عقوبات أميركية ضد شركة تزود حزب الله بتجهيزات لطائرات «درون»

مؤيدون لحزب الله في بنت جبيل في مايو الماضي (رويترز)
مؤيدون لحزب الله في بنت جبيل في مايو الماضي (رويترز)
TT

عقوبات أميركية ضد شركة تزود حزب الله بتجهيزات لطائرات «درون»

مؤيدون لحزب الله في بنت جبيل في مايو الماضي (رويترز)
مؤيدون لحزب الله في بنت جبيل في مايو الماضي (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، أمس، فرض عقوبات على شركة تجارية لبنانية، معنية ببيع الأجهزة الخلوية والإلكترونيات، قالت إن «حزب الله» يوظفها في دعم نشاطات غير مشروعة، وفي تعزيز قدراته العسكرية التي يستخدمها في سوريا.
واستنادا إلى إعلان وزارة الخزانة الأميركية، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر ساكي فرض واشنطن عقوبات على «حزب الله» استهدفت شركة «ستارز غروب هولدينغ الإلكترونية» المشغلة من قبل الأخوين كامل وعصام محمد امهز، وتتخذ من لبنان مقرا لها، وفروعها في الصين والإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى عدد من المديرين والأفراد الذين يدعمون أعمالها غير الشرعية.
وقال المتحدثة باسم وزارة الخارجية، في بيان أمس، إن «حزب الله» «يعتمد بشكل كبير على شركات وهمية، مثل (ستارز غروب هولدينغ) التي تواصل شراء مواد ذات استخدامات مزدوجة، لمصلحة الحزب لتعزيز قدراته العسكرية». وأشار البيان إلى أن هذه الشركة اشترت في السر أجهزة إلكترونية معقدة وتقنيات أخرى من موردين حول العالم، بينها مجموعة من المحركات وأجهزة الاتصالات، والأجهزة الإلكترونية ومعدات إشارة. وأكدت الوزارة أن هذه المعدات «تدعم مباشرة تطوير (حزب الله) لطائرات من دون طيار يستخدمها في نشاطاته العسكرية المدمرة في سوريا». وأفاد البيان بأنه بفضل هذا الدعم تمكن «حزب الله» من استخدام طائرات من دون طيار في «مهمات عسكرية» في سوريا لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وللقيام بعمليات مراقبة في إسرائيل.
وبموجب هذه العقوبات التي أعلنت أمس، فإن أي أصول أميركية لمجموعة «ستارز غروب» ستجمد، كما سيحظر إجراء أي تعامل معها.
وتعد شركة «ستارز» من أبرز الشركات التجارية المعنية بتجارة الأجهزة الخلوية في لبنان، وأكبر الشركات الإلكترونية العاملة في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث معقل «حزب الله». وبحسب بائعين داخل الضاحية، فإن الشركة هي المورد الأساسي لمعظم المحال التجارية العاملة في قطاع الاتصالات.
واكتسبت محلات أمهز، التي تحولت فيما بعد إلى محلات «ستارز كوميونيكايشن»، شهرة شعبية كبيرة في قطاع بيع الأجهزة الخلوية والإلكترونية، منذ عام 2005، حيث عُرفت باتباعها استراتيجية «البيع الكثير والربح القليل»، إذ يعرف سكان الضاحية، وتجار جبل لبنان والجنوب والبقاع، أن أسعار السلع في متجره هي الأقل في لبنان.
ولم يُعرف أمهز بنشاطه مع «حزب الله» قبل إعلان واشنطن ذلك، سوى أنه يعمل في نطاق مناطق نفوذ «حزب الله». وتوجد محلات «أمهز» أو «ستارز» في قلب الضاحية في منطقة بئر العبد. وتوسعت المحال التجارية التابعة للشركة في المنطقة نفسها على نطاق واسع خلال الأعوام الثلاثة الماضية، بغرض «تلبية احتياجات الزبائن»، كما قال العاملون فيها مرارا.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية إن التصنيف الأخير الذي صدر أمس «يوضح مرة أخرى مدى حضور (حزب الله) وقدرته على الوصول دوليا»، داعية حلفاء واشنطن «لاتخاذ تدابير ضد شبكات (حزب الله) غير المشروعة، التي تغذي أجندته السياسية العنفية، وتعزز قدرته على الانخراط في نشاطات تزعزع استقرار سوريا، وعلى نطاق أوسع في الشرق الأوسط وحول العالم».
ونقل البيان عن ديفيد كوهين، نائب وزير الخزانة المكلف مكافحة تمويل الإرهاب، قوله: «إن شبكة التزويد الواسعة جدا لـ(حزب الله) والمنتشرة في أماكن أبعد من لبنان بكثير، تستفيد من النظام المالي الدولي لتطوير قدراتها العسكرية في سوريا وتعزيز نشاطاتها الإرهابية في العالم».
ولا تعد هذه العقوبات الأولى التي تتخذها واشنطن ضد «حزب الله» على خلفية الأزمة السورية. ففي أغسطس (آب) 2012، أعلنت واشنطن فرض عقوبات على «حزب الله» اللبناني «لتوفيره الدعم لنظام الرئيس السوري بشار الأسد»، إذ يقدم «التدريب، والمشورة، والدعم اللوجيستي الواسع النطاق» لنظام الأسد. وبموجب هذا القرار، مُنع الأميركيون من القيام بأعمال تجارية مع «حزب الله»، كما منع «حزب الله» من وضع أي أصول مالية في الولايات المتحدة.
وفي أغسطس 2013 فرضت واشنطن عقوبات على أربعة من قيادات «حزب الله» اللبناني في إطار «القرار الرئاسي الأميركي رقم 13224 المعني باستهداف الإرهابيين وأعوانهم الذين يدعمون (حزب الله) أو يخدمون مصالح المجموعة الإرهابية، بحسب التصنيف الأميركي»، واتهموا بدعم متمردين في العراق وتقديم دعم مالي لـ«مجموعات» مختلفة في اليمن.
وكانت واشنطن اتهمت مؤسسات مالية لبنانية، أو يديرها لبنانيون، بغسل الأموال لصالح «حزب الله» - بينها شركتا الصيرفة «قاسم رميتي وشركاؤه»، و«شركة حلاوي للصيرفة» - بوصفها مؤسسات مالية أجنبية متورطة بغسل الأموال الناتجة عن الاتجار بالمخدرات وتحويلها إلى «حزب الله» الذي يستخدمها لتمويل نشاطاته اللبنانية والإقليمية والدولية، بما فيها مشاركته العسكرية في الحرب السورية، وذلك في أبريل (نيسان) 2013، وجاءت بعد عامين على تجميد أصول أيمن جمعة، الذي فرضت الوزارة العقوبات عليه في 2011 إضافة إلى شركتي صيرفة هما «حسن عياش للصيرفة»، و«أليسا للصيرفة».
ومع أن الإدارة الأميركية تتهم «حزب الله» بشكل دائم بالإرهاب فإن الاتحاد الأوروبي لم يضعه على لائحة المنظمات الإرهابية، بل أدرج في 22 يوليو (تموز) 2013 جناحه العسكري على لائحة المنظمات الإرهابية، على أساس «دلائل» على تورطه في اعتداء استهدف إسرائيليين في يوليو 2012 في المجر وأوقع سبعة قتلى.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم