إليسا حلقت بصوتها طرباً فحولت ليل بيروت «بمبي»

حمل لها جمهور «أعياد بيروت» الورود الزهرية احتفالاً بتعافيها

غنت إليسا في «أعياد بيروت» أمام نحو 3000 شخص
غنت إليسا في «أعياد بيروت» أمام نحو 3000 شخص
TT

إليسا حلقت بصوتها طرباً فحولت ليل بيروت «بمبي»

غنت إليسا في «أعياد بيروت» أمام نحو 3000 شخص
غنت إليسا في «أعياد بيروت» أمام نحو 3000 شخص

غطت الورود الزهرية طريق إليسا إلى خشبة مسرح «مهرجانات أعياد بيروت» في حفلها الغنائي الأول بعد تعافيها من مرض سرطان الثدي، وهو الخبر الذي كشفت عنه منذ أيام قليلة. فقد دأب منظمو الحفل على توزيع هذه الورود بالآلاف على المدخل ليستقبلوا بها فنانتهم المفضلة بلفتة منهم لتعافيها من المرض، وهو اللون الذي يرمز إلى دعم مرضى سرطان الثدي. وبباقات من هذه الزهور الكبيرة والصغيرة الحجم رمى بها الحضور إليسا إثر إطلالتها عليهم وهي ترتدي زياً براقاً وتهتز قصاته وإكسسواراته مع حركات جسمها المتعافي؛ فاشتعل المكان تصفيقا حاراً على وقع أغنيتها «إلى كل اللي بيحبوني» مفتتحة بها سهرة وصفتها صاحبة لقب «ملكة الإحساس» نفسها وهي تقول: «بتعرفوا أشعر وكأني أغني للمرة الأولى».
بدت إليسا منذ اللحظات الأولى لاعتلائها المسرح غارقة بسعادة عارمة لملاقاتها جمهورها وأحبائها بعد معاناة مع المرض، اعتقدت في مراحله الصعبة أنها قد تحرم منهم إلى الأبد. وتوجهت إلى جمهورها مستهلة الحفل: «طلبوا مني تحضير كلمة في المناسبة ولكن حضوركم سرق مني كل التعابير التي يمكن أن تصف هذا اللقاء».
غنت إليسا ورقصت وتمايلت على المسرح مزودة بحركة دائمة لازمتها وهي توزع القبلات تارة وتخرج طاقتها الإيجابية المخزنة في قلبها لأحبائها تارة أخرى، فتزين محياها بابتسامات عريضة، مكررة كلمات الشكر في قفلات أغانيها. وتفاعل جمهورها معها طيلة السهرة التي غلب عليها ارتداء الزهري من قبل نسائها وعلى ديكورات المسرح الغرافيكية فحولت ليل بيروت إلى «بمبي». وعندما دخلت الفنانة المصرية لبلبة مكان الحفل الذي يقام في الهواء الطلق في منطقة «بيال» وسط بيروت ويتسع لنحو 3000 شخص، رحبت بها إليسا قائلة: «جمهوري اليوم صنع يومي (He made my day)، أما حضورك فقد أفرحني وأحياني. أحبك لبلبة وأنا واحدة من معجبيك».
واتسم الحفل بحرارة الشوق بين إليسا وجمهورها. فهي خرجت للتو من حرارة مرض مميت والجمهور أصيب بخضة ساخنة بعد أن كشفت لهم عن هذا الخبر في كليب أغنية ألبومها الجديد «إلى كل اللي بيحبوني»، فلم يتوانوا عن موافاتها بأعداد كثيفة، تعبيراً عن محبتهم لها وليتأكدوا من تعافيها وأنها بخير.
احتفالها بالحياة وبعودتها إليها بقوة وصلابة ترجمته إليسا أيضا في لوحاتها الغنائية. فأرادت إحداث الفرق ما بين صفحة حزينة طوتها وحاضر غني بالآمال، مستعينة بفريق راقص رافقها على المسرح في بعض أغانيها («إلى كل اللي بيحبوني» و«سهرنا يا ليل» و«لسه فيها كلام»)، مما ساهم في نقل شعورها بالاحتفال بشكل واضح. وغابت هذه المشهدية في أغان أخرى انطبعت بالرومانسية والحب كـ«نفسي أقوله» و«عكس اللي شايفينا» و«عايشالك» و«عمري ابتدا» التي شاركها فيها على المسرح أحد الهواة الفائز بمسابقة (أورانج) نظمت في مصر حول أغاني إليسا.
وفي أغنية «حالة حب» من ألبومها الفائت عبرت إليسا عن حالة الفرح التي تعيشها اليوم فصدح صوتها وهي تؤدي مقطع «وأخيرا الأيام رضيو عليا. أخيرا جه يا حبيبي يوم ليا أرتاح من قسوة أيامي». فتمايلت بخصرها النحيل مطالبة الجمهور بمشاركتها الحماس والتصفيق احتفاء بعودتها.
«أحبكم كثيراً، وإلى كل اللي بيحبوني ما الكن فضل لأنكم تبادلوني هذا الشعور ولكني أتوجه اليوم بالشكر إلى كل الذين لا يحبونني لأن بعضهم عبّر عن حبه لي رغم كل شيء». رسالة من القلب توجهت بها إليسا خلال الحفل إلى شريحة من الناس كانت تندرج على لائحة منتقديها باستمرار، فتعاطفوا معها في محنتها الأخيرة.
حضر الحفل حشد من أهل الإعلام والفن ورحبت إليسا بالفنان فارس كرم، وبالنائب أنطوان حبشي، وبعد أن غاب عنها سهوا بعض أسماء الموجودين استدركت الأمر لتقول: «سنحتفل الليلة مع كل اللي بيحبوني، أرحب بكم فردا فردا، وأشكركم جميعاً، فمن ناحيتي لن أنسى هذه الليلة وأتمنى ألا تنسوها بدوركم».
غابت أغاني فيروز عن حفل إليسا لهذا العام وحضرت كالعادة تلك الخاصة بالراحلة وردة الجزائرية، فأدت لها «وحشتوني» و«لولا الملامة»، فيما لونتها بأغنيات من زمن الفن الجميل التي أعادت إحياءها سابقا كـ«لو فيي» لعايدة شلهوب، و«خدني معك» للراحلة سلوى القطريب.
وبلغت ذروة التفاعل ما بين إليسا وجمهور «أعياد بيروت» في أغنية «كرهني» من ألبومها الجديد، وقبيل تقديمها أغنية «مريضة اهتمام» استبقتها بعبارة «أنتم أبطالي»، تعليقا منها على يافطة رفعها أحد محبيها في المقاعد الأمامية كتب عليها «إليسا البطلة».
وفي القسم الأخير من الحفل الذي استمر حتى منتصف الليل «قدمت إليسا أغنية من بداياتها «بدي دوب»، ولتطلب من الحضور عدم المغادرة بعد أن انسحبت لدقائق عن المسرح. ولتعود وهي ترتدي الفستان الأحمر الذي صوّرت فيه أغنية «إلى كل اللي بيحبوني» لتعيد أداء أغنية «كرهني» ولتختتم حفلها مرة جديدة بـ«إلى كل اللي بيحبوني»، مطالبة خلالها من جميع أصدقائها اعتلاء خشبة المسرح لترسم لوحة نهاية سعيدة سبق وسطرتها معهم في العمل الغنائي المصور المذكور.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».