غموض حول فقدان واستعادة دورية عسكرية مصرية قرب السودان

القاهرة تتحفظ... والخرطوم تؤكد استعادتهم من خاطفين بليبيا

TT

غموض حول فقدان واستعادة دورية عسكرية مصرية قرب السودان

خيم الغموض على ملابسات فقدان واستعادة دورية عسكرية مصرية، في منطقة متاخمة لنقطة التقاء حدود مصر من شمال السودان وجنوب ليبيا. وفي حين أعلنت القاهرة، بشكل مفاجئ، مساء أول من أمس، عن عودة «الدورية المفقودة» بمعاونة بين القوات المسلحة في مصر والسودان، تحدثت الخرطوم عن أنه تم تحرير الجنود بعد «اختطافهم من قبل متفلتين» بجنوب ليبيا.
وتقدم المتحدث العسكري المصري، العقيد تامر الرفاعي، في بيان مقتضب، بـ«شكر وتقدير القوات المسلحة المصرية للقوات المسلحة السودانية وأجهزة الأمن في معاونة القوات المسلحة المصرية في عودة الدورية المفقودة».
ولم يتضمن البيان المصري مزيداً من التفاصيل بشأن تعداد الدورية أو موعد اختفائها، وكيفية استعادتها.
وفضل مصدر مصري مسؤول، وآخر كان يشغل منصباً رسمياً رفيعاً، تحدثا إلى «الشرق الأوسط»، «عدم ذكر مزيد من التفاصيل عن الأمر، والاكتفاء ببيان القوات المسلحة».
وأعلن الرئيس المصري، مطلع الأسبوع الحالي، خلال مؤتمر للشباب في القاهرة، أن مصر «تدمر يومياً سيارات محملة بالذخائر والأسلحة والمهربين»، وأضاف: «لا يقل عن 2000 سيارة تم تدميرها خلال آخر عام ونصف العام، وتم إرسال قوات خاصة على الحدود الغربية مع ليبيا».
وفي مقابل ذلك، قالت وكالة الأنباء السودانية، إن «جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني حرر مجموعة عسكرية مصرية كان تم اختطافها على الحدود الليبية المصرية بواسطة مجموعة ليبية متفلتة، وجرى تحرير المجموعة بتنسيق محكم بين جهاز الأمن والمخابرات الوطني ووحدة الاستخبارات العسكرية والمخابرات المصرية».
كما نقلت الوكالة عن العميد محمد حامد تبيدي، مدير إدارة الإعلام بجهاز الأمن والمخابرات الوطني قوله، في تصريح بمطار الخرطوم عقب وصول المجموعة العاصمة السودانية، أن العملية «أسفرت عن تحرير خمسة أشخاص، وأنه جرى تسليمهم إلى السلطات المصرية».
وعدّ تبيدي أن «العملية تدل على التنسيق المحكم بين الجهازين من أجل خدمة الاستقرار والأمن في البلدين».
ولم تحدد البيانات الرسمية السودانية أو المصرية، مصير الخاطفين، أو توضيحاً لمدة تنفيذ العملية.
وفي 20 يوليو (تموز) الماضي، عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره السوداني عمر البشير، قمة ثنائية، في الخرطوم، بحضور كبار مسؤولي البلدين، وأكدا الاتفاق على «تطوير العلاقات بين الدولتين، والتوجه للتنسيق الكامل بينهما، والسعي المستمر لدعم المصالح الاستراتيجية بين الشعبين والدولتين في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.