المركز الثالث في المونديال.. البعض يعده إنجازا وآخرون يرونه فشلا

فان غال يعرف طريقه.. وسكولاري يعيش في عالمه الخاص وسط مصير مجهول

مدرب هولندا فان غال بعد الهزيمة أمام الأرجنتين (أ.ب)  -  سكولاري بعد كارثته أمام ألمانيا (أ.ب)
مدرب هولندا فان غال بعد الهزيمة أمام الأرجنتين (أ.ب) - سكولاري بعد كارثته أمام ألمانيا (أ.ب)
TT

المركز الثالث في المونديال.. البعض يعده إنجازا وآخرون يرونه فشلا

مدرب هولندا فان غال بعد الهزيمة أمام الأرجنتين (أ.ب)  -  سكولاري بعد كارثته أمام ألمانيا (أ.ب)
مدرب هولندا فان غال بعد الهزيمة أمام الأرجنتين (أ.ب) - سكولاري بعد كارثته أمام ألمانيا (أ.ب)

إذا كان احتلال المركز الثالث في نهائيات كأس العالم يعد إنجازا كبيرا لمنتخبات مثل الولايات المتحدة (1930) والسويد (1950 و1994) والنمسا (1954) وتشيلي (1962) وبولندا (1974 و1982) أو كرواتيا (1998) وتركيا (2002)، فإنه يعد فشلا بالنسبة للمنتخبين البرازيلي المضيف والهولندي وصيف النسخة الماضية اللذين يتواجهان اليوم على جائزة «الترضية} في مونديال 2014.
ولطالما كانت مباراة المركز الثالث هامشية بالنسبة للكبار لكن أنظمة البطولة تنص على إقامة مباراة ثالثة كان مدرب هولندا لويس فان غال من معارضيها تماما بعد خروج فريقه من الدور نصف النهائي أمام الأرجنتين بركلات الترجيح، مشيرا إلى أنه طالب بإلغاء هذه المباراة منذ... 15 عاما! وإذا كان فان غال الذي لم يتمكن من قيادة بلاده إلى لقبها الأول بعد أن كانت قريبة من التتويج في ثلاث مناسبات (1974 و1978 و2010)، يرى أن المركز الثالث «مضيعة للوقت}، فإن هناك غالبية ساحقة من المنتخبات «الصغيرة} التي تحلم به وتعده إنجازا كبيرا لو تحقق على غرار تركيا التي فاجأت الجميع عام 2002 بوصولها إلى نصف النهائي ثم إحرازها المركز الثالث على حساب مفاجأة أخرى متمثلة بكوريا الجنوبية، شريكة الضيافة مع اليابان حينها.
فلهذه المباراة قصتها «العزيزة} بالنسبة لمنتخبات مثل يوغوسلافيا السابقة التي تعد نفسها «مظلومة} لعدم ذكرها مع الولايات المتحدة كصاحبة المركز الثالث في النسخة الأولى عام 1930 والتي لم تشهد مباراة لتحديد صاحب المركز الثالث. وحصل هناك لغط كبير حول المركز الثالث لمونديال 1930 الذي توجت به الأوروغواي على حساب الأرجنتين (4 - 2)، إذ ذكرت عدة مصادر بينها تقرير للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا} عام 1984 وبشكل خاطئ أن يوغوسلافيا فازت بالمركز الثالث بتغلبها على الولايات المتحدة 3 - 1. لكن جرى تصحيح هذه المعلومة لاحقا دون ذكر من الطرف الذي نال المركز الثالث. وتحدث البعض عن أنه كان مقررا إقامة مباراة المركز الثالث في تلك النهائيات التي استضافتها الأوروغواي بمشاركة 13 منتخبا (7 من أميركا الجنوبية و4 من أوروبا و2 من أميركا الشمالية وزعت على أربع مجموعات وتأهل بطل كل منها إلى نصف النهائي)، لكن يوغوسلافيا رفضت اللعب لأنها كانت مستاءة من التحكيم في مباراة نصف النهائي مع الأوروغواي (1 - 6). وفي نهاية البطولة، نال كل من قائدي المنتخبين الأميركي (توم فلوري) واليوغوسلافي (ميلوتين ايفكوفيتش) ميدالية برونزية، لكن التقرير الصادر عن اللجنة الفنية في الفيفا عام 1986 خلال مونديال المكسيك صنف الولايات المتحدة ثالثة ويوغوسلافيا رابعة ولا يزال هذا التصنيف قائما حتى اليوم.
