مادورو يقبل مساعدة «إف بي آي» في كشف المسؤولين عن محاولة اغتياله

المعارضة الفنزويلية تتهم الحكومة بتعذيب أحد قادتها

TT

مادورو يقبل مساعدة «إف بي آي» في كشف المسؤولين عن محاولة اغتياله

اقترح الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو التعاون مع الولايات المتحدة في التحقيق فيما وصفه بأنه اعتداء عليه، وحمّل مسؤوليته المعارضة التي احتجّت على توقيف أحد قادتها بتهمة التواطؤ في الحادثة.
وقال الرئيس الاشتراكي في مراسم للقيادة العليا للجيش: «إذا أقرت حكومة الولايات المتحدة عرضها التعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) حول صلات مع خطة الاغتيال... فسأوافق على مجيء مكتب التحقيقات الفيدرالي» إلى فنزويلا، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن فلوريدا تضم «خلايا إرهابية» منسّقة، وقامت بتشغيل طائرتين مسيرتين محملتين بالمتفجرات خلال خطابه في عرض عسكري في 14 أغسطس (آب). وتابع على شبكة تلفزيونية أمس: «تم من فلوريدا تفجير الطائرة من دون طيار» أمام المنصة الرئاسية.
والتقى وزير الخارجية الفنزويلي خورخي إريازا، الأربعاء الماضي، القائم بالأعمال الأميركي في كراكاس جيمس ستوري الذي «عبّر عن قلقه للوقائع (الاعتداء المفترض) ورغبة حكومته في التعاون»، حسب وزارة الخارجية الفنزويلية. وسأل مادورو الذي يتهم باستمرار واشنطن بالتآمر لإسقاطه، دونالد ترمب ما إذا كان سيحمي «المجموعات الإرهابية» أم سيحاسبها قضائيا.
وصرح الرئيس الفنزويلي، الذي اتهم كذلك الرئيس الكولومبي السابق خوان مانويل سانتوس بالوقوف وراء الاعتداء المفترض، أن كراكاس بدأت «تحركات دبلوماسية» لتقوم الولايات المتحدة وكولومبيا بتسليمها «المنفذين الماديين والفكريين» للوقائع. وأكّد أيضا أن عددا من المهاجمين المفترضين فرّوا إلى البيرو. وقال: «أوجه نداء إلى البيرو لاعتقال هؤلاء الإرهابيين وتسليمهم... إلى القضاء الفنزويلي».
من جهتهم، تظاهر نحو 300 معارض في ساحة في كراكاس السبت للمطالبة بالإفراج عن النائب المعارض خوان ريسكيسينز الذي أوقف الثلاثاء بتهمة دعم «الاعتداء» الذي تعرض له مادورو. وردّد المتظاهرون الذي لبّوا دعوة «منصة الوحدة الديمقراطية» هتافات، بينها «خوان معركتك هي معركتنا».
وأدان أقرباء النائب الذي أوقف عدم تمكنهم، أو محاميه، من لقائه. وقال والده غريغوريو ريسكيسينز إن «ابني مفقود». وأُحضر النائب إلى محكمة الجمعة، لكن الجلسة أرجئت إلى اليوم، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وكان ريسكيسينز (29 عاما) قد أوقف من قبل الاستخبارات، ثم حرمته الجمعية التأسيسية المكوّنة من مؤيدي مادورو، من حصانته النيابية كما فعلت من قبل مع الرئيس السابق للبرلمان زعيم المعارضة خوليو بروجيس اللاجئ حاليا في كولومبيا، وقد أصدرت كراكاس مذكرة توقيف دولية بحقه.
وكشف الرئيس مادورو السبت تسجيل فيديو ثانيا يؤكد فيه ريسكيسينز من سجنه أنه كان على اتصال مع رايدر ألكسندر روسو، الذي تولى قيادة التدريب على «الاعتداء». لكنه قال إنه لا يعرفه شخصيا. وفي تسجيل فيديو صورته السلطات ونشرته الجمعة، يعترف النائب نفسه بمشاركته في «الاعتداء» بواسطة طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات.
وتقول المعارضة إن ريسكيسينز تعرض للتهديد، وتم إعطاؤه مخدرات قبل أن يدلي بشهادته. وقال خوان أندريس ميخيا خلال المظاهرة: «لا شك أن ريسكيسينز تعرض للتعذيب... التعذيب الرخو موجود، ويعني التهديد والتخويف، وكذلك ربما إعطاء مخدرات لشخص للحصول على ما يراد منه».
على صعيد متصل، أدان الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي التوتّرات المستجدة في فنزويلا، ودعا إلى إجراء «تحقيق شامل» في الهجوم بالطائرات المسيّرة.
وفي بيان صادر في بروكسل، قالت المتحدّثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني إنّ «الأحداث الأخيرة زادت التوترات في فنزويلا». وأضافت أن «الاتحاد الأوروبي يرفض كلّ أشكال العنف ويتوقّع إجراء تحقيق شامل وشفاف في هجوم السبت، لتحديد الحقائق في إطار الاحترام الكامل لسيادة القانون وحقوق الإنسان». وشدّدت المتحدثة على أنّ الاتحاد الأوروبي يأمل في «حلّ تفاوضي وديمقراطي وسلمي للأزمات المتعدّدة التي تؤثر في البلاد».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.