عروض بهلوانية لسلاح الجو المغربي في مناسبة عيد الجلوس

الأميرات ترأسن حفل عشاء في قصر مرشان في طنجة

جانب من عروض فرقة «المسيرة الخضراء» للطيران البهلواني التابعة للقوات الجوية الملكية المغربية
جانب من عروض فرقة «المسيرة الخضراء» للطيران البهلواني التابعة للقوات الجوية الملكية المغربية
TT

عروض بهلوانية لسلاح الجو المغربي في مناسبة عيد الجلوس

جانب من عروض فرقة «المسيرة الخضراء» للطيران البهلواني التابعة للقوات الجوية الملكية المغربية
جانب من عروض فرقة «المسيرة الخضراء» للطيران البهلواني التابعة للقوات الجوية الملكية المغربية

ترأست أميرات المغرب مأدبة عشاء في قصر مرشان بطنجة، أقامها العاهل المغربي الملك محمد السادس على شرف المدعوات بمناسبة ذكرى عيد الجلوس الـ19.
وعمّت منطقة الريف المغربي (شمال البلاد) مظاهر الاحتفال، ونظمت سهرات وأنشطة متنوعة بهذه المناسبة في مدن وقرى المنطقة، وعرفت الليلة قبل الماضية على طول الشريط الساحلي بين مارتيل والمضيق على البحر الأبيض المتوسط استعراضاً فنياً لفرقة «المسيرة الخضراء» للطيران البهلواني، التابعة للقوات الجوية الملكية. وتوافد إلى موقع العروض آلاف المشاهدين للاستمتاع باللوحات البديعة والحركات الصعبة التي أداها بإتقان كبير ربابنة سرب طائرات فرقة الطيران البهلواني (المسيرة الخضراء) الذين أبدعوا بتقديم العروض.
وقدمت الفرقة مجموعة من الحركات الالتفافية الجماعية والفردية، وحركات الطيران بالتوازي أو التقاطع، وقد تجاوب معها الجمهور بالتصفيق والهتاف، تعبيراً عن الإعجاب.
وكعادتهم، أبان ربابنة «المسيرة الخضراء» عن تحكم كامل في سرعة الطائرات واتجاهها التي رسمت في السماء الصافية لوحات هندسية بديعة، حيث ازدانت سماء المدن التي حظيت باستقبال هذا الاستعراض الجميل.
واشتمل الاستعراض الجوي على لوحات جماعية، قدمتها خلاله الطائرات السبع المشاركة بمجموعة من الحركات الصعبة قبل التحليق على علو منخفض، والطيران بشكل دائري، وتنفيذ حركة التحليق الصعودي الجماعي ثم الافتراق.
وتعاقبت فقرات الاستعراض الجوي بحركات أخرى لا تقل صعوبة من قبيل «الحلقة في المرآة»، وهي لوحة جعلت فرقة الطيران البهلواني (المسيرة الخضراء) تخلد اسمها في كتاب غينيس للأرقام القياسية منذ سنوات، تلتها حركة «الحلقة اللولبية». كما نفذ طيارو سرب فرقة «المسيرة الخضراء» عروضاً أثارت الإعجاب، وقدمت عروضاً فردية ممتعة على علو منخفض، وكذا على علو متوسط، وقد برعوا في أداء حركات متنوعة بين الصعود والاستدارة السريعة، والانحراف الصعودي المفاجئ، والدورات البهلوانية الأفقية والعمودية.
واختتمت فرقة «المسيرة الخضراء» هذا العرض الجوي الباهر بتقاطعات متعددة ومتشابكة من جميع الجهات، ثم تشكيل لوحة النخلة، قبل القيام بتحليق جماعي قبل الافتراق على شكل مظلة، إعلاناً عن اختتام العرض الذي تحرص خلاله الفرقة البهلوانية كل سنة على تقديم الجديد.
وتأسست فرقة الطيران البهلواني (المسيرة الخضراء)، التابعة للقوات الملكية الجوية، سنة 1984، بأمر من الملك الراحل الحسن الثاني، وتعهدها وريث سره الملك محمد السادس بصابغ عنايته ودعمه، وتستعمل الفرقة طائرات مصممة خصيصاً للطيران الاستعراضي، وهي معروفة بقدرة دفعها الكبيرة على القيام بمناورات حادة بشكل سلس.
وفي تطوان، عاش سكان المدينة على وقع احتفالات كبرى تميزت بطواف المشاعل التقليدي، وبعرض للشهب النارية، وسهرة للجوق السيمفوني الملكي، تخليداً لاحتفالات الذكرى التاسعة عشرة لجلوس الملك محمد السادس على العرش.
وانطلقت الاحتفالات بطواف المشاعل الذي قدمته تشكيلات الحرس الملكي، المؤثثة للحدث البارز بهذه المناسبة، حيث قدمت عروضاً جماعية بديعة.
وجابت تشكيلات من موسيقيي ومشاة وخيالة الحرس الملكي أهم ساحات وشوارع مدينة تطوان، انطلاقاً من ساحة المشور السعيد، وسط المدينة، إلى غاية ساحة مولاي المهدي، على وقع نغمات عسكرية وأخرى من ريبرتوار الأناشيد والأغاني الوطنية الحماسية التي تؤرخ لفترات مجيدة من تاريخ المغرب.
وجلبت تشكيلة الحرس الملكي أيضاً إعجاب المتابعين، بتنسيقها المتوازن في حركات عناصرها المتناغمة، وجمالية عروضها، في انسجام تام بين الحركات الاستعراضية والإيقاعات الموسيقية للفرقة النحاسية للحرس الملكي. كما قدّمت بالمناسبة لوحات استعراضية، امتزجت فيها الحركات المتداخلة والمتقاطعة بين التشكيلات التي تميزت بالتناسق، سواء من حيث الأداء الفردي أو الجماعي، كلوحات فنية راقت للمتتبعين.
إثر ذلك، شاركت كل من تشكيلة القوات الجوية الملكية والفيلق الموسيقي للدرك الملكي في هذه الاحتفالات، ولم تفوت الجماهير الفرصة للتفاعل مع عدد من الأغاني الوطنية المقدمة بالمناسبة، وفي مقدمتها ملحمة «نداء الحسن»، إذ صدحت حناجر آلاف المتابعين، شيباً وشباباً، نساءً ورجالاً، بكلمات هذه الأغنية الحماسية الخالدة.
وفي تمام الساعة الحادية عشرة ليلاً، ازدانت سماء تطوان بعرض باهر للشهب النارية، واختتمت هذه الاحتفالات بعرض لموسيقى الجاز، من أداء الجوق السيمفوني الملكي الذي أضفى ألقاً متجدداً على أشهر مقطوعات الجاز، في سهرة برحاب ساحة مولاي المهدي، وسط مدينة تطوان.
ونجح الجوق بحرفية وفنية عاليتين، خلال هذه التظاهرة الموسيقية التي تندرج في سياق الاحتفال بـ«عيد العرش»، في إعادة الحياة لأشهر معزوفات هذه الموسيقى التي غالباً ما ارتبطت بالصالونات المخملية، لتقدمها بشكل فريد للمستمعين.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».