وفي 2010، أكد نجل كوستا هادتسي، رئيس الوفد اليوغوسلافي إلى الأوروغواي عام 1930 ونائب رئيس الاتحاد المحلي لكرة القدم في حينها، بأن المنتخب اليوغوسلافي كفريق بأكمله منح ميدالية برونزية واحدة احتفظ بها هادتسي لنفسه وتناقلتها العائلة لمدة 80 عاما. واستنادا إلى هذه المصدر، فإن يوغوسلافيا صنفت ثالثة عام 1930 لأنها خسرت في نصف النهائي أمام المنتخب الذي توج لاحقا باللقب. لكن لم يكن هناك أي لغط مماثل في النسخة التالية عام 1934 التي أقيمت في إيطاليا وتوج بها البلد المضيف على حساب تشيكوسلوفاكيا (2 - 1) بعد التمديد، إذ فازت ألمانيا على جارتها النمسا 3 - 2 وأصبحت صاحبة أول مركز ثالث رسمي في تاريخ النهائيات التي شهدت فوز البرازيل على السويد 4 - 2 في نسخة 1938 التي أحرزتها إيطاليا أيضا وهذه المرة على حساب المجر (4 - 2). ثم غابت البطولة بسبب الحرب العالمية الثانية ولم تعد إلا عام 1950 في نسخة شهدت فوز الأوروغواي بلقبها الثاني بتصدرها المجموعة النهائية بعد فوزها في المباراة الحاسمة على البرازيل المضيفة 2 - 1، فيما نالت السويد المركز الثالث بتقدمها على إسبانيا بفارق نقطة بعد فوزها عليها في الجولة الثالثة الأخيرة 3 - 1.
ومنذ حينها، لم تتغير الصيغة القائمة حاليا ففازت النمسا على الأوروغواي 3 - 1 عام 1954، وفرنسا على ألمانيا الغربية 6 - 3 عام 1958، وتشيلي على يوغوسلافيا عام 1962، والبرتغال على الاتحاد السوفياتي 2 - 1 عام 1966، وألمانيا الغربية على الأوروغواي 1 - صفر عام 1970، وبولندا على البرازيل 1 - صفر عام 1974، والبرازيل على إيطاليا 2 - 1 عام 1978، وبولندا على فرنسا 3 - 2 عام 1982، وفرنسا على بلجيكا 4 - 2 بعد التمديد عام 1986، وإيطاليا على إنجلترا 2 - 1 عام 1990، والسويد على بلغاريا 4 - صفر عام 1994، وكرواتيا على هولندا 2 - 1 عام 1998، وتركيا على كوريا الجنوبية 3 - 2 عام 2002، وألمانيا على البرتغال 3 - 1 عام 2006، وألمانيا مجددا على الأوروغواي 3 - 2 عام 2010.
وبالتالي ستكون مباراة اليوم الرابعة للبرازيل على المركز الثالث بعد 1938 (فازت على السويد 4 - 2) و1974 (خسرت أمام بولندا صفر - 1) و1978 (فازت على إيطاليا 2 - 1)، والثانية فقط لهولندا بعد 1998 (خسرت أمام كرواتيا 1 - 2) حين تغلبت على البرازيل بالذات في الدور ربع النهائي بركلات الترجيح 4 - 2 بعد تعادلهما 1 - 1 في الوقتين الأصلي والإضافي بهدف لرونالدو (46)، مقابل هدف لباتريك كلويفرت (87) مساعد المدرب حاليا.
من جهته كان يتمنى لويس فان غال أن يودع المنتخب الهولندي بأفضل طريقة من خلال قيادته إلى لقب بطل العالم للمرة الأولى في تاريخه، لكنه سيضطر إلى الاكتفاء بمباراة وداعية «هامشية} ضد البرازيل المضيفة اليوم في برازيليا على المركز الثالث. كان فان غال وبامتياز نجم المدربين في النسخة العشرين من نهائيات كأس العالم بفضل جراءته وحنكته، وهو سيترك «البرتقالي} بذكرى جيدة بعد أن كان فريقه صاحب أجمل العروض في البطولة التي ودعها دون أن يخسر بعدما انتهى مشواره فيها بركلات الترجيح أمام الأرجنتين.
لكن لا يمكن قول الأمر ذاته عن نظيره البرازيلي لويز فيليبي سكولاري الذي شاهد منتخبه يتقهقر في الدورين الثاني وربع النهائي وصولا إلى السقوط التاريخي المذل أمام ألمانيا (1 - 7) في دور الأربعة. وإذا كان مصير فان غال معروفا كونه اتخذ قراره قبل النهائيات بالانتقال إلى انجلترا من أجل الإشراف على مانشستر يونايتد، فإن سكولاري الذي عرف أقصى البياض وأقصى السواد في مغامرتيه مع البرازيل إذ قادها عام 2002 إلى لقبها الخامس والأخير وكان «مهندس} السقوط الأقسى لها في تاريخ مشاركاتها في النهائيات، لم يحسم أمره بعد رغم عاصفة الانتقادات التي يواجهها وهو كشف بأنه سيعلن عن قراره بعد مباراة المركز الثالث.
ومن المؤكد أن المجهود الذي قام به فان غال في مغامرته الثانية مع المنتخب الهولندي (الأولى كانت بين 2000 و2002) كان رائعا لكن أحدا لن يتذكر العروض المميزة التي قدمها الفريق بقيادته بعد الفشل في الوصول إلى المباراة النهائية، وذلك لأن هولندا ليست بالمنتخب الذي يرضى بالدور نصف النهائي حسب، بل إنها تتطلع دائما لتكون منافسة على اللقب الذي أفلت من يديها في ثلاث مناسبات حتى الآن (1974 و1978 و2010) رغم امتلاكها للاعبين أسطوريين خلال حملاتها في العرس الكروي العالمي.



