تركيا: نزف الليرة يتزايد وصندوق النقد الدولي ينفي طلب الدعم

تكلفة التأمين على الديون ترتفع لأعلى مستوى منذ 2009

الليرة التركية واصلت تراجعها الشديد أمس إلى مستوى 5.42 ليرة مقابل الدولار (رويترز)
الليرة التركية واصلت تراجعها الشديد أمس إلى مستوى 5.42 ليرة مقابل الدولار (رويترز)
TT

تركيا: نزف الليرة يتزايد وصندوق النقد الدولي ينفي طلب الدعم

الليرة التركية واصلت تراجعها الشديد أمس إلى مستوى 5.42 ليرة مقابل الدولار (رويترز)
الليرة التركية واصلت تراجعها الشديد أمس إلى مستوى 5.42 ليرة مقابل الدولار (رويترز)

نفى صندوق النقد الدولي طلب تركيا دعما ماليا بعد الانهيار الشديد في سعر صرف الليرة التركية وتراجعها إلى أدنى مستوى عند 5.42 ليرة مقابل الدولار في تعاملات أمس (الخميس)... فيما ارتفعت تكلفة التأمين على الديون التركية أمس إلى أعلى مستوياتها منذ 2009، في ظل تدافع شديد على بيع الليرة والسندات السيادية والمصرفية التركية.
وتعرضت الأصول التركية لضربة عنيفة خلال الأيام الماضية. وقالت: «آي.إتش.إس ماركت» إن عقود مبادلة مخاطر الائتمان التركية لخمس سنوات ارتفعت إلى 370 نقطة أساس، بزيادة 14 نقطة أساس عن إغلاق أول من أمس الأربعاء، مع هبوط الليرة أكثر من اثنين في المائة إلى مستويات قياسية منخفضة.
وبلغ هامش عوائد السندات السيادية التركية المقومة بالدولار فوق سندات الخزانة الأميركية أعلى مستوياته منذ أبريل (نيسان) 2009، مع تراجع الإصدارات من شتى الاستحقاقات.
وأكد صندوق النقد الدولي أنه ليس هناك أي موضوع يتعلق بتقديم دعم مالي لتركيا، وأنه لم يتلق أي طلب من تركيا للحصول على قرض مالي.
وكان الصندوق أعلن مؤخرا توقعاته حول نمو الاقتصاد التركي، وتوقع أن ينمو بنسبة 4.2 في المائة خلال العام الحالي (2018)، وبنسبة 3.9 في المائة العام المقبل (2019).
وفقدت الليرة التركية أمس 2.5 في المائة عن مستوى إغلاق أول من أمس، بعدما اجتمع وفد تركي مع مسؤولين أميركيين سعيا لحل الخلافات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو). وسجلت العملة التركية 5.42 ليرة مقابل الدولار في التعاملات الصباحية أمس، بعدما سجلت مستوى متدنيا قياسيا عند 5.44 ليرة مقابل الدولار الليلة قبل الماضية.
والتقى الوفد التركي، أول من أمس، مسؤولين من وزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين، لكن لم تظهر أي مؤشرات على تحقيق انفراجة بعد محادثات استمرت ساعة.
وفقدت الليرة التركية نحو ثلث قيمتها منذ بداية العام الحالي بفعل مخاوف من إحكام الرئيس رجب طيب إردوغان سيطرته على السياسة النقدية، وتفاقمت الخسائر بنسبة 5.5 في المائة يوم الاثنين الماضي لتتراجع إلى 5.43 ليرة للدولار مسجلة أدنى مستوى لها على الإطلاق وأكبر انخفاض في جلسة واحدة في نحو 10 سنوات. وجاء الانخفاض الذي سجلته الليرة يوم الاثنين بعد أن قالت واشنطن إنها تراجع الإعفاءات الممنوحة للصادرات التركية إلى السوق الأميركية، التي تصل قيمتها إلى 1.7 مليار دولار.
وقال الممثل التجاري الأميركي، مطلع الأسبوع الحالي، إن الولايات المتحدة تراجع إعفاء تركيا من الرسوم الجمركية في السوق الأميركية، وهي خطوة قد تؤثر على صادرات تركية بقيمة 1.7 مليار دولار.
وعدل البنك المركزي التركي، الثلاثاء الماضي، قواعد احتياطي النقد لزيادة كميات النقد الأجنبي المتاحة لدى البنوك التجارية، في محاولة لدعم الليرة التركية المتراجعة. ولفتت وكالة «بلومبرغ» في تقرير لها إلى أن تعديل قواعد الاحتياطي النقدي الإلزامي، عادة ما يكون أول خيار يلجأ إليه البنك المركزي التركي لتعزيز قيمة الليرة التركية.
