وائل كفوري يحوّل «ست الدنيا» إلى مدينة حب في «أعياد بيروت»

مازح جمهوره مؤدياً للحظات «كيكي دو يو لاف مي»

وائل كفوري على مسرح «أعياد بيروت»
وائل كفوري على مسرح «أعياد بيروت»
TT

وائل كفوري يحوّل «ست الدنيا» إلى مدينة حب في «أعياد بيروت»

وائل كفوري على مسرح «أعياد بيروت»
وائل كفوري على مسرح «أعياد بيروت»

حكاية حب طويلة رواها وائل كفوري بأغانيه الرومانسية على مدى 90 دقيقة مفتتحاً مهرجانات «أعياد بيروت» للعام الحالي وسط العاصمة. فالزحف البشري الذي وافاه إلى موقع الحفل وتجاوز عدده الآلاف عاش في غيبوبة طوعية نقلته إلى عالم العشق. غنى الجمهور ورقص وصفق وردد الآهات منطرباً لصوت كفوري المتلهف لسماعه في هذا الموعد من كل سنة.
وما أن أطل وائل كفوري على خشبة المسرح المتلألئة بمشهدية بصرية متحركة لتصاميم غرافيكية واكبت كل لوحة فنية قدمها، حتى هاج وماج الحضور وكأن هزة أرضية تعرض إليها. فلم يقاومها، بل انجرف معها مع أول أغنية قدمها في المهرجانات المذكورة «بالعز معمرها» مهدياً إياها للجيش اللبناني في مناسبة عيده الـ73.
ولم تكن هذه الأغنية الوحيدة التي أداها وائل كفوري للراحل وديع الصافي ضمن برنامجه الغنائي فأردفها بأخرى معروفة له «بتحبني وشهقت بالبكي» ليصدح صوته فيها مستخدماً طبقاته من «قرار» و«التو» في أداء غنائي رفيع المستوى لا يغيب عن حفلاته.
وكأن الميكروفون تحول بين يدي كفوري إلى عصا سحرية نثرت ذبذبات صوتية على موجات حنجرته فروت حكايات متواصلة عن الحب بكل أشكاله وألوانه. فحضر معها «الغرام المستحيل» و«لو حبنا غلطة» و«يا هوا روح وقله» ليحيك بقفلاتها مسلسلاً رومانسياً حبك حلقاته بنصوص أغانٍ تتابعت أحداثها بفعل التنقل بين موضوعاتها المترابطة مع «هلق تا فقتي» و«صرنا صلح» و«يا ضلي يا روحي» و«كذابين» و«وقت اللي بنساكي» و«بحبك أنا كتير»، متخذاً استراحات قصيرة بين الواحدة والأخرى ليرتشف الماء أو ليمسح عرقه المتصبب على وجهه بفعل حرارة الطقس ونسبة الرطوبة المرتفعتين اللتين سادتا وسط العاصمة.
توجه وائل كفوري إلى جمهوره ممازحاً إياه أكثر من مرة وليعلق على تفاعله معه بأغنية «الغرام المستحيل» قائلاً «يبدو أن جميعكم واقعون بالمستحيل»، أو ليبادرهم بعبارة «ما بدكن تناموا» إثر وقوفه متمايلاً مع أغانيه، متزوداً بطاقة العشاق لمدة طويلة دون تعب. وعندما كان يقلب بصفحات كتاب برنامجه الغنائي فاجأ الحضور بارتجاله مقطعاً قصيراً من أغنية الموسم «كيكي دو يو لاف مي» للمغني العالمي درايك، دون أي مرافقة موسيقية وليعلق «هاي كانت بعد ناقصتني كيكي».
ردد عشاق وائل كفوري أغانيه طيلة السهرة ليشكل بدوره ضيف الحفلة، فكان يبادر إلى الهتاف بكلماتها مع مطلع موسيقاها التي حفظها عن ظهر قلب، تاركاً لمطربه المفضل اختيار التوقيت المناسب ليلونها بصوته، ومفسحاً للحضور أكثر من مرة فرصة غنائها لتعكس عليه آثار الانتشاء بنجاحاته المتواصلة. لم يتوان كفوري - كعادته - عن توجيه الثناء لأدائه واصفاً نفسه بـ«المذوق» مرات وبـ«صوت غير شكل» مرات أخرى وبـ«حلو التغيير» إثر أدائه موالاً غنائياً يليق بقدرات صوته.
وباسم المحبة التي يكنّها له جمهوره قدّمت له إحدى المعجبات باقة ورد هامسة بأذنه بأنها هدية يوم زفافها الذي احتفلت به في هذا اليوم فرد عليها «الله يخليك لزوجك». كما قدمت له بطاقات تحمل عدداً من صوره الفوتوغرافية كتب عليها عبارة «أحبك» فالتقط صورة تذكارية وهو يتأبطها عربون وفاء لمعجبيه.
ترجم جمهور «أعياد بيروت» حكايات أغاني وائل كفوري بالصوت والصورة، فكان بعضهم يمسك بيد حبيبه تأثراً بكلماتها، أو يلتقط «سيلفي» مع خلفية تجمعهما بوصلات المطرب الغنائية مباشرة بهدف الاحتفاظ بذكرى لا يمكن نسيانها من هذا الحفل. أما حماس البعض لغنائه فدفعه للصراخ عالياً «وائل منحبك»، مستفيداً من كل لحظة صمت كانت تفصل بين أدائه أغنية وأخرى وليرد عليهم بدوره «وأنا أيضاً أحبكم».
وجاءت أغنية «برد ورعد وريح» من بداياته لتشكل قفشة الحفلة ووصلها بـ«امي نامت عابكير» لفيروز، مبتكراً لوحة فنية حماسية على طريقته.
وفي القسم الأخير من حفلته، نقل وائل كفوري محبيه إلى فضاء النجوم والقمر مؤدياً «ما وعدتك بنجوم الليل»، وليكون مسك الختام مع أغنيته الحديثة العهد «أنا أخدت القرار»، مستهلها بكلمات مطلعها للشاعر منير بوعساف «صرت معوّد عالفرقة ما بترجى حداً يضل ولا بحترق عا ملقى ولا بتعذب لما يفل». وليتهافت الناس أمام المسرح مع نوتات موسيقاها لملحم أبو شديد، متجاوزين الحواجز الحديدية والبشرية (رجال الأمن) التي وضعتهم على مسافة منه طيلة وقت الحفل.
وتسببت مغادرة جمهور وائل كفوري حفل «أعياد بيروت» بزحمة سير خانقة وسط العاصمة؛ إذ حوصر البعض لدقائق طويلة داخل مواقف السيارات المحيطة بمكان الحفل قبل أن يتسنى لهم الخروج منها. واستكملت مهرجانات «أعياد بيروت» برنامج حفلاتها لهذا الأسبوع مع نانسي عجرم، أمس، ومع ناصيف زيتون في غداً (5 أغسطس (آب)، ومع الموسيقي ميشال فاضل بمشاركة الفريق الغنائي العالمي «جيبسي كينغ» في 7 منه لتختتم نسختها الثامنة هذه مع إليسا مساء 10 أغسطس من الأسبوع المقبل.


