أورتيغا يرفض مراقبة مستقلة للاضطرابات في نيكاراغوا

تظاهر طلاب من عدة جامعات في نيكاراغوا ضد حكومة الرئيس أورتيغا أول من أمس يطالبونه بالتنحي (أ.ف.ب)
تظاهر طلاب من عدة جامعات في نيكاراغوا ضد حكومة الرئيس أورتيغا أول من أمس يطالبونه بالتنحي (أ.ف.ب)
TT

أورتيغا يرفض مراقبة مستقلة للاضطرابات في نيكاراغوا

تظاهر طلاب من عدة جامعات في نيكاراغوا ضد حكومة الرئيس أورتيغا أول من أمس يطالبونه بالتنحي (أ.ف.ب)
تظاهر طلاب من عدة جامعات في نيكاراغوا ضد حكومة الرئيس أورتيغا أول من أمس يطالبونه بالتنحي (أ.ف.ب)

طالبت منظمة الدول الأميركية حكومة رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا إلى وضع حد للعنف والشروع بشكل نهائي في «جميع أشكال الحوار» التي تمهد الطريق إلى السلام واحترام حقوق الإنسان، الأمر الذي اعتبرته ماناغوا تدخلا في شؤونها الداخلية. وقررت المنظمة تشكيل مجموعة عمل لمراقبة الوضع في نيكاراغوا، حيث خلف العنف السياسي خلال ثلاثة أشهر ونصف الشهر مئات القتلى. إذ تعاني الدولة الواقعة في أميركا الوسطى من حالة من الاضطراب منذ 18 أبريل (نيسان) الماضي، بعد اندلاع احتجاجات ضد إصلاحات ضريبية مثيرة للجدل تخص صناديق التقاعد والتضامن الاجتماعي، ورغم تراجع الحكومة عن خططها الضريبية إلا أن الاحتجاجات تحولت بعد ذلك إلى مطالبات بإجراء انتخابات مبكرة من أجل الخروج من الأزمة.
واتخذت المنظمة الأميركية القرار بأغلبية 20 صوتاً مقابل رفض أربعة أصوات وامتناع ثمانية عن التصويت خلال جلسة خاصة للمجلس الدائم للمنظمة، والذي تم استدعاؤه رغم معارضة حكومة نيكاراغوا. وقال هيرنان ساليناس، ممثل تشيلي، كما اقتبست عنه الوكالة الألمانية خلال جلسة بثها تلفزيون نيكاراغوا: «لقد وافقنا على آلية تسمح بالبحث عن طرق للسلام في نيكاراغوا». لكن وزير خارجية نيكاراغوا دينيس مونكادا قال إن بلاده «لن تستقبل على أراضيها أي لجنة أو مجموعة عمل» تابعة للمنظمة. وكان ممثلو نيكاراغوا وحليفتيها بوليفيا وفنزويلا قد حاولوا إلغاء الجلسة وتأجيل التصويت.
واتهم مونكادا منظمة الدول الأميركية بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلاده. ونفى ممثل كولومبيا أندريس جونزاليس دياز اتهامات التدخل وقال إن الهدف هو «ضمان حقوق الإنسان والوصول إلى العدالة». وكانت قد أصدرت المنظمة في وقت سابق قراراً تطالب فيه أورتيغا بإجراء انتخابات مبكرة، وهو طلب قابله الرئيس بالرفض.
وقالت لجنة حقوق الإنسان التابعة للمنظمة المعنية يوم الخميس، إن أعمال العنف السياسي في نيكاراغوا أودت بحياة 317 شخصا حتى الآن. ومن بين الضحايا 21 ضابط شرطة و23 طفلا، وذلك وفقا لتقرير اللجنة. واعترف أورتيغا بوقوع 195 حالة وفاة، وقالت لجنة تقصي حقائق برلمانية إن حصيلة القتلى 265 في حين أكدت جمعية نيكاراغوا لحماية حقوق الإنسان أن عدد القتلى هو 448 قتيلا. وأبلغت لجنة الدول الأميركية لحقوق الإنسان عن «ازدياد القمع» ضد المحتجين، وقالت إن لديها «معلومات مثيرة للقلق» حول «الاضطهاد والتجريم القضائيين» للمعارضين للحكومة. وأصدرت اللجنة الحقوقية تقريرها بينما كان المجلس الدائم لمنظمة الدول الأميركية يستعد لمناقشة إمكانية إنشاء لجنة لمراقبة الأزمة في نيكاراغوا.
وذكرت تقارير محلية يوم الأحد أن السلطات فصلت المزيد من الأطباء بسبب رعايتهم لمتظاهرين مصابين خلال الاحتجاجات الأخيرة. وأقالت وزارة الصحة نحو 40 طبيبا وممرضة في مستشفى في جينوتيبي بجنوب نيكاراغوا لأسباب سياسية ورفضت منحهم راتب شهر يوليو (تموز)، وفقا لما ذكرته صحيفة «لا برنسا». وكانت هناك تقارير عن عمليات فصل مماثلة في جنوب البلاد.
وقالت طبيبة أطفال لصحيفة «كونفيتشي» الإلكترونية على الإنترنت إنها لا تستبعد إمكانية فصلها لأسباب سياسية بعد أن أصدرت بياناً متعاطفاً مع أولئك الذين يحتجون ضد الرئيس أورتيغا. وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، كانت هناك تقارير تفيد بأن وزارة الصحة أقالت نحو 20 طبيباً من مستشفى أوسكار دانيلو روزاليس العام في مدينة ليون بغربي البلاد.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.