6 طرق صحية لتحسين البصر

فحص العين الدوري وتناول الغذاء الصحي يساعدان في حمايته

6 طرق صحية لتحسين البصر
TT

6 طرق صحية لتحسين البصر

6 طرق صحية لتحسين البصر

يساعد اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة المضادة للأكسدة، وارتداء نظارة واقية، والتحكم في الحالات المرضية، في حماية بصرك.
نعلم جميعاً مدى أهمية البصر للحفاظ على الاستقلال، والاستمتاع بمباهج ومتع الحياة مثل مشهد الغروب الخلاب، أو الابتسامة الثمينة لحفيد، لكن تقدير ذلك الأمر لا يكفي للحفاظ على سلامة بصرك، فمع التقدم في العمر تزداد احتمالات فقدان البصر ومشكلاته بما في ذلك المياه البيضاء، وأمراض العيون الناتجة عن داء السكري، والمياه الزرقاء، والتنكس البقعي المرتبط بالسن، وجفاف العين.
حماية البصر
من شأن اتباع العادات الصحية التالية أن يزيد احتمالات نجاحك في حماية بصرك، واستقلالك، وكذلك رؤيتك الأشياء التي تجعل الحياة جميلة.
1- إجراء فحوص دورية للعين: يقول الدكتور ماثيو غاردينر، طبيب العيون لدى «مستشفى ماساتشوستس للعيون والأذن» التابع لجامعة هارفارد: «يمكن أن يكشف إجراء فحص شامل للعين عن حالات قد لا تكون على علم بها، حيث لا تظهر أعراض لكثير من تلك المشكلات». حتى إن لم تكن تعاني من مشكلة في العين، يوصي كثير من أطباء العيون بإجراء فحص عين شامل كل عامين قبل عمر السبعين وسنوياً منذ بلوغ السبعين. وترى «فرقة الخدمات الوقائية الأميركية» أن الأدلة الخاصة بهذه التوصية «غير كافية» لدعم ذلك النهج. وسيكون عليك إجراء مزيد من الفحوص إذا كانت لديك مشكلات في العين.
2- التحكم في الحالات المرضية ذات الصلة: قد تؤثر المشكلات الصحية المزمنة سلباً على بصرك. على سبيل المثال؛ قد يصاب مرضى السكري، الذين لا يسيطرون جيداً على مرضهم، باعتلال الشبكية، ومن أعراضها نزف وتورم في الشبكية، وهي الجزء الذي يلتقط الضوء ويرسله إلى المخ غبر العصب البصري. يحدث ذلك النزف من أوعية دموية غير طبيعية، وقد يؤدي بدوره إلى حدوث ندوب في النسيج تتسبب في انفصال الشبكية والإصابة بالعمى، كما يحذر الدكتور غاردينر. ويضيف قائلا: «يساعد خفض مستوى السكر في الدم في عدم تفاقم حالة اعتلال الشبكية».
ويتعرض الأشخاص، الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، لخطر الإصابة بمرض اعتلال الشبكية أيضاً. لذا تساعد السيطرة على ضغط الدم في الوقاية من النزف والتورم داخل العينين.
نمط حياة صحي
3- تناول غذاء صحي: يساعد تناول الأطعمة المفيدة لقلبك وللأوعية الدموية في حماية عينيك أيضاً. لذا اتبع نظاما غذائيا يتضمن أقل قدر من الدهون المشبعة والملح، إلى جانب تناول كمية معتدلة من البروتينات قليلة الدهون مثل المكسرات والبذور والبقول، مع الإكثار من تناول الخضراوات الطازجة، والفواكه، والحبوب الكاملة. يقول الدكتور غاردينر إن الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة، مثل الخضراوات ذات الأوراق الخضراء الداكنة، والفراولة، والتوت، والجوز، قد تساعد في الحد من احتمالات الإصابة بالمياه البيضاء (إعتام عدسة العين)، والتنكس البقعي المرتبط بالعمر، الذي يؤدي إلى فقدان البصر في البقعة، وهو جزء في العين يسيطر على الرؤية المركزية. بالنسبة إلى الأشخاص الذين يمرون بالمرحلة المتوسطة من ذلك المرض، يحد تناول مضادات الأكسدة والزنك معاً على هيئة مكملات غذائية للعين، من خطر تفاقم المرض.
4- الإقلاع عن التدخين: يقول الدكتور غاردينر: «يأتي التدخين، بعد الوراثة، باعتباره المسبب الأول للإصابة بالتنكس البقعي. ويرتبط التدخين بتدهور حالة المياه البيضاء، وننصح الجميع بالإقلاع عن التدخين».
5- استخدام قطرات العين: يمكن لاستخدام الدموع الصناعية تخفيف الشعور بجفاف العين. يقول الدكتور غاردينر: «سوف تجعلك القطرة ترى أفضل إذا كانت عيناك شديدة الجفاف، لأن جفاف سطح العين يجعل الأشياء تبدو ضبابية مشوشة». مع ذلك، ينبغي الانتباه لأن القطرات التي تعالج الاحمرار سوف تجعل العين أقل احمراراً، لكنها قد تزيد حالتها سوءاً على المدى الطويل بسبب التأثير العكسي الذي يحدث عندما يزول تأثيرها كما يوضح الدكتور غاردينر. ويوصي الدكتور غاردينر باستخدام الدموع الصناعية الخالية من المواد الحافظة عند الحاجة، أو الدموع الصناعية التي تحتوي على مواد حافظة 6 مرات يومياً على أقصى تقدير.
6- نظارات لحماية العين: هناك نوعان من النظارات التي تحمي العين، الأول النظارات الشمسية التي ترشح أشعة الشمس فوق البنفسجية، والتي يزيد التعرض لها من احتمالات الإصابة بالمياه البيضاء، وسرطان الجفون. لذا احرص على ارتداء النظارات الشمسية القادرة على الحماية من الأشعة فوق البنفسجية.
أما النوع الثاني فهو النظارات الواقية وهي التي تقي من الإصابات عند العمل في المنزل. يوضح الدكتور غاردينر قائلا: «يتجاهل أكثر الناس هذا الخطر، لكننا كثيراً ما نرى أشخاصا يعانون من خدش القرنية بسبب أعمال البستنة، أو العمل في الخارج، أو الحفر، وهو ما قد يتسبب في تطاير قطع من المعدن ودخولها إلى العين، ويمكن للنظارات الواقية الحماية من كل تلك الإصابات».
* «رسالة هارفارد الصحية» - خدمات «تريبيون ميديا»



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)