وحذر بنك الاستثمار «غولدمان ساكس» من أن مزيدا من التراجع في الليرة التركية إلى 7.1 مقابل الدولار قد يمحو بدرجة كبيرة فائض رؤوس أموال بنوك البلاد. وقدرت مذكرة لمحللي البنك أن كل تراجع بنسبة 10 في المائة في الليرة يؤثر على مستويات رؤوس أموال البنوك بواقع 50 نقطة أساس في المتوسط.
ووفقا لحسابات هؤلاء المحللين، فإن تراجع العملة 12 في المائة منذ يونيو (حزيران) الماضي قد جعل مستويات رأسمال بنك «يابي كريدي» هي الأضعف بين جميع البنوك التركية الرئيسة، فضلا عن محو المزايا الباقية لإصدار حقوق أجراه البنك في الفترة الأخيرة. ويبدو كل من «جارانتي بنك» «وآك بنك» أفضل حالا مقارنة بنظرائهما حسبما ذكر المحللون.
وأشار محللو غولدمان ساكس إلى أن «التراجع التدريجي لليرة قد يزيد بواعث القلق إزاء رؤوس أموال البنوك، لا سيما البنوك ذات مستويات رؤوس الأموال المنخفضة».
في المقابل، توقع معهد التمويل الدولي، أكبر تجمع للمؤسسات المالية في العالم، دخول رؤوس أموال بقيمة 51.3 مليار دولار إلى تركيا خلال العام الحالي (2018). ونقلت وكالة «الأناضول» التركية الرسمية عن المدير التنفيذي للمعهد، هانغ تران، أن أسعار الفائدة في تركيا عند مستوى كاف لجذب المستثمرين.
وأضاف تران أنهم يعتقدون أنه جرى تدفق رؤوس أموال جيدة إلى البلاد منذ مطلع العام الحالي. لافتا إلى اهتمام المستثمرين بشكل كبير بنسبة الفائدة التي يحددها البنك المركزي في تركيا، وأكد أن بقاء معدلات الفائدة مرتفعة لفترات طويلة يؤثر سلبيا على النمو الاقتصادي.
ويبلغ سعر الفائدة في تركيا حاليا 17.75 في المائة، بينما يبدي الرئيس إردوغان إصرار شديدا على خفضه، معتبرا أنه السبب الرئيسي لارتفاع معدل التضخم، الذي وصل إلى 16 في المائة. ويصف إردوغان نفسه بأنه «عدو لأسعار الفائدة»، وقال في خطاب له غداة انتخابه رئيسا لتركيا لفترة ثانية في 24 يونيو الماضي، إنه سيتعامل مع أسعار الفائدة المرتفعة والتضخم بالإضافة إلى العجز بالمعاملات الجارية.
ولطالما شدد إردوغان على أن تخفيض أسعار الفائدة سيكون أنفع للاقتصاد لأنه سيشجع رجال الأعمال والشركات على الاقتراض، وإنشاء مشروعات جديدة وزيادة الإنتاج والصادرات... لكن كثيرا من المستثمرين الأجانب بالأسواق المالية التركية يعارضون هذا التوجه لأنه يخالف النظريات النقدية التقليدية التي تقول بضرورة زيادة أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم.
ويعتقد محللون أن تقلبات سعر صرف الليرة مؤقت، ولا يعكس حال الاقتصاد التركي الذي تصفه الحكومة بالقوي. ونما الاقتصاد التركي العام الماضي بنسبة 7.4 في المائة ليتجاوز توقعات المؤسسات العالمية التي توقع بعضها نموا بأكثر من 2.7 في المائة فقط.
على صعيد آخر، قالت دراسة أميركية إن الاستثمارات التركية في ممرات الغاز الطبيعي الجديدة في منطقة البحر الأسود، ستجعل من تركيا مركز الثقل المتحكم في إمدادات الغاز إلى أوروبا إلى جانب روسيا، وقد يكون على حساب روسيا التي كانت تاريخيا المورد الرئيسي للغاز الطبيعي لكل من تركيا وأوروبا.
وأشارت الدراسة التي صدرت عن شبكة الأمن القومي التابعة لجامعة تكساس، إلى أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان تنويع إمدادات الغاز إلى منطقة البحر الأسود سيكون نصرا حاسما لتركيا أم مكسبا لأمن الطاقة الأوروبي، لأن ذلك سيعتمد على المستوى الذي تبقى فيه تركيا مستقلة عن النفوذ الروسي، ومدى اتباع تركيا لقواعد السوق.



