فرنسا تصر على إجراء الانتخابات الليبية في موعدها

كوريا الجنوبية ترسل بارجة بعد تعرض أحد رعاياها للخطف في ليبيا

TT

فرنسا تصر على إجراء الانتخابات الليبية في موعدها

صعّدت فرنسا من صراعها، أمس، مع إيطاليا في ليبيا، إذ قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، إن بلاده تريد إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في ليبيا بنهاية العام الجاري، على الرغم من إصرار إيطاليا على تحقيق المصالحة أولاً قبل إجراء الانتخابات. وفي غضون ذلك أعلنت كوريا الجنوبية إرسال بارجة حربية، كاشفةً عن اتصالات تجريها مع الفلبين والولايات المتحدة الأميركية لتحرير أحد مواطنيها، تعرض للاختطاف من طرف بعض المسلحين مطلع الشهر الماضي.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، الذي زار ليبيا الأسبوع الماضي في تصريحات لموقع «فرانس إنفو» أنه «لا يوجد اليوم كيان تمثيلي للشعب الليبي حقاً يضمن استقرار هذا البلد، وهذا هو السبب في أننا نريد إجراء انتخابات في نهاية العام». موضحاً أن «هذه هي الطريقة لمكافحة الإرهاب، ومن ثم ضمان تنظيم تدفقات الهجرة»، كما شدد على أنه «من دون استقرار في ليبيا فإنه لن يتم تنظيم تدفقات الهجرة».
إلى ذلك، أعلنت الحكومة الكورية أنها أرسلت سفينة حربية إلى ليبيا، لضمان إطلاق سراح مواطنها الذي اختطف بالأراضي الليبية الشهر الماضي، لافتة إلى أنها تواصل التعاون الوثيق مع الحكومة الليبية والدول الحليفة لها من أجل سلامته.
ونقلت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء، عن كيم وي - كيوم، المتحدث باسم المكتب الرئاسي، أنه تم الكشف عن مقطع فيديو يُظهر من يبدون أنهم ضحايا الاختطاف بعد مرور نحو شهر من وقوع العملية، ومنهم رجل يدّعي أنه كوري، قال باللغة الإنجليزية «أرجوك ساعدني رئيس بلدنا كوريا الجنوبية». وبعدما أوضح المتحدث أن الرئيس مون جيه – إن، أمر ببذل قصارى الجهد لإنقاذه باستخدام جميع قدرات الدولة، أكد أنه تم على الفور إرسال وحدة «تشونغ هيه» العسكرية، التي كانت تقوم بمهامها في خليج عدن إلى المياه القريبة من ليبيا.
وقالت مصادر بوزارة الخارجية في سيول للوكالة إن مجموعة مسلحة في ليبيا خطفت مواطناً من كوريا الجنوبية، ضمن أربعة أجانب كانوا في محطة لتنقية المياه بالمنطقة الغربية من ليبيا في السادس من الشهر الماضي.
وحسب «يونهاب» فإنه لم يتم التأكد من هوية الخاطفين، كما لم يتم التأكد مما إذا كانت هناك أي مطالب مقابل إطلاق سراح المختطفين.
وشكّلت سفارة كوريا الجنوبية لدى ليبيا فريق الاستجابة للطوارئ بقيادة سفيرها، ودعت السلطات ذات الصلة في ليبيا، مثل وزارتي الخارجية والداخلية، إلى التعاون من أجل إنقاذ المواطن الكوري. كما حثت الحكومة السلطات الليبية على التعاون، كاشفةً عن اتصالات تجريها لإنقاذ المواطن من خلال القبائل المحلية التي قد تؤثر على الخاطفين.
وأرسلت وزارة الدفاع الكورية وحدة كانت تقوم بمهامها في خليج عدن، إلى المياه القريبة من ليبيا مساء يوم وقوع الحادثة، بموجب أمر رئاسي، علماً بأن البارجة «مونمو الأكبر»، التي تشارك في عمليات مكافحة القرصنة في خليج عدن، كانت في طريقها إلى ليبيا.
وقال متحدث باسم الوزارة إنه بالإضافة إلى «قيامها بمهمة حماية السفن التجارية، تستعد (البارجة) لجميع الفرضيات، ومنها الحاجة إلى تقديم دعم عسكري».
في السياق ذاته، أكدت حكومتا الفلبين وكوريا الجنوبية ظهور مواطنيها في شريط فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع، كانت قد نشرته وسائل إعلام محلية، وبثه أيضاً الموقع المختص برصد المواقع المتطرفة، حيث يظهر الأربعة وهم يخاطبون الكاميرا بالإنجليزية، فيما يظهر خلفهم مسلح جالس على الرمال، لكن الخاطفين لم يعلنوا هويتهم، كما لم تتبنَّ أي جهة المسؤولية، ولم يتضح تاريخ التصوير.
وقال إيلمر كاتو، المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الفلبينية، إن «سفارتهم في طرابلس أكدت أن الرجال الثلاثة في التسجيل هم الفنيون الفلبينيون الذين خطفهم مسلحون في ليبيا الشهر الماضي».
إلى ذلك، أكدت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني، أن ليبيا لن تسمح بتوطين المهاجرين على أراضيها، داعيةً في المقابل إلى إيجاد حلول تنموية أخرى، مثل إيجاد فرص عمل لهؤلاء المهاجرين في بلدانهم.
ورأت الوزارة في بيان لها أن ليبيا ليست إلا دولة عبور، ولا يمكن لها مواجهة هذه الظاهرة بمفردها. مشيرةً إلى ضرورة تضافر الجهود الدولية كافة، والعمل المشترك لتأمين الحدود للدول المجاورة والتي يعبر خلالها المهاجرين.
كانت القوات البحرية الليبية قد أعلنت إنقاذ 574 مهاجراً غير شرعي قبالة سواحل البلاد، عبر ثلاث عمليات منفصلة، إذ قال أيوب قاسم المتحدث باسمها، إنه تم انتشال المهاجرين من قاربين قرب مدينة الزاوية، وقارب آخر قبالة القرة بوللي، مشيراً إلى أن المهاجرين قَدِموا من دول جنوبي الصحراء الكبرى ودول عربية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».