تعديل قانون الانتخاب يثير جدلاً في تونس

«النداء» و«النهضة» يؤيدانه... والأحزاب الصغرى ترفضه

TT

تعديل قانون الانتخاب يثير جدلاً في تونس

عاد الجدل إلى الساحة السياسية التونسية حول الهدف من وراء بحث الأحزاب السياسية الكبرى (النداء والنهضة أساسا) تعديل القانون الانتخابي، قبل نحو سنة من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظرة خلال السنة المقبلة، وذلك بعد إحالة رئاسة الحكومة مشروع قانون لتنقيح القانون الانتخابي على أنظار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للاستشارة، وإبداء الرأي وتقديم مقترحات إضافية.
واعتبرت الأحزاب الصغرى، الممثلة بعدد قليل من النواب في البرلمان، أو تلك التي لم تتمكن من دخول البرلمان خلال انتخابات 2011 و2014، الخطوة على أنها تعديل يرمي إلى إخراجها من الساحة السياسية، والقضاء على التنوع والتعددية في المواقف والآراء داخل البرلمان، وبالتالي «ضرب تعددية المشهد السياسي»، معتبرة أن حزبي النهضة والنداء يرغبان في السيطرة الكاملة على البرلمان، وإخراج الأصوات المعارضة منه.
وحسب تصريحات عادل البرينصي، عضو العليا المستقلة للانتخابات، فإن مشروع هذا القانون يهدف إلى إمكانية رفع عدد نواب البرلمان من 217 إلى 231. تماشيا مع التحيين الديموغرافي لعدد السكان. كما اقترح مشروع هذا القانون رفع العتبة من 3 إلى 5 في المائة، وهي الحد الأدنى من الأصوات التي يشترط الحصول عليها من قبل الأحزاب السياسية للحصول على أحد المقاعد المتنافس عليها في الانتخابات.
ومن خلال القانون ذاته، تم اقتراح خفض عدد نواب البرلمان إلى 204 نواب فقط في حال إقرار قانون يمكن من انتخاب نائب برلماني واحد عن كل 65 ألف ساكن. ومن المنتظر أن تنظر الهيئة في هذين المشروعين على أن يبقى ما ستقدمه استشاريا، يكون متبوعا بصياغة مشروع قانون يتم عرضه في فترة لاحقة على البرلمان للتصويت.
وبدأت الدعوات إلى تغيير القانون الانتخابي في تونس منذ بداية السنة الحالية، وقبل إجراء الانتخابات البلدية الأخيرة، بتأييد من الرئيس الباجي قائد السبسي، والأحزاب الكبرى كالنهضة والنداء، بهدف تجاوز أزمة الحكم، في مقابل رفض المعارضين لهذه الاقتراحات، والتنبيه إلى خطورة هذه الخطوة التي ستقضي، في رأيهم، على التعددية السياسية البرلمانية المميزة للمشهد السياسي بعد ثورة 2011.
وكان رئيس الجمهورية قد أكد أن تغيير القانون الانتخابي «أمر مرغوب فيه، ويجب المضي في تغييره قبل الانتخابات المقبلة (2019) مهما كانت الانتقادات»، وأحدث لهذا الغرض فريقا من الخبراء ضمن وثيقة قرطاج 2 السياسية، وأوكل لها مهمة تقديم مقترح حول تعديل القانون الانتخابي. غير أن النقاشات حول تلك الوثيقة توقفت منذ 28 من مايو (أيار) الماضي، إثر بروز خلاف حاد حول مصير حكومة الشاهد.
واعتبر عصام الشابي، رئيس الحزب الجمهوري المعارض، أن تعديل القانون الانتخابي قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة يمثل «تغييرا لقوانين اللعبة، وتخطيطا مبكرا لا يعبر عن أسس الديمقراطية». مبرزا أن التحجج بضعف منظومة الحكم، وتوالي الأزمات السياسية وضعف الحكومات، لا تتحمل مسؤوليته الأحزاب السياسية الصغرى، بل يعود إلى الانقسامات المتتالية التي عرفها حزب النداء، الذي انقسم إلى خمس كتل برلمانية، وأيضا إلى التنافس المحموم على كرسي السلطة.
وبشأن رفع عتبة الدخول إلى البرلمان، أكد الشابي لـ«الشرق الأوسط» أن تطبيق نسبة 5 في المائة على نتائج انتخابات 2014. لن يبقي في البرلمان سوى كتلتين فقط (النداء والنهضة)، وهذا يؤدي في نظره إلى اختفاء بقية النواب من الخارطة البرلمانية، «وهو ما يمثل ضربا لثراء المشهد السياسي والبرلماني التونسي، واختلاف الآراء والتقييم» على حسب تعبيره.
وفي قراءة أولى للمشهد السياسي، فإن حركة النهضة أعلنت عبر عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس الشورى، عن تأييدها لمبادرة الحكومة لتعديل القانون الانتخابي، وهو نفس الرأي الذي تبناه المنجي الحرباوي، القيادي في حزب النداء، حيث دعا إلى ضرورة إفراز أغلبية سياسية قادرة على الحكم.
أما الأحزاب السياسية الممثلة بعدد قليل من النواب في البرلمان، على غرار حزب التيار الديمقراطي، وتحالف الجبهة الشعبية اليساري المعارض، والحزب الجمهوري، فقد رفضت مبدأ التعديل، واعتبرته «تعاظما للغرور السياسي وتنامي التسلط لدى الحكومة».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.