الحياة تبدأ بعد الستين في جزيرة إيكاريا اليونانية

سكانها لا يحملون تليفونات ولا ساعات ولا يتعاملون مع المصارف

جزيرة إيكاريا معروفة بمهرجاناتها التي يقارب عددها 80 مهرجاناً تنظم طوال السنة («الشرق الأوسط»)
جزيرة إيكاريا معروفة بمهرجاناتها التي يقارب عددها 80 مهرجاناً تنظم طوال السنة («الشرق الأوسط»)
TT

الحياة تبدأ بعد الستين في جزيرة إيكاريا اليونانية

جزيرة إيكاريا معروفة بمهرجاناتها التي يقارب عددها 80 مهرجاناً تنظم طوال السنة («الشرق الأوسط»)
جزيرة إيكاريا معروفة بمهرجاناتها التي يقارب عددها 80 مهرجاناً تنظم طوال السنة («الشرق الأوسط»)

في جزيرة إيكاريا اليونانية، طول العمر قاعدة وليس استثناء، فليس من النادر أن تجد رجالا أو نساء تخطوا بسهولة متوسط العمر الطبيعي، ففي الواقع، واحد من كل 3 من سكان الجزيرة التي تقع شرقي اليونان في بحر إيجة يعيش بشكل جيد إلى الـ90، وكثير منهم يواصل حياته إلى الـ100 وأكثر.
إيكاريا تمتد على مساحة 255 كلم مربع من الرمال الفضية، ويمكن الوصول إليها بعد نحو 10 ساعات من الإبحار باتجاه العاصمة اليونانية أثينا، وهي تعرف بأنها جزيرة المعمرين حيث يقال فيها إن الحياة تبدأ بعد الـ60.
إذن تختلف الحياة في جزيرة إيكاريا عن أي مكان آخر في العالم، فهي تتميز بأن جميع سكانها يتمتعون بطول العمر والصحة والشباب حيث يعيش الأشخاص فيها في المتوسط 10 سنوات أطول من الأوروبيين والأميركيين الآخرين، ووفقا للعلماء فإن هناك أسرارا وراء طول العمر في هذه الجزيرة، حيث ترمز الجزيرة أحيانا إلى الجنة الأبدية لدى اليونانيين، حيث يعمر فيها المسنون طويلا، وتشير الدراسات الطبية إلى أن النشاط البدني المعتدل لدى المسنين الذين تتجاوز أعمارهم 80 سنة على الجزيرة، يقلص من مخاطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 54 في المائة تقريبا.
ويتمتع الناس في إيكاريا بصحة أفضل مقارنة بالآخرين، وليس الأمر مرتبطا بقاعات الرياضة، فالأهالي هنا يمارسونها بين الطبيعة، فالفلاحة هي أهم نشاط بدني بالنسبة إليهم، وكجزء من نشاطهم الروتيني يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى مزارعهم، وهذا جزء من حياتهم اليومية، ولديهم معدلات أقل من السرطان وأمراض القلب، وهم أقل عرضة للمعاناة من الاكتئاب أو الخرف، ويظهرون نشاطا بدنيا في عمر متقدم.
وعلى مر السنين، حاول كثير من الزوار كشف سر الصحة الجيدة وطول العمر، وربطوهما بمجموعة من العوامل، بما في ذلك النظام الغذائي المحلي والتزام المحليين بقيلولة بعد الظهر. ويختلف السكان المحليون من كبار السن في تفسيرهم لهذه الظاهرة ويقدم كل شخص طرحا مختلفا ومتناقضا أحياناً.
محافظ الجزيرة ستيليانوس ستاموليس وهو في العقد الثامن من عمره قال لـ«الشرق الأوسط»: «خلال السنوات الأخيرة حصلنا على لقب جزيرة المعمرين واشتهرنا بذلك، وأعتقد أن هذا له علاقة وطيدة مع النظام الغذائي الصحي والعلاقات الطيبة فيما بيننا ونمط الحياة الهادئة من دون توتر، وعدم عزل أي شخص بيننا، فكلنا أسرة واحدة، ‏وأيضا البيئة الصحية والمناخ الجيد للجزيرة لهما تأثير كبير في ذلك».
