احتفى محرك البحث العالمي على شبكة الإنترنت (غوغل) بذكرى العيد «78» لميلاد الفنان السعودي طلال مداح أو قيثارة الشرق، كما أطلق عليه محبوه وتداولها الإعلام العربي. وتفاعل عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، و«فيسبوك» وغيرها مع احتفالية «غوغل» بالفنان السعودي. وشارك عدد من منسوبي الفن والإعلاميين والمشاهير بالإضافة إلى جماهير الفن في تخليد ذكراه بعرض عدد من أغانية من خلال مقاطع صوتية ومقاطع فيديو بالإضافة إلى عرض عدد من الصورة التي توثق شيئاً من مسيرة الراحل. وتوفي طلال في الحادي عشر من أغسطس (آب) لعام 2000 بعد أن أدى آخر حفلاته الفنية على خشبة مسرح المفتاح بمدينة أبها جنوب غربي السعودية.
الفنان السعودي طلال مداح تعدى بفنه من أحياء جدة ومكة الطائف حتى وصل إلى كل الدول العربي فكان بحق علامة لن تتكرر على مستوى الوطن العربي. و«إذا لم يكرم طلال مداح فمن يا ترى يستحق ذلك؟» هذا ما ذكره الفنان السعودي المخضرم علي عبد الكريم في حديثه أمس لـ«الشرق الأوسط». وأضاف على عبد الكريم: «أحدثك الآن كفنان، ولا مجال هناك للمزايدة، الأذن عندما تسمع تطرب للصوت الندي والأداء المتميز، بغض النظر عن المؤدي، وطلال مداح فنان عظيم لن يتكرر على مستوى الوطن العربي وقد تأثرت به جماهير كبيرة من شتى مناطق الوطن العربي، وقد تابعت له بعض الحفلات فترى تفاعلاً غير طبيعي مع فنان غير طبيعي، تحدث عنه الكثير، ويكفينا أن نستشهد بما قاله موسيقار الأجيال الفنان المصري العملاق محمد عبد الوهاب عن طلال مداح».
وللتميز الكبير الذي يتمتع به الفنان السعودي الراحل فقد حظي بعدة ألقاب فنية من نقاد فنانين ومحبين منها «قيثارة الشرق «و«صوت الأرض». وأضاف موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب لقب «زرياب «كوصف للإمكانيات التي يتمتع بها طلال مداح. أما فنان العرب محمد عبده فوجد أن أقل لقب يمكن أن يلقب رفيق دربه هو «أستاذ الجميع» (أطلقه عليه الفنان محمد عبده)، تقديراً للفن العظيم الذي قدمه طلال مداح، وكتب محمد عبده عقب وفاة الراحل مقالاً فنياً نشرته بعض الصحف السعودية يتحدث فيه عن الدور الكبير الذي ساهم به الفنان الراحل في تغيير مسار الأغنية السعودية والإضافة إلى الفن العربي.
ولد طلال مداح في مكة تاريخ 5 أغسطس 1940. وهو من عائلة فنية، إذ إن والده عبد رب الشيخ من المجيدين للعزف على آلتي المدروف والسمسمية، كما أن خاله الذي تولى تربيته من محبي الفن، وهو ما ساهم في أن يعش طلال في أجواء فنية من صغره ساعدته على صقل موهبته في وقت مبكر حتى بات أحد العلامات البارزة في الفن العربي.
ويتذكر الفنان السعودي علي عبد الكريم ما يعرفه عن بدايات رفيقه الفنان الراحل فيقول: «حرصت كفنان وكصديق ومحب لطلال مداح أن أتتبع مسيرته التاريخية والفنية وقد جلسنا كثيراً نتناول ذلك مع الراحل الذي يتبادل مع بقية زملائي الزيارات المنزلية لأداء الجلسات الفنية والحوارات الفنية وكذلك النقاشات عن الجوانب الاجتماعية». ويضيف عبد الكريم: «عرفنا أن الراحل أبو عبد الله كان أبو عبد الله منذ دراسته في إحدى مدارس مدينة الطائف وهو يشارك في الحفلات التي تقيمها المدرسة من خلال الأناشيد التي يلقيها حتى لفت أنظار الجميع». والتقى في تلك الفترة أحد زملائه وهو عبد الرحمن خوندنه الذي كان يملك آلة العود فكانت فرصة طلال لمداعبة العود من الصغر ليصبح أحد المبدعين فيه حتى تمكن من إدخال إضافات دون باسمه في عالم الفن.
ويضيف عبد الكريم لا أحد ينسى الأغنية الرسمية الأولى لطلال وهي «وردك يا زارع الورد» الذي لحنها أبو عبد الله بأسلوب الأغاني «المكبلة» التي تشمل أكثر من لحن، وراجت هذه الأغنية عربيا.
ويوصل علي عبد الكريم حديثه: «وكتأكيد على الثورة الفنية التي أطلقها الفنان الراحل من داخل الوسط الفني السعودي، تمكن من نيل إعجاب عمالقة ملحني الفن العربي وفي مقدمتهم هو موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وكان التعاون قد بدأ بأغنية «ماذا أقول» وكان هنالك عمل آخر هو «منك يا هاجر دائي»، ومع محمد الموجي في أغنيتين وهما «لي طلب» و«ضايع في المحبة» وبليغ حمدي في أغنية «يا قمرنا» وإبراهيم رأفت في أغنيتي «غلاب يا هوى» وجمال سلامة في أغنية «يا حبيب العمر».
وعن أغينات طلال يشدد عبد الكريم على أن الفن العربي سيخلد أغاني كثيرة لطلال منها «مقادير»، و«ترحل»، و«أغراب» الذي قال عنها: «أتذكر اليوم الذي أتى فيه أبو عبد الله لمنزلي لتسجيل بروفة لرائعته أغراب، وكيف كانت الأجواء التي أذهلتنا للأداء الخلاب والمميز، حتى من يستمع الآن لتسجيل تلك الجلسة في موقع (يوتيوب) يدرك مدى العظمة التي يملكها هذا الفنان العملاق». وعن جوانبه كإنسان يقول عبد الكريم: «يعلم الله أن طلال مداح من القلائل الذين لن تجد لهم مثيلاً في الحياة في كل شيء، كريم ورحيم ومحب لغيره وداعم لنا ولكل من يعرفه رحمه الله».
يذكر أن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب أشاد في مناسبات عدة منها تسجيلات على «يوتيوب» منها قوله: «إن من أجمل الأصوات التي استمعت إليها في الوطن العربي هو صوت طلال مداح».
جدة: «الشرق الأوسط»