المرصد: «عادت قوات النظام لليوم الثاني على التوالي على خرق الهدنة الروسية - التركية، رغم استمرار الهدوء لساعات طويلة، منذ مساء يوم الأربعاء حيث جاءت الخروقات على شكل انفجارات عدة سُمِع دويُّها في القطاع الشمالي لريف حماة، ناجمة عن استهداف قوات النظام لمناطق في بلدة اللطامنة وقرية معركبة الواقعتين في الريف ذاته، بالتزامن مع عودة القصف على مناطق في القطاع الجنوبي من ريف إدلب حيث استهدفت قوات النظام بالقذائف المدفعية والصاروخية مناطق في بلدتي التح والتمانعة، ما أدى لمزيد من الأضرار المادية».
ورغم استمرار هذه الخروقات، أفاد المرصد بأن تركيا أبلغت وجهاء وقيادات في محافظة إدلب بعدم انطلاق أي عملية عسكرية على المنطقة، وهو ما أكده مصدر عسكري في إدلب لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى اجتماع عقد ليل أول من أمس بين ممثلين لتركيا ووجهاء المنطقة في ريف إدلب الجنوبي الغربي، وأكدوا لهم أنه لن يكون هناك اجتياح بري للمنطقة.
وفي الإطار نفسه، أكد ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن بلاده لن تسمح بأي عملية عسكرية على مدينة إدلب في شمال سوريا.
وقال أقطاي في تصريحاتٍ لصحيفة «يني شفق» التركية: «إنّ الحكومة التركية تعمل جاهدة لإيقاف هجمات النظام على ريف إدلب، التي ارتفعت وتيرتها خلال الأسبوع الأخير».
وحول رد فعل تركيا فيما لو شنّ النظام حملة عسكرية على إدلب، أكد أقطاي أن تركيا لن تسمح بهذا، «هناك ملايين المدنيين في إدلب، ولا يوجد لهم مخرج من ملاحقة الأسد سوى تركيا، ولا يمكن لأحد أن يتصور حجم الكم الهائل من الذين سيتوجهون إلى تركيا حينها»، مؤكداً أنّ تركيا ستقف إلى جانبهم.
وأضاف مستشار الرئيس التركي: «إنّ تركيا تعرف كيف ستتصرف إن ارتكب (الأسد) حماقة كهذه».
وكان الناطق باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أعلن في مؤتمرٍ صحافي، أن بلاده «تبذل جميع جهودها من أجل عدم تكرار تجربة درعا وحماة في إدلب، كما تسعى للحفاظ على حياة المدنيين في المحافظة البالغ عددهم نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون».
لكن هذه المستجدات لم تنعكس على الأرض، حيث أفاد المرصد باستمرار قوات النظام في استقدام تعزيزات عسكرية بشكل يومي من آليات وجنود إلى تخوم مناطق وجود الفصائل في إدلب وحماة واللاذقية وحلب، بالإضافة إلى مواصلة القوات التركية استقدام شاحنات محملة بكتل إسمنتية وغرف مسبقة الصنع بهدف تطويق وتحصين نقاط المراقبة التركية الـ12 المنتشرة في حلب وإدلب وحماة وامتداد سفوح جبال اللاذقية.
وقال مدير المرصد السوري، رامي عبد الرحمن: «من المفتَرَض أن تنتشر قوات مراقبة روسية تركية على طول طريق حلب دمشق الدولي في الجزء الواقع تحت سيطرة المعارضة».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.