سفيان البلجيكي أحد قيادات «داعش» قتل في غارة للتحالف الدولي

جمدت السلطات أرصدته وكان على صلة بجماعة «الدراجين الانتحاريين» في بروكسل

صورة نشرتها وسائل إعلام بلجيكية لسفيان مكوح («الشرق الأوسط»)
صورة نشرتها وسائل إعلام بلجيكية لسفيان مكوح («الشرق الأوسط»)
TT

سفيان البلجيكي أحد قيادات «داعش» قتل في غارة للتحالف الدولي

صورة نشرتها وسائل إعلام بلجيكية لسفيان مكوح («الشرق الأوسط»)
صورة نشرتها وسائل إعلام بلجيكية لسفيان مكوح («الشرق الأوسط»)

كشفت مصادر إعلامية بلجيكية، عن تفاصيل جديدة، بشأن أحد قيادات «داعش» ويدعى سفيان مكوح، ولقي حتفه إثر غارة للتحالف الدولي ضد «داعش»، وهو البلجيكي الوحيد الذي كان ضمن لائحة تضم عددا من الأشخاص المرشحين لتنفيذ هجمات إرهابية عن طريق تفجير أنفسهم في دول تشارك ضمن التحالف الدولي.
وأضافت أن مكوح كان أيضا ضمن اللائحة التي أعلنت عنها السلطات البلجيكية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016. وتضمنت الأشخاص الذين جرى تجميد أرصدتهم بسبب علاقتهم بالإرهاب.
وسافر سفيان إلى سوريا في سبتمبر (أيلول) 2015 وكان عمره وقتها 22 عاما وكان برفقة شقيقه هشام، وشخص آخر يدعى عبد الله الحجاوي، وإمام يدعى يوسف الغبوري، وكان الأخير يعمل إماما في مدينة انتويرب شمال لبلاد، وقد نشط في مجال تجنيد عناصر للسفر إلى سوريا للقتال هناك، بحسب ما ذكر موقع صحيفة لاتست نيوز اليومية البلجيكية.
وقد جرى الإعلان أواخر الشهر الماضي عن مقتل مكوح في غارة جوية نفذها التحالف الدولي ضد «داعش»، وقالت وزارة الدفاع الأميركية بأن مكوح كان يخطط للقيام بهجمات ضد أهداف أميركية، ونشر الخبير البلجيكي المتخصص في شؤون الجماعات المتشددة والإرهاب على «تويتر» يقول: «إن مكوح قتل في غارة جوية في مطلع يونيو (حزيران) من العام الجاري، وإن الغارة استهدفت قيادات في تنظيم داعش».
ونقلت صحيفة لاتست نيوز البلجيكية عن موقع سنت كوم المكلف بنشر الأنشطة العسكرية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، القول بأنه خلال الشهور الثلاثة الماضية جرى قتل ستة أشخاص من قيادات تنظيم داعش خلال غارات جوية للتحالف الدولي وأشارت الصحيفة إلى أن مكان مقتل مكوح لم يتم الإعلان عنه حتى الآن.
وكان مكوح يعيش في بلدية سخاربية بالعاصمة بروكسل، وهي إحدى البلديات المعروفة بغالبية سكانها من المهاجرين من أصول عربية وإسلامية. وكان على اتصال بعناصر في جماعة يطلق عليها اسم «الدراجون الانتحاريون» في بروكسل». وسبق أن أدين كل من سعيد ومحمد من عناصر هذه الجماعة في ملف له صلة بالإرهاب، وكان عدد من عناصر هذه الجماعة على صلة بتنظيم «الشريعة في بلجيكا»، الذي اعتبرته سلطات التحقيق تنظيما إرهابيا ساهم في نشر الفكر المتشدد وتسفير الشباب للقتال في مناطق الصراعات، وهي أمور نفاها مسؤول التنظيم وهو المغربي فؤاد بلقاسم.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2016 قضت المحكمة الجنائية في بروكسل بالسجن لمدة 6 سنوات على شخص يدعى سعيد ساوطي، 31 عاما، و3 سنوات ضد شخص يدعى محمد كاراي، 29 عاما، في قضية ذات صلة بالإرهاب». واعتبرت المحكمة أن ساوطي تورط في المشاركة بأنشطة جماعة إرهابية وحاول تشجيع أشخاص للمشاركة في أنشطة جماعة إرهابية ورفضت المحكمة اعتباره زعيما لجماعة إرهابية بينما أدين محمد كاراي بتهمة محاولة المشاركة في أنشطة جماعة متطرفة.
وجرى اعتقال الشخصين في ديسمبر (كانون الأول) 2015 وقالت النيابة العامة بأن هناك أدلة قوية على أنهما كانا يخططا لعمل إرهابي على غرار ما وقع في باريس في نوفمبر من العام قبل الماضي، وكان يستهدف أحد أهم الأحياء السياحية ومركزا للشرطة قريبا منه ولكن المحكمة لم توجه لهما أي اتهامات في هذا الصدد لعدم وجود الأدلة الكافية وكان كل من ساوطي وكاراي في عضوية نادي الدراجات النارية، والذي ارتبط عدد من أعضائه بشكل أو بآخر بجماعة «الشريعة في بلجيكا» التي كان يترأسها المغربي فؤاد بلقاسم الموجود حاليا في أحد السجون البلجيكية عقب اعتقاله وتجميد نشاط هذه الجماعة في العام 2013.
وفي أواخر يوليو (تموز) الماضي أعلن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة أنه قتل في غارات على سوريا، قياديين من تنظيم داعش كانوا يخططون لشن هجمات. وقال التحالف في بيان إن غارة جوية شنها التحالف في 24 أبريل (نيسان)، قتلت منور المطيري، عضو «داعش» الذي كان يتخذ من سوريا قاعدة له. وكان المطيري يخطط لشن هجمات على السعودية. كما أكد التحالف مقتل سفيان مكوح وهو مقاتل بلجيكي سافر إلى سوريا للتخطيط لشن هجمات على الولايات المتحدة ومصالحها. ولم يوضح إن كان مقتل مكوح في نفس الغارة أم في حدث منفصل.
وذكر أن شخصا يدعى (سيماك) عرف بأنه مسؤول مخابرات التنظيم، أيضا لقي مصرعه في غارة جوية شنها التحالف في 12 يونيو، مشيرا إلى أن الشخص المذكور كان مرتبطا بخلية تخطط لشن هجمات في السويد.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