الكنيست يصادق على قوانين «إصلاح القضاء» متجاهلاً التحذيرات

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم الاثنين (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم الاثنين (أ.ب)
TT

الكنيست يصادق على قوانين «إصلاح القضاء» متجاهلاً التحذيرات

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم الاثنين (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم الاثنين (أ.ب)

صادق الكنيست الإسرائيلي، في وقت مبكر الثلاثاء، بالقراءة الأولى على مشاريع قوانين «الإصلاح القضائي» المثيرة للجدل التي تقيد يد المحكمة العليا وتمنعها من أي مراجعة قضائية لبعض القوانين، كما تمنعها من عزل رئيس الوزراء. ومر مشروع قانون «التجاوز» بأغلبية 61 مقابل 52، بعد جلسة عاصفة وتعطيل طويل وتحذيرات شديدة اللهجة من قبل المعارضة، حتى تم إخلاء الكنيست بعد الساعة الثالثة فجر الثلاثاء.

ويمنح التشريع الذي يحتاج إلى قراءتين إضافيتين كي يتحول إلى قانون نافذ، حصانة لبعض القوانين التي تنص صراحة على أنها صالحة رغم تعارضها مع أحد قوانين الأساس شبه الدستورية لإسرائيل. ويُطلق على هذه الآلية اسم «بند التجاوز»؛ لأنه يمنع المراجعة القضائية لهذه القوانين.

ويقيد مشروع القانون أيضاً قدرة محكمة العدل العليا على مراجعة القوانين التي لا يغطيها بند الحصانة الجديد، بالإضافة إلى رفع المعايير ليتطلب موافقة 12 من قضاة المحكمة البالغ عددهم 15 قاضياً لإلغاء قانون. وينضم مشروع «التجاوز» إلى عدد كبير من المشاريع الأخرى التي من المقرر إقرارها بسرعة حتى نهاية الشهر، وتشمل نقل قسم التحقيق الداخلي للشرطة إلى سيطرة وزير العدل مباشرة، وتجريد سلطة المستشارين القانونيين للحكومة والوزارات، وإلغاء سلطة المحكمة العليا في مراجعة التعيينات الوزارية، وحماية رئيس الوزراء من العزل القسري من منصبه، وإعادة هيكلة التعيينات القضائية بحيث يكون للائتلاف سيطرة مطلقة على التعيينات.

