ثلاثة أمراض في العيون ترصد الإصابة بمرض ألزهايمر

أدوية الاكتئاب تقلل جاذبية الإناث للذكور

ثلاثة أمراض في العيون ترصد الإصابة بمرض ألزهايمر
TT

ثلاثة أمراض في العيون ترصد الإصابة بمرض ألزهايمر

ثلاثة أمراض في العيون ترصد الإصابة بمرض ألزهايمر

في بحث علمي جديد، قال علماء في جامعة واشنطن الأميركية إن العين وهي «نافذة العقل البشري» يمكن أن تكون المفتاح للعثور على تشخيص أولي لمرض ألزهايمر المسبب للخرف، وإنهم عثروا على وسيلة لرصد المرض الذي يصعب تشخيصه مبكراً، بواسطة ثلاثة أنواع من الأمراض في العيون.
على صعيد ثان، قال باحثون من جامعة نيويورك، إن عقاقير علاج الاكتئاب تؤدي إلى تقليل جاذبية الإناث للذكور، إذ أظهرت دراستهم على طيور مغردة تناولت إناثها مياها ملوثة ببقايا من تلك الأدوية قلة انجذاب ذكورها نحوها.
ويصعب على الأطباء عادة رصد مرض ألزهايمر وعلاجه، إلا أن علماء من كلية الطب بجامعة واشنطن في سياتل قالوا إن تجاربهم على 3877 شخصا اختيروا عشوائيا، وجدت علاقة ملموسة بين ثلاثة أنواع من أمراض العيون التنكسية وبين مرض ألزهايمر. وأمراض العيون تلك هي: الضمور البقعي، واعتلال الشبكية الناتج عن مرض السكري، والغلوكوما (الماء الأزرق).
وقالت الدكتورة سيسيليا لي الأستاذة المساعدة في طب العيون المشرفة على الدراسة، إن «الاستنتاج الرئيسي لهذه الدراسة هو أنه يجب أن يكون أطباء العيون أكثر اهتماما بمخاطر ظهور الخرف لدى الأشخاص المصابين بأمراض العيون الثلاثة هذه من جهة، وأن يجري أطباء الرعاية الأولية الذين يستقبلون هؤلاء المصابين بأمراض العيون، اختبارات الذاكرة عليهم لتقييم احتمالات الخرف».
وأجريت الدراسة على كبار السن من أعمار 69 سنة فأكثر. وشارك فيها أيضا باحثون من معهد كايزر بيرمننته الطبي في واشنطن ومن كلية التمريض في الجامعة، ونشرت في مجلة «أمراض ألزهايمر والخرف» الصادرة عن جمعية ألزهايمر الأميركية.
وخلال فترة الدراسة التي استغرقت 5 أعوام تم تشخيص 792 حالة من بين المشاركين، بمرض ألزهايمر. وكان المصابون بالضمور البقعي، أو اعتلال الشبكية السكري، أو الغلوكوما، أكثر تعرضا بنسبة تراوحت بين 40 في المائة و50 في المائة لخطر الإصابة بالمرض، مقارنة بالمشاركين الآخرين الذين لم يكونوا مصابين بأي من هذه الأمراض.
وقال الباحثون إن مرض إعتام عدسة العين (المياه البيضاء) لم تكن من بين الأمراض التي يمكن أن تؤدي إلى احتمال الإصابة بمرض ألزهايمر. وعلق باول كراين البروفسور في الطب المشارك في الدراسة على النتائج بأنها تؤكد بقوة على «وجود أشياء متشابكة يمكن للعقل البشري أن يعلمنا بها، عند النظر إلى العين».
وقالت الباحثة لي إن ما يحدث في العين يرتبط بما يحدث في الدماغ، وهو امتداد للجملة العصبية وشبكاتها في الجسم. وأضافت أن الفهم الأعمق لعمليات التنكس العصبي في العين وداخل الدماغ، ربما سيوفر وسائل قوية لتشخيص مرض ألزهايمر.
ويعاني أكثر من 46 مليون شخص حول العالم من الخرف. وكانت دراسة بريطانية سابقة لباحثين من جامعات «يونيفرسيتي كوليدج - لندن» وأكسفورد وإدنبرة، فحصت نحو 30 ألف شخص من أعمار 40 إلى 69 سنة، ونشرت في نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي، قد أشارت إلى وجود علاقة بين تناقص سمك شبكية العين وبين اشتداد تدهور الذاكرة.
من جهة أخرى، قالت كاثرين أرنولد الأستاذة في علوم البيئة في جامعة نيويورك، إن دراسة فريقها على طيور الزرزور أدت إلى ظهور «أولى نتائج من نوعها» تشير إلى أن بقايا أدوية الاكتئاب التي تعرضت لها إناث الطيور أدت إلى الإخلال بعمليات التودد من قبل ذكورها.
وكانت الدراسات الطبية السابقة قد أشارت إلى أن تناول عقاقير الاكتئاب مثل «بروزاك» يؤدي إلى أعراض جانبية منها تناقص الدوافع الجنسية. إلا أن الدراسة الجديدة تشير إلى أن تسرب بقايا وآثار تلك الأدوية إلى مياه الصرف وتناول الطيور البرية لها يؤدي إلى النتيجة نفسها.
وقال الباحثون إن إناث الزرزور التي تعرضت لجرعات قليلة من عقار «فلو أكسيتين» وهو اسم جنيس لعقار «بروزاك»، أصبحت أقل جاذبية لذكورها، إذ قلت أغاني الذكور الموجهة لها، إضافة إلى تعاملها بقسوة مع الإناث.
وقالت الباحثة أرنولد إن فريقها قام بإجراء اختبارات مماثلة لما يحدث في العادة عندما تقوم الطيور بالتقاط الديدان والحشرات من منشآت تنقية مياه الصرف التي تحتوي على آثار من الأدوية التي تتسرب بقاياها من جسم الإنسان. ثم قام الباحثون بوضع الإناث مع الذكور وراقبوا فترات التودد بينها، ولاحظوا انخفاض الدافع الجنسي وقلة التغريد كما أبدت الذكور قسوة تجاه الإناث.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عنها أن «هناك دلائل متزايدة في أنحاء العالم تؤكد على ضرورة مراجعة ما يتخلص منه الإنسان في الطبيعة والبيئة المحيطة، خصوصا مع تسرب بقايا كوكتيل من العقاقير والأدوية إلى المياه».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».