افتتاح مهرجان قرطاج في دورته الخمسين

عرض استذكار للتونسي أنور براهم خاطب الروح والوجدان

افتتح أنور براهم عازف العود والمؤلف الموسيقي التونسي فعاليات مهرجان قرطاج الدولي
افتتح أنور براهم عازف العود والمؤلف الموسيقي التونسي فعاليات مهرجان قرطاج الدولي
TT

افتتاح مهرجان قرطاج في دورته الخمسين

افتتح أنور براهم عازف العود والمؤلف الموسيقي التونسي فعاليات مهرجان قرطاج الدولي
افتتح أنور براهم عازف العود والمؤلف الموسيقي التونسي فعاليات مهرجان قرطاج الدولي

افتتح أنور براهم عازف العود والمؤلف الموسيقي التونسي في سهرة أول من أمس الخميس فعاليات مهرجان قرطاج الدولي في دورته الـ50 بعرض حمل عنوان «استذكار» في عرض متكامل وأمام قرابة ستة آلاف متفرج. ويقدم مهرجان قرطاج بعد 50 سنة من الوجود برمجة مميزة تتضمن 30 عرضا إبداعيا في مختلف الاختصاصات الفنية وتجمع بين الموسيقى والمسرح والسينما والرقص الفني.
ومزج براهم من خلال عرضه الموسيقي بين الموسيقى الشرقية والموسيقى الغربية فعاش الجمهور على تناغم هذا المزيج الموسيقي الصادر عن آلة العود ونقرات الموسيقى القادمة من آلة البيانو. وعاد براهم بذاكرة الحاضرين إلى ذكريات قديمة عايشتها الأجيال المتتالية التي واكبت صعوده وبروزه على الساحة الفنية من خلال آلة العود التي تصاحب كافة أعماله الإبداعية.
وقدم براهم معزوفات تجمع بين موسيقى الجاز والموسيقى الكلاسيكية الأوروبية والتقاليد الموسيقى الشرقية ذات النفس التأملي مما حمل الحاضرين إلى الغوص في عوالم رقيقة وشفافة جمعت بين الفرح والحزن والأمل. وخاطب براهم عبر الموسيقى التي تعتمد أصوات الآلات الموسيقية فحسب، الروح والوجدان بموسيقى حالمة ذات منحى عالمي وتحت أضواء خافتة وفي ظل صمت يقارب الوجوم لولا رفرفة بعض أوراق الأشجار القريبة من المسرح الأثري بقرطاج.
وأشرف مهدي جمعة رئيس الحكومة التونسية على افتتاح مهرجان قرطاج الدولي في دورته الخمسين وكان مرفوقا بمراد الصقلي وزير الثقافة والمنجي الحامدي وزير الخارجية.
العرض أمنه أكثر من 20 عازفا من عناصر اوركسترا استونيا، ومن بينهم ثلاثة عازفين عالميين هم كلاوس كيزنغ عازف الكلارينات، وفرنسوا كوترياي عازف البييانو وبيورن ماير عازف الكنترباص، وقدم العرض في أجواء شاعرية يطغى عليها الطابع الرومانسي الحالم.
عازف العود التونسي قال: إنه فضل الانطلاق في سلسلة عروضه من مهرجان في دورة مميزة. وأضاف أنه تلقى خلال السنوات الماضية دعوات كثيرة للمشاركة في مهرجان قرطاج لكنه رفض قبولها لعدم اكتمال مشروعه الموسيقي على حد تعبيره.
ويشارك في هذا المهرجان الذي يعد أحد أعرق المهرجانات العربية، فنانون عرب وأجانب وتونسيون. وتمثل العروض التونسية نسبة خمسين في المائة من إجمالي العروض المبرمجة من 10 يوليو (تموز) الحالي إلى يوم 16 أغسطس (آب) المقبل.
وبرمجت هيئة المهرجان الذي ترأسه سنية مبارك الفنانة التونسية عرضا للفنان مارسيل خليفة مصحوبا بالاوركسترا السيمفوني التونسي، وعرضا للفنان التونسي صابر الرباعي، كما برمجت سهرة للفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، إلى جانب عرض للبنانية نانسي عجرم وعرض للموسيقار العالمي ياني.
ووجهت انتقادات إلى هيئة تنظيم مهرجان قرطاج بشأن البرمجة الحالية وعدم ارتقائها إلى مرتبة دورة مميزة بعد 50 من عمر المهرجان، إلا أن رئيسة المهرجان أشارت إلى عدة عوامل سياسية وأمنية ومالية كذلك، وقالت: إنها حالت دون برمجة الكثير من العروض الموسيقية والإبداعية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».