«موديز» ترفع توقعاتها لنمو الصين في 2025 رغم التحديات التجارية

العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
TT

«موديز» ترفع توقعاتها لنمو الصين في 2025 رغم التحديات التجارية

العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي للصين لعام 2025 إلى 4.2 في المائة من 4 في المائة، حيث توقعت استقرار ظروف الائتمان، وأن تؤدي جهود التحفيز التي بذلتها بكين منذ سبتمبر (أيلول) إلى التخفيف من بعض التأثيرات المحتملة للزيادات في التعريفات الجمركية الأميركية.

في المقابل، أظهرت بيانات وزارة المالية أن الإيرادات المالية للصين في أول 11 شهراً من عام 2024 انخفضت 0.6 في المائة مقارنة بالعام السابق، مما يمثل تحسناً طفيفاً عن الانخفاض بنسبة 1.3 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول). من ناحية أخرى، نما الإنفاق المالي بنسبة 2.8 في المائة في الفترة نفسها، مقارنة بزيادة قدرها 2.7 في المائة في أول 10 أشهر من العام.

نمو صناعي وتراجع استهلاكي

كما شهد الناتج الصناعي في الصين نمواً طفيفاً في نوفمبر (تشرين الثاني)، بينما جاءت مبيعات التجزئة مخيبة للآمال، مما عزز الدعوات إلى زيادة التحفيز الذي يركز على المستهلكين. وتعكس البيانات المتباينة التحديات الكبيرة التي يواجهها قادة الصين في تحقيق تعافٍ اقتصادي مستدام قبل عام 2025 في وقت قد تشهد فيه العلاقات التجارية مع أكبر سوق تصدير للصين تدهوراً، في حين يبقى الاستهلاك المحلي ضعيفاً، بحسب وكالة «أسوشييتد برس».

وأوضح المحللون أن تعهد ترمب بفرض تعريفات تصل إلى 60 في المائة على السلع الصينية قد يدفع بكين إلى تسريع خططها لإعادة التوازن إلى اقتصادها البالغ حجمه 19 تريليون دولار، وهو ما يعكس أكثر من عقدين من النقاشات حول التحول من النمو المدفوع بالاستثمار في الأصول الثابتة والصادرات إلى نموذج اقتصادي يعتمد بشكل أكبر على الاستهلاك.

وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء أن الناتج الصناعي نما بنسبة 5.4 في المائة في نوفمبر مقارنة بالعام السابق، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى نمو قدره 5.3 في المائة. ومع ذلك، سجلت مبيعات التجزئة، التي تعد مقياساً رئيساً للاستهلاك، أضعف زيادة لها في ثلاثة أشهر بنسبة 3 في المائة، وهو ما جاء أقل من الارتفاع المتوقع بنسبة 4.6 في المائة، وأقل من معدل النمو في أكتوبر البالغ 4.8 في المائة.

وأشار دان وانغ، الخبير الاقتصادي المستقل في شنغهاي، إلى أن السياسات الاقتصادية الصينية كانت تروج بشكل مستمر للمصنعين على حساب المستهلكين، على الرغم من مؤشرات الضعف المستمر. وأضاف أن بكين قد تتجه نحو تعزيز القدرة الإنتاجية، مما قد يفاقم مشكلة فائض الطاقة الإنتاجية، ويحفز الشركات الصينية للبحث عن أسواق جديدة خارجية.

كما شهد الاستثمار في الأصول الثابتة نمواً أبطأ بنسبة 3.3 في المائة في الفترة بين يناير ونوفمبر، مقارنة بتوقعات كانت تشير إلى نمو بنسبة 3.4 في المائة.

وفيما يتعلق بالسياسات المستقبلية، عبر صناع السياسات عن خططهم لعام 2025، مع الأخذ في الاعتبار أن عودة ترمب إلى البيت الأبيض قد تضع ضغوطاً كبيرة على الاقتصاد الصيني. وقال مسؤول في البنك المركزي الصيني إن هناك مجالاً لمزيد من خفض الاحتياطيات النقدية، رغم أن التيسير النقدي السابق لم يحقق تعزيزاً كبيراً في الاقتراض.

من ناحية أخرى، يواصل قطاع العقارات معاناته من أزمة طويلة الأمد تؤثر على ثقة المستهلكين، حيث تُعد 70 في المائة من مدخرات الأسر الصينية مجمدة في هذا القطاع. وفي الوقت نفسه، لا يزال من المبكر الحديث عن تعافٍ حقيقي في أسعار المساكن، رغم وجود بعض الإشارات المشجعة مثل تباطؤ انخفاض أسعار المساكن الجديدة في نوفمبر.

وفي إطار هذه التطورات، أفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن الصين ستعزز من النمو المستدام في دخل الأسر خلال عام 2025 من خلال تكثيف الدعم المالي المباشر للمستهلكين، وتعزيز الضمان الاجتماعي. وقد حددت الصين توسيع الطلب المحلي بصفته أولوية رئيسة لتحفيز النمو في العام المقبل، في ظل استمرار التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع العقارات المتضرر من الأزمة، والتي تعرقل الانتعاش الكامل.

ونقلت الوكالة عن مسؤول في اللجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية قوله إن الصين ستزيد بشكل كبير من الأموال المخصصة للسندات الخاصة طويلة الأجل في العام المقبل، لدعم الترقيات الصناعية، وتعزيز نظام مقايضة السلع الاستهلاكية، بهدف تحفيز الاستهلاك. وأوضحت أن هذه الخطوات ستتركز على تعزيز دخل الأسر من خلال زيادة الإنفاق الحكومي على الاستهلاك، وتحسين الضمان الاجتماعي، وخلق مزيد من فرص العمل، وتطوير آليات نمو الأجور، بالإضافة إلى رفع معاشات التقاعد للمتقاعدين، ودعم التأمين الطبي، وتنفيذ سياسات تهدف إلى تشجيع الإنجاب.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لوكالة «شينخوا»: «من خلال متابعة الوضع الاقتصادي الحالي، نتوقع أن يكون النمو الاقتصادي السنوي نحو 5 في المائة». كما توقع المسؤول أن تشهد سوق الإسكان مزيداً من الاستقرار، ودعا إلى اتخاذ تدابير سياسية ذات تأثير مباشر على استقرار القطاع العقاري في أقرب وقت، مع منح الحكومات المحلية مزيداً من الاستقلالية في شراء المخزون السكني.

من جانبه، أعرب جوليان إيفانز بريتشارد، رئيس قسم الاقتصاد الصيني في «كابيتال إيكونوميكس»، عن اعتقاده بأن التحفيز الاقتصادي في نوفمبر من المرجح أن يكون مؤقتاً، مع احتمالية تعافي النمو في الأشهر المقبلة بفضل الدعم السياسي الزائد. ولكنه أشار إلى أن هذا التحفيز لن يحقق أكثر من تحسن قصير الأمد، خاصة أن القوة الحالية للطلب على الصادرات من غير المرجح أن تستمر بمجرد أن يبدأ ترمب في تنفيذ تهديداته بشأن التعريفات الجمركية.

تراجع الأسواق الصينية

وفي الأسواق المالية، انخفضت الأسهم الصينية بعد أن أظهرت البيانات ضعفاً غير متوقع في إنفاق المستهلكين، في حين راهن المستثمرون على مزيد من الدعم السياسي لتحفيز النمو الضعيف. وفي فترة استراحة منتصف النهار، تراجع مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية الصينية بنسبة 0.37 في المائة، ليضيف إلى التراجع الذي شهده الأسبوع الماضي بنسبة 1 في المائة.

في المقابل، سجل مؤشر «شنغهاي المركب» ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.1 في المائة ليصل إلى 3395.11 نقطة. وانخفض قطاع السلع الاستهلاكية الأساسية بنسبة 1.04 في المائة، في حين خسر مؤشر العقارات 1.41 في المائة وضعف مؤشر الرعاية الصحية الفرعي بنسبة 0.94 في المائة. كما تراجع مؤشر «هانغ سنغ» في هونغ كونغ بنسبة 0.57 في المائة ليغلق عند 19856.91 نقطة.

وعلى الصعيد الإقليمي، تراجع مؤشر «إم إس سي آي» للأسواق الآسيوية باستثناء اليابان بنسبة 0.20 في المائة، بينما انخفض مؤشر «نيكي» الياباني بنسبة 0.18 في المائة. أما اليوان، فقد تم تسعيره عند 7.2798 مقابل الدولار الأميركي، بانخفاض بنسبة 0.09 في المائة مقارنة بإغلاقه السابق عند 7.2731.