طارق المرعبي: الحكومة الجديدة ستكرّس التسوية الرئاسية

أكد أنه يسعى مع نواب إلى إنشاء «مجلس إنماء عكار» أسوة بمجلس الجنوب

النائب طارق المرعبي
النائب طارق المرعبي
TT

طارق المرعبي: الحكومة الجديدة ستكرّس التسوية الرئاسية

النائب طارق المرعبي
النائب طارق المرعبي

أكد النائب في كتلة «المستقبل» النيابية النائب طارق المرعبي، أن لبنان «سيكون على موعد مع حكومة جامعة، تعبّر عن النموذج الذي أرسته التسوية الرئاسية، وتقود إلى إطلاق عمل المؤسسات في البلد». وتوقّع أن تكون الحكومة الجديدة «على صورة حكومة تصريف الأعمال، مع الأخذ بعين الاعتبار النتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية». وشدد على أن «لا مكان لحكومة أكثرية أو ثلث معطل أو إقصاء لأي طرف، لأن هكذا خيارات تقود لبنان إلى الخراب»، لافتاً إلى أن «هناك مهاماً كثيرة تنتظره مع زملاء له، أبرزها إنماء مناطق عكار وبعلبك ــ الهرمل ورفع الحرمان المزمن عنها».
وشدّد المرعبي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على أن الرئيس المكلّف سعد الحريري «يعمل على وضع صيغة حكومية جديدة تراعي الأحجام والأوزان، التي أفرزتها الانتخابات، لكن هناك من يضغط باتجاه آخر»، مشدداً على أهمية «مراعاة الخصوصيات والأعراف المعتمدة في البلد». ودعا الجميع إلى «التعاون وتسهيل مهمة الرئيس الحريري بدل افتعال الإشكالات ووضع العراقيل التي تؤخر ولادة الحكومة، وتعمّق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وتؤخر الحلول التي يتنظرها الناس».
وفي تقدير النائب طارق المرعبي، فإن العقدة الحكومية لا تزال في التمثيل المسيحي والدرزي، أي حصّة «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي، «التي تلقى اعتراضاً من وزير الخارجية جبران باسيل لأسباب باتت معروفة»، نافياً وجود عقدة سنيّة أو وجود ما يسمّى «معارضة سنيّة»، وأوضح أن «هناك ما بين 6 أو 7 نواب سنة من خارج تيّار المستقبل، وهؤلاء غير منضوين في كتلة واحدة، وهم أخذوا حقوقهم من خلال الكتل التي يتوزعون عليها».
ويضع النائب الشاب ابن منطقة عكار، أولويته بتنمية المنطقة الأكثر حرماناً في لبنان، ويؤكد أنه يسعى مع زملائه نواب عكار لإنشاء «مجلس إنماء عكار»، أسوة بمجلس الجنوب، وآخر لإنماء منطقة بعلبك ـ الهرمل، لتأخذ هذه المناطق حقها في الإنماء والخدمات. وتابع: «سأكون مع باقي الزملاء من كل الكتل النيابية يداً واحدة، لرفع المعاناة عن عكار وبعلبك ــ الهرمل، وبدأنا نحن نواب عكار اجتماعات دورية لدرس المشاريع الملحّة التي تحتاجها المنطقة، ووضعها موضع التنفيذ سواء عبر قرارات يفترض أن تصدر عن الحكومة، أو تقديم مشاريع قوانين بشأنها إلى المجلس النيابي».
ومع تقلّص عدد نواب كتلة «المستقبل» من 33 نائباً إلى 20 في الانتخابات الأخيرة، ثمة حذر لدى جمهور «المستقبل» حيال قدرة هذه الكتلة على إنجاز الوعود التي قطعتها إلى ناخبيها، لجهة تقديم الخدمات التي تحتاجها مناطقهم، لكن النائب المرعبي قلل من شأن هذه المخاوف، ورأى أن «أهمية كتلة (المستقبل) في نوعية نوابها وليس في عددهم». وأضاف: «نحن متفائلون بتعاون جميع الزملاء في الكتل الأخرى، من أجل تحقيق المشاريع التي تحتاجها المناطق المحرومة، وهي مناطق مختلطة فيها كلّ المكونات، ودعمها يرتدّ إيجاباً على جميع المواطنين، وعلينا ألا نميّز بين لبناني وآخر بحسب أهوائه وانتماءاته السياسية أو الدينية أو المناطقية». وأردف النائب المرعبي: «أهم مشروع تقدمت به أنا وزملائي رولا الطبش وديما الجمالي وسامي فتفت، هو مشروع الإسكان الذي يخدم الشباب اللبناني لسنوات طويلة، ويؤدي إلى حلّ أزمة السكن».
ورغم صغر سنه، الذي لا يتجاوز عتبة الـ32 عاماً، وهو المتخرج من الجامعة الأميركية في لبنان، قبل أن يلتحق بعالم رجال الأعمال وتأسيسه مكتباً خاصاً به في دبي، وصولاً إلى دراسة القانون المالي وكيفية تداخله في العملية السياسية، فإن النائب طارق المرعبي ليس طارئاً على الحياة السياسية أو العمل العام، فهو الابن الأكبر للوزير والنائب السابق طلال المرعبي، أحد أبرز النواب الذين شاركوا في مؤتمر الطائف عام 1989. يعترف النائب الشاب بأنه يستفيد من رصيد والده، وعلاقاته السياسية والاجتماعية، ومعارفه بموظفين ومسؤولين في الإدارات الرسمية. ويقول: «لا شكّ أنني نشأت في بيت سياسي أعطاني الكثير، ومكنني من توسيع دائرة علاقاتي مع السياسيين ومع الوزارات والإدارات الرسمية، وشكّل ذلك مفتاح دخولي إلى المؤسسات لخدمة الناس، خصوصاً أن إدارات الدولة في لبنان متشعبة واستنسابية في الوقت نفسه».
ولا يخفي المرعبي أنه يحتاج من وقت إلى آخر لخبرة والده في العمل التشريعي، ويعود إليه لشرح بعض الأمور وتوضيحها، بالإضافة إلى خبرته في عمل الوزارات والإدارات، معتبراً أن «الإنجازات تكون أحياناً عبر العلاقات الشخصية، خصوصاً تلك المتعلقة بمراجعات في إدارات الدولة».
ويعدّ النائب طارق المرعبي مع زميله في الكتلة سامي فتفت (نجل النائب والوزير السابق أحمد فتفت) ورئيس كتلة نواب «المردة» طوني فرنجية (نجل النائب والوزير السابق سليمان فرنجية) أصغر النواب سنّاً في لبنان. وهي المرّة الأولى الذي يدخل عنصر الشباب بقوّة إلى الندوة البرلمانية، إذ إن أكثر من نصف أعضاء البرلمان الجديد هم دون سنّ الخمسين من العمر.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.