أما ستافروس كالافاتوس (85 سنة) وهو يعمل صيادا ويعتبر أحد المعمرين وحالته البدنية والصحية جيدة جدا، فيقول لـ«الشرق الأوسط»: «كل يوم في الصباح الباكر آتي إلى هنا (الميناء) لمزاولة مهنتي المفضلة، وهي صيد الأسماك، ‏فنحن هنا نتميز بأننا ليس لدينا أي قلق أو توتر، لا نحمل تليفونات ولا نرتدي ساعات ولا نتعامل مع البنوك... كلنا هنا مترابطون ومتحابون، نأكل من منتجاتنا المحلية وهنا الطقس جيد والهواء نقي... وأقول لك نصيحة، إذا شربت من مياه إيكاريا فسوف ترجع مرة أخرى، وإذا سبحت في بحرها أيضا فسوف تعود إليها ثانية».
ولكن العلماء يؤكدون على أن سر طول الحياة على جزيرة إيكاريا قد يكون الهواء النقي، ونمط الحياة الوديعة الهادئة والخضراوات الطازجة أو حليب الماعز الطازج، والنظام الغذائي المحلي، مع تناول مأكولات تحتوي نسبة قليلة من السكر واللحوم.
كما التقت «الشرق الأوسط» مع كوستاس ديمتويس (93 عاما) وهو أيضا من سكان الجزيرة، فقال: «حتى اليوم نحافظ على العادات والتقاليد القديمة، نأكل أسماكا طازجة وخضراوات وفواكه من أرض الجزيرة من دون أسمدة أو أدوية، لا يوجد لدينا أي قلق أو توتر نهائيا، ولذلك متوسط العمر هنا 105 أعوام».
وإيكاريا معروفة أيضا بمحطاتها الاستشفائية منذ القرن الأول قبل الميلاد، ودرجة حرارة المياه تتراوح بين 31 و58 درجة مئوية، كما يوجد فيها كثير من ينابيع المياه الجوفية التي تشفي كثيرا من الأمراض، وخصوصا الأمراض الجلدية.
وأخذتنا فوروسو تراغودو، وهي مواطنة مولودة في الجزيرة إلى أحد الينابيع على جانب البحر، وعند النزول فيها وجدنا درجة حرارتها مرتفعة مقارنة بالمياه التي تحيط بها من البحر. تقول فوروسو: «هذا الينبوع ما زال بحالته الطبيعية، حيث تتدفق منه مياه عذبة جوفية ساخنة لا نعلم مصدرها حتى الآن، تساعد في علاج كثير من الأمراض الجلدية والداخلية... انظر إلى قطعة الحجر هذه، فالصدأ يظهر عليها من المعادن الموجودة في هذه المياه... و‏إذا استخدمت في علاج أي مرض فسوف يشفي تماما».
إذن نمط حياة فريد لسكان الجزيرة يجعلها تحمل لقب «موطن المعمرين»، وتعطي الباحثين عن طول العمر مؤشرات لتحقيق ذلك، فقد حملت عام 2009 لقب «موطن المعمرين في العالم»؛ لأن نسبة من يصلون إلى سن الـ90 من سكانها تزيد بمعدل ضعفين ونصف عما هو عليه الحال في الولايات المتحدة الأميركية.
وتجدر الإشارة إلى أن النشاط الزراعي هو الأهم بالنسبة للأهالي الذين يعرفون سر ذلك، وهم ينتجون ويستهلكون منتجاتهم الخاصة، وخلال وجبة الإفطار الصباحي لا ينسى أهالي إيكاريا القهوة اليونانية العتيقة التي تجعل القلب في حال أحسن، كما أن الابتعاد عن التدخين يعد من بين العوامل التي تساعد الأهالي على أن يعمروا أكثر، كما أن إيكاريا معروفة بمهرجاناتها، التي يقارب عددها 80 مهرجانا، تنظم على طول السنة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».