رحيل جوان فونتاين يمر هادئا

جوان فونتاين (مغ غاري غرانت) في «ارتياب».
جوان فونتاين (مغ غاري غرانت) في «ارتياب».
TT

رحيل جوان فونتاين يمر هادئا

جوان فونتاين (مغ غاري غرانت) في «ارتياب».
جوان فونتاين (مغ غاري غرانت) في «ارتياب».

* بفارق ساعات، توفيت أيضا الممثلة الأميركية جوان فونتاين عن 96 سنة، ومر موتها هادئا حيال العاصفة التي شهدتها الوسائل الإعلامية (تلفزيون، وإنترنت، وصحافة) في أعقاب وفاة بيتر أوتول.
جوان فونتاين كانت نجمة الأربعينات والمخرج ألفريد هيتشكوك منحها بطولة فيلمين هما «ربيكا» (1940) و«ارتياب» (1941) وذلك بعدما كانت أمضت ست سنوات من التمثيل انطلاقا من فيلم «لا سيدات بعد الآن» وهو كوميديا رومانسية اشترك في إخراجها إدوارد غريفيث (غير و.د. غريفيث) وجورج كيوكر سنة 1935. حتى «ربيكا»، كان معظم أفلامها كوميديا وموسيقيا بما فيها فيلم آخر لجورج كيوكر هو «النساء» (1939) لجانب نورما شير وجوان كروفورد وروزيلاند راسل وبوليت غودار وماري بولاند. بعده «ربيكا» أقدمت على الدراما أكثر، فهي نجمة فيلم «جين آير» (1944) و«علاقة سبتمبر» (1950) و«إيفانهو» (1952) و«جزيرة في الشمس» (1957) بين أخرى كثيرة.
علاقة جوان فونتاين بالأوسكار كانت مثمرة. فهي من بين ثلاث ترشيحات (الأول عن «ربيكا» نفسه) نالت الأوسكار عن دورها في «ارتياب». لكن علاقتها بشقيقتها الممثلة أوليفيا دي هافيلاند (ما زالت حية في السابعة والتسعين من عمرها وتعيش منعكفة في مدينة باريس) كانت متعبة. في الواقع، حدث هذا التنافر بينهما منذ أن كانتا طفلتين واستمر حتى منتصف السبعينات عندما توقفا عن تبادل الكلام أو الزيارات. زاد العلاقة فتورا أن الممثلتين تنافستا على الأوسكار في عام 1942 ففي الوقت الذي تم فيه ترشيح فونتاين لأوسكار أفضل ممثلة رشحت أوليفيا دي هافيلاند للأوسكار أيضا عن فيلم «أجل الفجر» Hold Back the Dawn. فوز فونتاين على شقيقتها صاحبه فوزها أيضا على الممثلات القديرات بيتي ديفيز عن «الثعالب الصغيرة» وغرير غارسون عن «براعم في الغبار» وباربرا ستانويك عن «كرة النار».
آخر ظهور لفونتاين على الشاشة الكبيرة حدث سنة 1966 في «الساحرات» لكنها ظهرت في كثير من الأفلام والبرامج التلفزيونية حتى عام 1994 وهي نالت جائزة إيمي سنة 1980 عن دورها في «أمل رايان» وبعد عامين كانت عضوة لجنة تحكيم مهرجان برلين السينمائي.
بعيدا عن التمثيل كانت تجيد قيادة الطائرة وتصميم الديكور وفي عام 1978 وضعت كتابا حول حياتها سمته «لا سرير ورود» تناول أفلامها كما خلافاتها مع شقيقتها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».