كما يعمل التحالف حالياً على مشروع قانون من شأنه أن يسمح ببعض التبرعات الخاصة للسياسيين، على الرغم من التحذيرات من أنه قد يفتح الباب للفساد. قبل التصويت على مشروع «التجاوز»، صوّت الكنيست أيضاً على مشروع «التعذر»، وهو قانون قدمه الائتلاف الحاكم من شأنه أن يمنع المحكمة العليا من إصدار أوامر بعزل رئيس الوزراء حتى في حالات تضارب المصالح. وقدم هذا المشروع رئيس كتلة الليكود عضو الكنيست أوفير كاتس، بعد مخاوف من أن تجبر محكمة العدل العليا رئيس الحزب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على التنحي، بسبب تضارب المصالح المحتمل الذي قد ينتج عن إشرافه على خطة تشكيل القضاء بينما هو نفسه يحاكم بتهمة الفساد. وبموجب المشروع، سيكون الكنيست أو الحكومة الهيئتين الوحيدتين اللتين يمكنهما عزل رئيس الوزراء أو أخذه إلى السجن بأغلبية ثلاثة أرباع، ولن يحدث ذلك إلا بسبب العجز البدني أو العقلي، وهي وصفة قالت المعارضة في إسرائيل إنها فصّلت على مقاس نتنياهو الذي يواجه محاكمة بتهم فساد.

ودفع الائتلاف الحاكم بهذه القوانين متجاهلاً التحذيرات المتزايدة من قبل المسؤولين السياسيين والأمنيين في المعارضة، وخبراء الاقتصاد والقانون والدبلوماسيين والمنظمات ودوائر الدولة، من العواقب الوخيمة المحتملة على التماسك الاجتماعي والأمن والمكانة العالمية والاقتصاد الإسرائيلي، وعلى الرغم من الاحتجاجات الحاشدة في إسرائيل والمظاهرات المتصاعدة ضد الحكومة. وأغلق متظاهرون، صباح الثلاثاء، بعد ساعات من مصادقة الكنيست بالقراءة الأولى على مشروعي «التجاوز» و«التعذر»، الشارع المؤدي إلى وزارات المالية والداخلية والاقتصاد في القدس، لكن الشرطة فرقتهم بالقوة واعتقلت بعضهم.

ويتوقع أن تنظم المعارضة مظاهرات أوسع في إسرائيل هذا الأسبوع. وكان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قد دعا، الاثنين، رؤساء المعارضة الإسرائيلية للاستجابة لدعوة الليكود البدء بالتفاوض حول خطة التغييرات في الجهاز القضائي، لكن الرؤساء ردوا بأنهم لن يدخلوا في أي حوار حول الخطة، ما دام مسار التشريع مستمراً، وأنهم سيقاطعون جلسات التصويت كذلك. وقال أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب «يسرائيل بيتنو» المعارض بعد دفع قوانين بالقراءة الأولى في الكنيست: «هذه خطوة أخرى من قبل هذه الحكومة المجنونة التي تؤدي إلى شق عميق في دولة إسرائيل سيقسمنا إلى قسمين».

في الوقت الحالي، يبدو من غير المحتمل أن يكون هناك حل وسط على الرغم من دعوات الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ لوقف التشريع. وكان قد أعلن، الاثنين، أنه يكرس كل وقته لإيجاد حل لأزمة الإصلاح القضائي، قائلاً إن الوضع هو أزمة دستورية واجتماعية «خطيرة للغاية». ويرى هرتسوغ أن خطة التشريع الحالية من قبل الحكومة خطة «قمعية» تقوض «الديمقراطية الإسرائيلية وتدفع بالبلاد نحو كارثة وكابوس». وينوي هرتسوغ تقديم مقترحات جديدة، وقالت المعارضة إنها ستنتظر وترى شكل هذه المقترحات.

إضافة إلى ذلك، صادق «الكنيست» بالقراءة الأولى على إلغاء بنود في قانون الانفصال الأحادي الجانب عن قطاع غزة، و4 مستوطنات في شمال الضفة الغربية المحتلة، وذلك بعد 18 عاماً على إقراره. ويهدف التعديل الذي قدمه يولي إدلشتاين، عضو الكنيست عن حزب الليكود ورئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، إلى إلغاء الحظر على المستوطنين لدخول نطاق 4 مستوطنات أخليت في الضفة الغربية المحتلة عام 2005، وهي «جانيم» و«كاديم» و«حومش» و«سانور»، في خطوة تفتح المجال أمام إعادة «شرعنتها» من جديد. وكان إلغاء بنود هذا القانون جزءاً من الشروط التي وضعتها أحزاب اليمين المتطرف لقاء الانضمام إلى تركيبة بنيامين نتنياهو. ويحتاج القانون إلى التصويت عليه في القراءتين الثانية والثالثة ليصبح ساري المفعول.