الأقصر تعيد إحياء مهرجانها الدولي للموسيقات الصوفية وموسيقى الصعيد

يجذب فرقا تراثية وصوفية من بلدان المغرب العربي والسودان

إحدى الفرق المولوية
إحدى الفرق المولوية
TT

الأقصر تعيد إحياء مهرجانها الدولي للموسيقات الصوفية وموسيقى الصعيد

إحدى الفرق المولوية
إحدى الفرق المولوية

أعلن في الأقصر عن إعادة إحياء مهرجان دولي لموسيقى الصعيد والموسيقات الصوفية، كان يقام غرب المدينة التاريخية قبل 11 عاما. ويهدف المهرجان الجديد الذي سيحمل اسم «الأقصر» إلى اجتذاب فرق موسيقية تراثية وصوفية من بلدان المغرب العربي والسودان وبعض البلدان الأفريقية.
وقال اللواء طارق سعد الدين محافظ الأقصر لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، الخميس إن إحياء مهرجان موسيقى الصعيد التقليدية والموسيقات الصوفية من قبل أوساط ثقافية وسياحية بالتعاون مع سلطات المحافظة يأتي ضمن مساع تهدف لتنويع المنتج السياحي للأقصر، وزيادة أعداد الليالي السياحية بها وجذب أنماط جديدة من السياح، كما يمثل إضافة مهمة لسلسلة المهرجانات الفنية التي تتفرد بها الأقصر مثل مهرجاني السينما الأفريقية والسينما المصرية الأوروبية، وملتقى الأقصر الدولي للرسم وغيرها من المهرجانات التي تهدف لجعل الأقصر عاصمة للثقافة، وتحقق مزيدا من الجذب السياحي في إطار ما يسمى بسياحة المؤتمرات. وقالت شيرين النجار الباحثة المصرية ورئيسة جمعية إيزيس الثقافية في الأقصر، وهي الجمعية صاحبة فكرة إقامة المهرجان إن مهرجان الأقصر الأول لموسيقى الصعيد والموسيقات الصوفية، هو إحياء لـ«مهرجان القرنة ع الخط» الذي كان يقام في رحاب آثار غرب الأقصر قبل أن يتوقف منذ 11 عاما عبر مؤسسات فرنسية وكان يُحيا بمشاركة فرق دولية عدة، بجانب كبار المنشدين الصوفيين وفرق الموسيقى بصعيد مصر.
وأشارت النجار إلى أن مهرجان الأقصر لموسيقى الصعيد التقليدية والموسيقات الصوفية المنتشرة في مصر وبعض البلدان العربية والأفريقية سيعطي الفرصة لاكتشاف ثقافات موسيقية أخرى، كما سيثير فضول هواة الموسيقى والمهتمين بالثقافات الأجنبية خاصة في مجال الموسيقى التقليدية العربية، وسيساعد على نشر الثقافة الموسيقية الصوفية المصرية بتنوعها وتوحدها بين شعوب العالم، بجانب حفظ وإحياء الموسيقات التقليدية المصرية التي وضعت وجرى توارثها شفويا. وأوضحت أن المهرجان سيساعد في حفظ تراث الموسيقى التقليدية بعامة والصوفية بخاصة، حيث حفظت في الذاكرة الإيقاعات والإلحان والإيحاءات ليبقى هذا الفن المأثور مصانا وحيا، مشيرة إلى أن الأقصر حيث معابد ومقابر ملكات وملوك الفراعنة العظام ومقابر تخليد ذكراهم هي المكان الأنسب لإقامة المهرجان مما يضفي مزيدا من التفاعلات المزدوجة للأقصر ومجتمعها الصغير حيث تلتقي الحضارات القديمة والمعاصرة، لذلك فإن الأقصر وآثارها وساحاتها الصوفية الشهيرة هي المكان الأمثل لإقامة فاعليات المهرجان.
وكان مهرجان «القرنة ع الخط» لإحياء موسيقى الصعيد التقليدية قد أقيم لثلاث دورات متتالية كان آخرها في شهر مارس (آذار) من عام 2001 بمعرفة جمعية القرنة أون لاين الفرنسية التي تأسست عام 1998 بهدف إحياء موسيقى الصعيد التقليدية في جنوب مصر، ونظمت الجمعية التي أسستها شنيل كروسيل الناشطة الفرنسية في مجال حفظ التراث الشفاهي والموسيقات الشعبية المهرجان.
وأقيم المهرجان الأول في الفترة من 10 إلى 17 أبريل (نيسان) عام 1999، وأقيم الثاني من الثالث إلى الثامن من أبريل عام 2000 ثم الثالث والأخير في الفترة من 18 إلى 25 مارس 2001 وذلك بالتعاون مع سلطات مدينة الأقصر والهيئة المصرية العامة لتنشيط السياحة، إلى أن قررت الأوساط الثقافية والسياحية في الأقصر إحياءه في ثوب واسم جديدين.
وينتظر أن تقام دورته الأولى ضمن احتفالات الأقصر بالذكرى السنوية لاكتشاف مقبرة وكنوز الفرعون الذهبي الملك توت عنخ آمون والتي توافق الرابع من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».