في عالم النظارات... الماضي يفرض ألوانه وأحجامه

هاريسون فورد ونظارات كلاسيكية بشكل مائل للاستدارة
هاريسون فورد ونظارات كلاسيكية بشكل مائل للاستدارة
TT

في عالم النظارات... الماضي يفرض ألوانه وأحجامه

هاريسون فورد ونظارات كلاسيكية بشكل مائل للاستدارة
هاريسون فورد ونظارات كلاسيكية بشكل مائل للاستدارة

ليست الأزياء وحدها التي تعود إلى الماضي للاستقاء منه، فقد أثبتت النظارات أنها هي الأخرى لها نصيب من هذا الماضي. الدليل، أن الكثير من الشركات طرحت تصاميم جديدة وقديمة في الوقت ذاته. جديدة من حيث تقنياتها وعدساتها والمواد التي تُستعمل في إطاراتها، وقديمة من حيث أشكالها المستوحاة من خمسينات القرن الماضي أو ستيناته. وربما يظهر أكثر في النظارات الخاصة بالرجل. في فيلم «البعض يفضلونها ساخنة» للراحلة مارلين مونرو، وردت عبارة قالت فيها «الرجال الذين يرتدون نظارات، هم أكثر رقة ولُطفاً، وربما أيضاً هشاشة».
ربما كان ذلك في أواخر خمسينات القرن الماضي عندما أنتج الفيلم، أو حتى أواخر عشرينات القرن الماضي، الفترة التي جرت فيها أحداث الفيلم، بحيث يمكن القول، إن هذه النظارات كانت تستعمل حاجزاً يخفي تعابير الوجه، وبالتالي المشاعر التي تعتلج بالداخل من القلق والخوف وغير ذلك. وربما يكون الراحل إيف سان لوران، والنجم جيمس دين خير معبر عن ذلك، وإن كانا أيضاً يستعملانها لأسباب ضرورية بحكم أنهما كانا يعانيان من قصر النظر. لكن في عام 2018 تغيرت النظرة إلى هذه الأشكال. فقد أصبح الهدف من استعمالها إثارة النظر والانتباه وليس للاختباء وراءها، فضلاً عن تحولها إلى أداة تعكس صورة معينة. نظارات إيف سان لوران مثلاً تعكس صورة مفكر، بينما تعكس النظارات المستديرة الصغيرة شخصية فنية وجريئة في الوقت ذاته.
«ميزون بونيه» الدار الباريسية التي تتخصص في هذا المجال لا تتوقف عن إنتاج أطر نظارات من النوعية ذاتها التي كانت تنتجها لحساب جاك شيراك وإيف سانت لوران؛ لأن الإقبال عليها لم يتوقف بل يزيد. في هذا الصدد، أوضح فرانك بونيه الذي يمثل الجيل الرابع من العائلة، أن اهتمام الناس بهذه الأشكال زاد، خصوصاً تلك التي تتميز بإطارات دائرية صغيرة تستحضر الثلاثينات من القرن الماضي، أو السوداء السميكة التي ارتبطت بالخمسينات. وأشار أيضاً إلى أن الإقبال هذا العام كان مكثفاً على أشكال ضخمة ولافتة من السبعينات والثمانينات.
الأمر ذاته أكدته دار «إي بي ميروويتز» التي يوجد مقرها في لندن ويرجع تاريخ إنشائها إلى عام 1875. فهي تفخر بمهارتها الحرفية والمواد الكلاسيكية والتطويرات التي تُدخلها عليها، لكنها لاحظت في الفترة الأخيرة اهتماماً متزايداً بأشكال طرحتها في النصف الأول من القرن الـ20. وهو ما شجعها على إعادة إنتاج أشكال يعود تاريخها إلى مطلع ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، بما في ذلك نموذجا «بلاينهيم» و«جورج» اللذان يتميزان بقدر رفيع من الأناقة، وتراوح أسعارهما بين 995 جنيهاً إسترلينياً و2.500 جنيه إسترليني.
ولا يقتصر هذا التوجه على الشركات العريقة فحسب، بل أيضاً على العلامات التجارية الأصغر والأكثر شباباً، مثل «رولف» النمساوية التي تحرص على صناعة أطر نظاراتها يدوياً من الخشب والأحجار وقرون الحيوانات، ومن بين أشهرها «توبولينو» (795 يورو). شركة «كيرك أوريجينالز» التي صعد نجمها بعد ظهور أسماء شهيرة مثل المغني ميك جاجر وأمثاله بتصاميمها، استفادت من هذا الحنين إلى الماضي. فقد انتعشت تجارتها بفضل ارتفاع مبيعات تصاميمها القديمة مثل «بريغهام» التي تصطبغ باللون الأخضر الزيتوني و«مارغيت» بلونها الرمادي المدخن وغيرها.
من جهتها، استغلت شركة «راي بان» هذه الموضة وطرحت للمرة الأولى في تاريخها الممتد لـ80 عاماً طرازها المرتبط بالطيارين والمتميز بعدسات قديمة بحجم واضح. وفسرت الأمر بأنها تلاحظ منذ العام الماضي تزايد الاهتمام بالطرز المرتبطة بالطيارين، التي تحمل مسحة مميزة للسبعينات؛ لهذا لم تُكذب الخبر ونهلت من معينها. كذلك المصمم بول سميث الذي استلهم من نظارات «دافيسون» منها، كذلك دارا «غوتشي» و«دولتشي آند غابانا» وطبعاً «سان لوران» التي ربما شعرت بأن لها الحق الأكبر في استغلال هذه الموجة، كما أنها لم تتعب في البحث بحكم أن صورة مؤسسها تُغني عن أي بحث. المهم أن أسماء الشركات التي تبنت هذه الموجة كثيرة وقد يكون لكل واحدة فلسفتها وتوجهها، لكنها هذا العام، قررت أن نظاراتها تتقاسم عناصر مشتركة عدة، تتمثل في الحجم الكبير والإطارات السميكة والألوان: الأزرق، والأخضر، والكاكي، والبني، والأسود. والأهم من هذا كل ما يلفت النظر.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.