مقالات ذات صلة

مهرجان الصقور: «لورد» غادة الحرقان يكسب شوط الصقارات

رياضة سعودية إقامة شوط للسيدات يأتي في إطار توسيع المشاركة بهذا الموروث العريق (واس)

مهرجان الصقور: «لورد» غادة الحرقان يكسب شوط الصقارات

شهد مهرجان الملك عبد العزيز للصقور 2024؛ الذي ينظمه نادي الصقور السعودي، الجمعة، بمقر النادي بمَلهم (شمال مدينة الرياض)، جوائز تتجاوز قيمتها 36 مليون ريال.

«الشرق الأوسط» (ملهم (الرياض))
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق جوي تتسلّم جائزة «أفضل ممثلة» في مهرجان «بيروت للأفلام القصيرة» (جوي فرام)

جوي فرام لـ«الشرق الأوسط»: أتطلّع لمستقبل سينمائي يرضي طموحي

تؤكد جوي فرام أن مُشاهِد الفيلم القصير يخرج منه وقد حفظ أحداثه وفكرته، كما أنه يتعلّق بسرعة بأبطاله، فيشعر في هذا اللقاء القصير معهم بأنه يعرفهم من قبل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق طاقم فيلم «سكر» على السجادة الحمراء (البحر الأحمر السينمائي)

«سكر»... فيلم للأطفال ينثر البهجة في «البحر الأحمر السينمائي»

استعراضات مبهجة وأغنيات وموسيقى حالمة، وديكورات تُعيد مشاهديها إلى أزمان متباينة، حملها الجزء الثاني من الفيلم الغنائي «سكر».

انتصار دردير (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».