«وول مارت» امام طريق مسدود في الولايات المتحدة بعد تحقيق في دفع رشى

300 مليون دولار للتسوية

عامل في أحد فروع دول مارت الأميركية (رويترز)
عامل في أحد فروع دول مارت الأميركية (رويترز)
TT

«وول مارت» امام طريق مسدود في الولايات المتحدة بعد تحقيق في دفع رشى

عامل في أحد فروع دول مارت الأميركية (رويترز)
عامل في أحد فروع دول مارت الأميركية (رويترز)

وضعت شركة «وول مارت»، خلال الخريف الماضي، نحو 300 مليون دولار لدفع تسوية محتملة مع الحكومة الأميركية، على خلفية اتهامات برشوة دولية، وهو ما كان يعد مؤشراً على قرب انتهاء تحقيق استمر لسنوات.
مع ذلك، بعد 8 أشهر، وصل الطرفان إلى طريق مسدود، على حد قول 3 أشخاص مطلعين على الأمر. وذكر أحد أولئك الأشخاص أن الأمر لا يتعلق بالمال، مشيراً إلى أن من أسباب التوتر إصرار ممثل الادعاء العام على اعتراف «وول مارت»، أكبر شركة بيع بالتجزئة في العالم، بسوء تصرفها ضمن الاتفاق الذي يتم التوصل إليه.
يعرقل هذا التجمد إغلاق واحد من أكبر التحقيقات في الفساد الأجنبي مع شركة أميركية في التاريخ، وهي قضية تسلّط الضوء على قانون ممارسات الفساد الأجنبي الغامض. وقد ظلت السلطات الأميركية تحقق لمدة 6 سنوات في ما إذا كانت شركة «وول مارت» قد قدمت رشى إلى مسؤولين حكوميين في بلاد من بينها المكسيك والهند والصين طوال 10 سنوات من أجل إتمام إجراءات فتح متاجر لها سريعاً.
- مقاومة وول مارت
لا تمثل مقاومة «وول مارت» الواضحة للاعتراف بالخطأ العقبة الوحيدة في طريق التوصل إلى اتفاق، فهناك عائق آخر من جانب هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، حيث لم يتفق الطرفان بعد على تبادل وثائق مهمة لإتمام الصفقة، على حد قول شخص آخر، أشار أيضاً إلى أن سبب هذا التأخير غير واضح.
ما يزيد الأمور تعقيداً تغير عاملين في جهات التحقيق خلال الـ18 شهراً الأولى من إدارة ترمب، مما اضطر ممثل الادعاء العام بوزارة العدل إلى الإشراف على القضية، كوضع مؤقت معلّق. وكان القسم المسؤول عن إجراء التحقيق في وزارة العدل حتى وقت قريب بلا مشرف مصدّق عليه من مجلس الشيوخ يستطيع المساعدة في علاج أي مأزق أو تأزم في الموقف.
- الشركة تستعين بمسؤولة في وزارة العدل الأميركية
في الوقت ذاته، استعانت شركة «وول مارت» براتشيل براند، المسؤولة الثالثة في وزارة العدل، لتكون نائب رئيس تنفيذي، نظراً لكون براند محامية مساعدة لم تنخرط في التحقيق الخاص بـ«وول مارت»، ولم تشرف على القسم المسؤول عن إعداد القضية. وذكرت شركة «وول مارت» أن براند كانت ملتزمة بالقوانين الفيدرالية في ما يتعلق بالتواصل مع وزارة العدل.
كذلك ذكرت شركة «وول مارت»، في تصريح كتابي: «نواصل المناقشات مع الهيئات الحكومية، حيث نعمل على التوصل إلى حل»، ورفضت وزارة العدل وهيئة الأوراق المالية والبورصات التعليق.
وتقدم لنا معركة أخيرة خاصة بهيئة محلفين كبرى في ولاية فيرجينيا لمحة عن الضغط الذي حاولت الحكومة ممارسته على شركة «وول مارت». لم يتم ذكر اسم الشركة في الإجراءات، وهو أمر شائع ومعتاد في العمليات الخاصة بهيئة المحلفين الكبرى، لكن أكد شخصان مطلعان على الأمر أن الشركة المعنية هي «وول مارت».
على الجانب الآخر، أصدر ممثلو ادعاء عام مذكرة إحضار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 لإجبار مستشار عام سابق لشركة تابعة لـ«وول مارت» على الإدلاء بشهادته أمام هيئة المحلفين الكبرى. وكان قد تم التحقيق مع ذلك المستشار العام السابق قبل 4 أعوام. مع ذلك، بعد اعتراض «وول مارت»، اتخذت محكمة استئناف فيدرالية في يونيو (حزيران) جانب الشركة ودعمتها، وحكمت بأن إجبار المحامي على الشهادة ضد الشركة التي كان يعمل بها في السابق يعد مخالفة للعقد السابق المبرم بين الطرفين. وقد يجعل ذلك الحكم من الصعب على وزارة العدل في المستقبل ملاحقة قضايا احتيال وفساد أخرى انخرطت فيها الشركة، يتم فيها استخدام تلك العقود لجمع الأدلة، بحسب ممثلي ادعاء عام فيدراليين سابقين راجعوا حكم 27 يونيو.
ورغم ذلك، قد يساعد الحكم والاستعانة أخيراً ببراين بنكسكاوسكي، الذي تم التصديق في يوليو (تموز) على رئاسته للقسم الجنائي في وزارة العدل، المسؤول عن قضايا الفساد الأجنبي، في الدفع بالتحقيقات قدماً. وكانت شركة «وول مارت» قد أفصحت لوزارة العدل وهيئة الأوراق المالية والبورصات عن مخالفات محتملة قامت بها في المكسيك في نوفمبر 2011. ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» خلال العام التالي تفاصيل اتهام شركة البيع بالتجزئة بدفع 24 مليون دولار إلى مسؤولين مكسيكيين مقابل تغيير سريع في التقسيم، وتجنب الحصول على تراخيص وتصاريح بيئية، وتعديل الموقف المعارض لفتح متاجر، وتحويل «وول مارت» إلى أكبر شركة قطاع خاص في ذلك البلد.
- تحديات القضية
وضعت قضية «وول مارت» تحديات أمام المحققين، حيث لا يمكن استخدام أكثر الممارسات التي تم الكشف عنها في المكسيك، على سبيل المثال، كدليل لأنها قديمة، وذلك بحسب أشخاص مطلّعين على الأمر. لذا سعت الحكومة إلى البحث عن قضايا أقوى في دول أخرى، حيث وجد محققون في البرازيل والهند نماذج أحدث زمنياً لما يعتقدون أنها مدفوعات غير لائقة ومشبوهة، لكنهم عانوا من أجل الوصول إلى نماذج وحالات تتضمن سوء سلوك في الصين، على حد قول أولئك الأشخاص.
أنفقت شركة «وول مارت» نحو 900 مليون دولار كرسوم قانونية، إلى جانب تكاليف أخرى تتعلق بالتحقيق، تشمل إجراء إصلاح شامل عالمي لأنظمة الالتزام الداخلية، على حد قول الشركة.
وخلال الأيام الأخيرة من فترة حكم إدارة أوباما، ومع وصف الرئيس المقبل آنذاك ترمب لقانون الفساد الأجنبي بالقانون الفظيع خلال حملته الانتخابية، رفضت شركة «وول مارت» مطالبات بدفع أكثر من 600 مليون دولار كغرامة، مما دفع ممثلي الادعاء العام إلى مواصلة جمع المزيد من الأدلة من شهود، بحسب ما صرح به أشخاص مطلعون على الأمر لوكالة «بلومبيرغ» في أكتوبر (تشرين الأول) 2016.
وقد توصّل الجانبان منذ عام مضى إلى الخطوط العامة لاتفاق تدفع بموجبه شركة «وول مارت» نحو 300 مليون دولار، وتبرم اتفاق مع وزارة العدل يعفيها من المقاضاة، بحسب أشخاص مطلعين على القضية. وطبقاً لشروط ذلك الاتفاق، على شركة تابعة واحدة على الأقل الاعتراف بالتهمة الجنائية، على أن يشرف مراقب مستقل على مدى التزام الشركة بالتسوية، كما أوضح أولئك الأشخاص. ومع ذلك، ورغم التوصل إلى ذلك الاتفاق المبدئي، كان الطرفان يتنازعان سراً في المحكمة حول حجم الأدلة التي يمكن للولايات المتحدة استخدامها ضد الشركة.
قبل ذلك بسنوات، سعى ممثلو ادعاء عام إلى الحصول على وثائق ومقابلات من 18 موظفاً حالياً وسابقاً في شركة «وول مارت»، من بينهم المستشار العام السابق لإحدى الشركات التابعة لـ«وول مارت»، بحسب سجلات المحكمة المقدمة إلى محكمة فيرجينيا الفيدرالية. ورداً على ممثلي الادعاء العام، وافقت «وول مارت» على المقابلات وتبادل الوثائق، طالما أنه لن يكون في الإمكان استخدام ما تطلق عليه المعلومات المحمية ضد الشركة في قضية الفساد، بحسب أوراق المحكمة التي قدمتها الشركة. وسعت الشركة من خلال السماح بتلك المقابلات لخفض قيمة الغرامة المالية المدفوعة إلى الحكومة الأميركية، بحسب أوراق المحكمة المقدمة من جانب وزارة العدل.
عندما سعت وزارة العدل إلى الحصول على معلومات من تلك المقابلات في هيئة المحلفين الكبرى، من خلال إصدار مذكرة إحضار للمستشار العام السابق للشركة، احتجت «وول مارت». وقد وصف ممثلو الادعاء العام في أوراق المحكمة خطوة «وول مارت» باتجاه حجب الشهادة عن هيئة المحلفين الكبرى بـ«الوقحة» وبأنها «حيلة» لعرقلة وتقويض قضية الحكومة.
- خدمة «بلومبيرغ»


مقالات ذات صلة

«وول ستريت» تتراجع مع انخفاض أسهم التكنولوجيا وسط بيانات اقتصادية متفائلة

الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

«وول ستريت» تتراجع مع انخفاض أسهم التكنولوجيا وسط بيانات اقتصادية متفائلة

تراجعت مؤشرات «وول ستريت» الرئيسة الثلاثاء متأثرة بانخفاض أسهم التكنولوجيا وذلك بعد صدور مجموعة من البيانات الاقتصادية المتفائلة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد مطعم «تشيبوتلي» يعلن حاجته لتوظيف في كمبردج بماساتشوستس (رويترز)

فرص العمل في الولايات المتحدة ترتفع بشكل غير متوقع خلال نوفمبر

ارتفعت فرص العمل في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يعكس أن الشركات لا تزال تبحث عن عمال رغم تباطؤ سوق العمل بشكل عام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى الكابيتول يظهر أثناء سير امرأة عبر عاصفة شتوية في العاصمة الأميركية (أ.ف.ب)

مؤشر مديري المشتريات بأميركا يسجل أعلى مستوى في 33 شهراً نهاية 2024

اختتم الاقتصاد الأميركي عام 2024 على نحو قوي، حيث بلغ مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات 56.8 في ديسمبر (كانون الأول)، مرتفعاً من 56.1 في نوفمبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس المنتخب دونالد ترمب يتحدث في فعالية نهاية العام الماضي (أرشيفية - أب)

ترمب: لا صحة حول حصول تغييرات في خطط التعريفات الجمركية

نفى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يوم الاثنين تقريراً صحافياً ذكر أنّ مساعديه يدرسون خططاً لفرض رسوم جمركية لن تشمل سوى الواردات الأساسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

ارتفاع العقود الآجلة للأسواق الأميركية بقيادة قطاع التكنولوجيا

ارتفعت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية يوم الاثنين، مستفيدة من ارتفاع متأخر الأسبوع الماضي، حيث اشترى المستثمرون أسهم التكنولوجيا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

فرص العمل في الولايات المتحدة ترتفع بشكل غير متوقع خلال نوفمبر

مطعم «تشيبوتلي» يعلن حاجته لتوظيف في كمبردج بماساتشوستس (رويترز)
مطعم «تشيبوتلي» يعلن حاجته لتوظيف في كمبردج بماساتشوستس (رويترز)
TT

فرص العمل في الولايات المتحدة ترتفع بشكل غير متوقع خلال نوفمبر

مطعم «تشيبوتلي» يعلن حاجته لتوظيف في كمبردج بماساتشوستس (رويترز)
مطعم «تشيبوتلي» يعلن حاجته لتوظيف في كمبردج بماساتشوستس (رويترز)

ارتفعت فرص العمل في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يعكس أن الشركات لا تزال تبحث عن عمال رغم تباطؤ سوق العمل بشكل عام.

ووفقاً لوزارة العمل، سجَّلت فرص العمل 8.1 مليون في نوفمبر، مقارنة بـ7.8 مليون في أكتوبر (تشرين الأول)، على الرغم من أنها انخفضت عن 8.9 مليون في العام الماضي وذروة 12.2 مليون في مارس (آذار) 2022، في مرحلة تعافي الاقتصاد بعد جائحة «كوفيد - 19».

ومع ذلك، تظل هذه الأرقام أعلى من مستويات ما قبل الوباء. وكان الاقتصاديون قد توقَّعوا انخفاضاً طفيفاً في فرص العمل في نوفمبر، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

كما ارتفعت عمليات التسريح قليلاً في نوفمبر، بينما تراجع عدد الأشخاص الذين تركوا وظائفهم، مما يشير إلى انخفاض ثقة الأميركيين في قدرتهم على العثور على وظائف أفضل في أماكن أخرى. وقد تباطأت سوق العمل الأميركية من ذروة التوظيف في الفترة 2021 - 2023، حيث أضاف أصحاب العمل 180 ألف وظيفة شهرياً في عام 2024 حتى نوفمبر، وهو معدل أقل من 251 ألف وظيفة في 2023، و377 ألف وظيفة في 2022، و604 آلاف وظيفة قياسية في 2021.

ومن المتوقع أن تظهر بيانات التوظيف لشهر ديسمبر (كانون الأول)، التي ستصدرها وزارة العمل يوم الجمعة، أن الشركات والوكالات الحكومية والمنظمات غير الربحية أضافت نحو 157 ألف وظيفة الشهر الماضي، مع بقاء معدل البطالة عند 4.2 في المائة. ورغم التقلبات التي شهدتها الأرقام خلال الخريف، مثل تأثير الأعاصير والإضراب في شركة «بوينغ» في أكتوبر، فإن البيانات تشير إلى انتعاش في نوفمبر مع إضافة 227 ألف وظيفة بعد انتهاء الإضراب.

ويراقب بنك الاحتياطي الفيدرالي سوق العمل من كثب بحثاً عن إشارات حول اتجاه التضخم، حيث قد يؤدي التوظيف السريع إلى زيادة الأجور والأسعار، بينما قد يشير الضعف إلى حاجة الاقتصاد إلى مزيد من الدعم من خلال خفض أسعار الفائدة.

وفي مواجهة التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته في 4 عقود في وقت سابق، رفع «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي 11 مرة في عامي 2022 و2023. وبفضل انخفاض التضخم من 9.1 في المائة في منتصف 2022 إلى 2.7 في المائة في نوفمبر، بدأ البنك المركزي في تخفيض أسعار الفائدة.

ومع ذلك، توقفت وتيرة التقدم في السيطرة على التضخم في الأشهر الأخيرة، حيث ظلت زيادات الأسعار السنوية أعلى من هدف البنك البالغ 2 في المائة. وفي اجتماعه في ديسمبر، خفَّض «الفيدرالي» سعر الفائدة للمرة الثالثة في 2024، مع توقعات بتخفيضين إضافيَّين في 2025، وهو ما يقل عن الـ4 تخفيضات التي كانت متوقعة في سبتمبر (أيلول).